رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الذهب يتجاهل ارتفاع أسعار الفائدة.. فما الذي يقود صعوده؟

نشر
الذهب
الذهب

ما الذي يحدد سعر الذهب؟ خلال أغلب العقد الماضي كانت الإجابة سهلة، إنه العائد على المال. فكلما انخفضت أسعار الفائدة، ارتفع سعر الذهب، والعكس صحيح .

الذهب في جوهره "نقيض للدولار" فهو ملاذ يلجأ إليه من لا يثقون في العملات الورقية، لذلك فمن الطبيعي أن ترتفع أسعار المعدن الأصفر عندما تنخفض أسعار الفائدة الحقيقية والدولار.

وقال موقع «بلومبرج» في تقريره عندما ترتفع أسعار الفائدة، يصبح الذهب، الذي لا يدر عائداً، أقل جاذبية بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى انخفاض أسعاره.

تفكك العلاقة بين الذهب والفائدة


مع ارتفاع أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية، لم يتراجع الذهب إلا بالكاد. وقفزت العوائد الحقيقية -التي تُُقاس بسندات الخزانة لأجل عشر سنوات المحمية من التضخم- مرة أخرى يوم الخميس إلى أعلى مستوى منذ 2009، في حين لم ينخفض الذهب الفوري إلا 0.5٪ في اليوم نفسه. في المرة الأخيرة التي كانت فيها أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة إلى هذا الحد، كان سعر الذهب نحو نصف سعره حالياً.

قد يمثل تفكك العلاقة بين الذهب وأسعار الفائدة الحقيقية نقلةً نوعيةً للمعدن الثمين، مما يجعل المستثمرين يجدون صعوبة في حساب "قيمته العادلة" في عالم المعادلات القديمة غير قابلة للتطبيق فيه على ما يبدو. كما أنه يثير تساؤلات عما إذا كانت الآلية القديمة قد تعيد تأكيد نفسها ومتى- أو ما إذا كانت قد فعلت ذلك بالفعل، انطلاقاً فقط من قاعدة جديدة.

ما الذي يرفع الأسعار؟


يشير محللون إلى مزيج من عمليات الشراء المحمومة التي تقوم بها البنوك المركزية -بقيادة الصين- والمستثمرون الذين ما زالوا يراهنون على أن تباطؤ الاقتصاد الأميركي سيكون مفيداً للذهب، حتى عندما تقول قواعد اللعبة المعتادة أن الوقت قد حان للبيع.

قال ماركو هوكست، مدير المحافظ في بيرينبيرج (Berenberg): "أخبرتنا نماذجنا أن سعر 200 دولار باهظ". ومع ذلك، فإن الصندوق المتوازن المتعدد الأصول التابع للشركة والذي تبلغ قيمته 319 مليون يورو (340 مليون دولار) والذي يساعد في إدارته، لا يزال يحتفظ بنحو 7% من أصوله من الذهب". وأضاف "من وجهة نظرنا المستقبل أكثر جاذبية للذهب".

هناك العديد من النماذج أو الحسابات المختلفة لتقييم القيمة العادلة للذهب -كثير من المحللين يصنعون نماذجهم الخاصة- ولكن في جوهرها، يعكس معظمها المبادئ الأساسية لمكان تداول السبائك مقارنة بعوائد السندات الأميركية الحقيقية والدولار. في العادة، يبيع مديرو الأموال الذهب مع صعود الدولار وارتفاع فوائد الأصول الآمنة الأخرى مثل السندات والنقد.

لكنهم لم يفعلوا ذلك على النطاق المتوقع، مما أوجد علاوة" كبيرة إلى حيث تقول النماذج إنه ينبغي البيع.

قال أنتوني ساجليمبيني، كبير استراتيجيي السوق في "أميريبريزي فايننشال" (Ameriprise Financial): "لا أحصل على عائد على الذهب، ولكن يمكنني الحصول على عائد على النقد. أين سأذهب؟ وفي هذا الصدد، أنا مندهش من مدى صمود الذهب".

موجة شراء محمومة


"العلاوة" صامدة منذ أكثر من عام، إذ إن موجة شراء البنوك المركزية القياسية للذهب، ساعدت المعدن النفيس على تحمل تشديد السياسة النقدية على مستوى العالم.

ثمة دلائل أولية على أن الطلب السيادي بدأ في التباطؤ، مما يجعل الذهب أكثر عرضة للانكماش. وسيكون الأمر الحاسم بالنسبة للتوقعات هو أن يقرر المستثمرون المؤسسيون البيع إذا شهدت الأسعار مستويات منخفضة جديدة.

مع ذلك، يرى محللون أنه بدلاً من انهيار علاقة الذهب مع محركاته الرئيسية بالكامل، أُعيد ببساطة ضبطها على قاعدة أعلى.

قد يسمح ذلك لها بتسجيل رقم قياسي إذا انخفضت العوائد أو الدولار مرة أخرى، وفق ماركوس غارفي من "ماكواري" (Macquarie)، الذي يتوقع ارتفاع الأسعار إلى 2100 دولار للأوقية العام المقبل مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي.

دفعة قوية للذهب


قال غارفي: "لقد حدث ارتفاع شديد في سعر الذهب الاسمي. وبمجرد تلقي دعم من التدفقات المالية، أعتقد أنها ستعطي دفعةً قويةً للذهب لأعلى".

ربما كان الاختبار الحقيقي هو الاضطرابات التي اجتاحت القطاع المالي في الولايات المتحدة في مارس. انخفضت العوائد الحقيقية والدولار مع تعثر "سيليكون فالي بنك"، مما أدى إلى تدفقات جديدة إلى الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب.

رغم تداوله بالفعل بعلاوة مرتفعة، ارتفع المعدن قرب الرقم القياسي الذي سجله خلال الجائحة، لكنه انخفض في النهاية مع انحسار الأزمة وبيع المستثمرين بأسعار أعلى.

العوائد المرتفعة تهدد الذهب


لكن هناك آخرون أكثر تشككاً في تكرار ذلك، خاصة مع تراجع التهديد بأزمة مصرفية وتقديم السندات عوائد كبيرة لأول مرة منذ سنوات. وبما أن الذهب يبدو باهظ الثمن نسبياً، فقد يجد صعوبة في جذب تدفقات هائلة حتى في ظل التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة.

قال ماركو بيرسيموني، المدير المشارك لصندوق "بيكتيت مالتي أسيت غلوبال أبورتيونيتي" (Pictet Multi Asset Global Opportunities) الذي تبلغ قيمته 6.2 مليار يورو، والذي قلص حيازته من المعدن الثمين إلى النصف في الاثني عشر شهراً الماضية: "هناك أصول أخرى مثل السندات الطويلة الأجل التي يمكن استخدامها في المحفظة لنفس غرض الذهب، ولكنها تدر عائداً.في البيئة الحالية، لا يُعد الذهب أصلاً مقنعاً للغاية للتنويع".

عاجل