في ذكرى ميلاده الـ130.. تعرف على وصية الموسيقار سيد درويش قبل وفاته
تحل اليوم الخميس، الذكرى الـ 130 لميلاد الموسيقار الشهير سيد درويش والمولود في 17 مارس عام 1892، لأسرة متوسطة الحال، بحي كوم الدكة بمحافظة الإسكندرية والتحق بأحد الكتاتيب وعمره 5 أعوام وحفظ القرآن الكريم وتلقى العلم.
وبعد وفاة والده وهو في سن الـ7 من عمره، قامت والدته بإلحاقه بإحدى المدارس، وظهرت موهبته الفنية في المدرسة من خلال الإنشاد مع أصدقائه ألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري واشتهر بالغناء على المقاهي.
ونظرًا لمتوسط حال أسرته وعدم قدرتها على تحمل تكاليف تعليمه، انتسب إلى أحد المعاهد الدينية لأحد مساجد الإسكندرية عام 1905، وهو مسجد أبو العباس المرسى حيث حفظ القرآن وأتم تجويده.
وبعد تخرجه من المدرسة الدينية، حصل على لقب الشيخ سيد درويش ودرس لمدة عامين بالأزهر الشريف، وترك دراسته للتفرغ للموسيقى والغناء ودخل مدرسة الموسيقى، حيث أُعجب به مدرس الموسيقى سامى أفندي من خلال مواهبه، وشجعه على استكمال دراسته وموهبته في مجال الموسيقى.
وتزوج سيد درويش وهو في السادسة عشرة من العمر، وأصبح مسؤولًا عن عائلة، وعمل مع الفرق الموسيقية، لكنه لم يوفّق، فاضطر أن يشتغل عامل بناء، وكان سيد درويش يحرص خلال عمله بمهنة البناء، على الغناء، فيلهب العمال وأصحاب العمل.
وأثناء غنائه ذات مرة، تصادف وجود الأخوين أمين وسليم عطا الله، أشهر المشتغلين بالفن، بأحد المقاهي القريبة من الموقع، الذي كان يعمل به، فأعجبا بصوته واتفقا معه على أن يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام في نهاية عام 1908، ثم عاد إلى الشام في عام 1912 واستمر بها حتى عام 1914، تمكن خلال الفترة من إتقان أصول العزف، على العود وكتابة النوتة الموسيقية، ولحن أول أدواره “يا فؤادي ليه بتعشق”.
ولامع نجم سيد درويش بعد انتقاله للقاهرة عام 1917 وقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية بشارع عماد الدين من بينهم، فرقة نجيب الريحاني، وجورج أبيض وعلى الكسار.
كانت أولى ألحانه أغنية “زوروني كل سنة مرة، حرام تنسوني بالمرة، يا فؤادي ليه بتعشق، اهو ده اللي صار، سلمى يا سلامة، أنا هويت، الحلوة دى قامت تعجن، بلادي بلادي”، وقدم أغنية "قوم يا مصري مصر دايما بتناديك"، أثناء قيام ثورة 1919، ولا تزال معظم أغانيه محفورة بالأذهان حتى الآن، وانتشر سيد درويش بين أفراد الشعب بسبب أن لكل لحن قصة.
وشارك الشيخ سيد درويش في إقامة أول حفلة له بالقاهرة من خلال مقهى الكونكورديا، وشهد الحفل حضور أكثر فناني القاهرة، ومن بينهم الممثلون والمطربون، على رأسهم إلياس نشاطي، إبراهيم سهالون الكمانجي وجميل عويس حتى وصل عدد الفنانين المستمعين أكثر من عدد الجمهور المستمع.
ونجح فنان الشعب سيد درويش للمرة الأولى، في إدخال "الغناء البوليفوني" في أوبريت العشرة الطيبة وأوبريت شهرزاد والبروكة للموسيقى.
وتعاون الموسيقار الشاب مع أكبر الموسيقيين الإبداعيين بمجال الفن والطرب والغناء في العصر الحديث، وتخرج من مدرسته عشرات الفنانين، وعبر عن صوت الفلاح، العامل، الموظف، الشيال والجرسون ولقب بصوت ثورة 1919، وهو صاحب أغنية “يلا بينا على باب الله يا صنايعية " والتي قدمها إلى العمال الحرفيين يناشدهم العمل.
وأسفر تعاون سيد درويش، مع بديع خيرى عن تراث كبير من الأعمال الفنية والوطنية، التي لحنها وغناها سيد درويش وكتبها بديع خيرى، ومنها أغاني ثورة 1919 "دنجى.. دنجى، مخسوبكوا أنداس، شد الحزام على وسطك، يا حلاوة أم إسماعيل، هز الهلال يا سيد، الحلوة دي قامت تعجن، البحر بيضحك ليه، اقرأ يا شيخ فقاعة تلغراف آخر ساعة، آه ده اللى صار".
وبدأ تعاونهما من خلال لحن سيد درويش، أحد أزجال بديع خيرى المنشورة بأحد المجلات قبل أن يراه وهو ما يعتبر عمل قبل اللقاء.
وبدأت علاقتهما عندما حضر من الإسكندرية ليشارك بوضع موسيقى وأغاني "مسرحية فيروز شاه" على مسرح جورج أبيض، وبمجرد ذكر اسمي كبديع خيري، احتضني سيد درويش قائلًا: "أنا لحنتلك حاجة كانت منشورة في جريدة السيف الأسبوعية".
وتعاونا بعد تلحين سيد درويش أغنية "دنجى دنجى" وأصبح من العاملين بمسرح الريحاني وفور انضمامه عام 1918 عملاً معاً خلال فترة ثورة 1919.
وكان له دورًا كبيرًا في ربط الفن بالسياسة والحياة الاجتماعية، ومقاومة الظلم والاستعمار بالفن ومساندة الطبقات الشعبية الفقيرة، واقتبس من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل من غناء نشيد "بلادي بلادي"، وكان أول من استخدم الفن والموسيقى بهدف الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي.
وظهر دور سيد درويش عام 1920 عندما قام بتلحين "النشيد الوطني، بلادى.. بلادى.. بلادى، من كلمات محمد يونس القاضي.
وكان يتصدر الجماهير في قلب المسيرات والمظاهرات من خلال هتافته بصوته الجهوري، "الاستقلال التام أو الموت الزؤام" مما كان له بالغ الأثر في اشتعال الحماس لدى الجماهير وعرف ببصمته الموسيقية الأهم في ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني من أجل الاستقلال، وكانت معظم أغانيه تهدف لصحوة الضمير الوطني وتحريك الشارع المصري.
وجاء تعاون بديع خيرى مع سيد درويش من خلال كتابة أشهر أغاني ثورة 1919، "أغنية قوم يا مصري" والتي كانت سببًا في تحرك المصريين وتحفيزهم ضد الاحتلال واعتزازهم بكونهم مصريين.
أميرة سليم تحتفل بمرور 130 عامًا على ميلاد سيد درويش
واحتفلت السوبرانو أميرة سليم، بالذكرى الـ130 لميلاد فنان الشعب سيد درويش من خلال طرحها كليبها الجديد، تحت عنوان "نوستالجيا" عبر قناتها الرسمية على موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" وحساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، واستوحت الكليب من أغنية "إيه العبارة" لفنان الشعب، وعبرت عن احتفالها من خلال مشاركتها أمس الأربعاء مع الإعلامية منى الشاذلي من خلال برنامج "معكم" والمذاع عبر شاشة قناة CBC.
وشاركت أميرة والدتها مارسيل متى، لاختيار العمل وتسجيله في الاستوديو في يونيو من العام الماضي من خلال عزف والدتها على البيانو بدون كلمات، ثم قامت بتصويرها من خلال طريقة الفيديو كليب في العاصمة الفرنسية باريس مع المخرج مدحت سعودي وإنتاج فرنسي لشركة So Freakantastik لصاحبها أوليفيه دليس وهشام عبدالخالق.
ويعتبر نوستالجيا عمل فني يمثل 3 أجيال، يتمثل الأول في جيل أحد أعظم الموسيقيين المصرية الأصيلة وهو جيل سيد درويش، جيل مارسيل متى أول عازفة بيانو مصرية بدار الأوبرا الخديوية، أول أستاذ بيانو مصري بمعهد الموسيقى بأكاديمية الفنون ثم جيل أميرة سليم بمشوارها الفني الكبير ووقوفها على مسارح أوروبية متعددة مستعينة بتاريخ أجدادها من خلال أعمالها الفنية الرائعة.
وفاته
وتوفى الشيخ سيد درويش في 10 سبتمبر عام 1923 عن عمر ناهز 31 عامًا، بعدما اشتهر بتقديم 40 موشحا و100 طقطوقة و30 رواية مسرحية وأوبريت، ولم يعرف بعد سبب وفاته وتعدد الأقاويل بين تارة توفى بعد تعرضه للتسمم، سكته قلبية بينما جاءت التفسيرات الأخرى بأنها نتيجة لجرعة زائدة من المخدرات، ولكن سرعان من خرج أحفاده لنفي تلك الرواية من خلال الاستعانة بخطاب مكتوب بخط اليد يقول فيه لصديقه، أنه اقلع عن السهر وكل ما يصاحبه، ونصيحته لصديقه بضرورة التخلي عنهم، إضافة لمذكرات بديع خيرى التي أكدت على أن الشيخ سيد درويش أقلع عن المخدرات، وهو ما ظهر بوضوح من خلال أغانيه التي تنصح الشعب بالابتعاد عن المخدرات، حتى دفن في حديقة الخالدين بالإسكندرية موطن رأسه.
وصيته على قبره
“يا زائري لا تنساني من دعوة صالحة، وارفع يدك إلى السماء واقرأ لروحي الفاتحة”، حيث دونت على قبره بـمقابر المنارة بالإسكندرية.
