رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

حصاد 2025: النقل تقود التنمية في مصر من خلال مشروعات عملاقة وغير مسبوقة

نشر
مستقبل وطن نيوز


شهدت وزارة النقل في مصر خلال عام 2025 نقلة نوعية غير مسبوقة، رسّخت مكانتها كأحد أهم محركات النهضة التنموية الشاملة، وركيزة أساسية لبناء الجمهورية الجديدة. فقد تحوّل هذا العام إلى علامة فارقة في تاريخ منظومة النقل، مع دخول مشروعات عملاقة حيز الخدمة الفعلية، وتقدم هائل في تنفيذ شبكات الجر الكهربائي، ومترو الأنفاق، والمونوريل، والقطار الكهربائي السريع، إلى جانب التوسع في مشروعات النقل الجماعي الأخضر المستدام، وفي مقدمتها مشروع الأتوبيس الترددي السريع BRT، فضلًا عن خطوات جادة نحو توطين صناعة النقل السككي، بما يعكس رؤية الدولة في بناء منظومة نقل ذكية، متكاملة، ومستدامة تخدم خطط التنمية الشاملة.


المونوريل.. أطول منظومة في العالم تدخل مرحلة التشغيل
مثّل عام 2025 الانطلاقة الحقيقية لأطول منظومة مونوريل في العالم، من خلال مشروعي مونوريل شرق النيل وغرب النيل، كأحد أعمدة النقل الكهربائي الذكي في مصر.

مونوريل شرق النيل «العاصمة الإدارية»: دخل مراحل التشغيل التجريبي النهائية في نوفمبر 2025، مع الإعلان عن استقبال الركاب مطلع يناير 2026. ويضم المشروع 22 محطة، تبدأ من محطة استاد القاهرة، مرورًا بمدينة نصر والتجمع الخامس، وصولًا إلى الحي الحكومي وحي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة.

مونوريل غرب النيل «6 أكتوبر»: تواصلت خلال عام 2025 وتيرة العمل المتقدمة بالمشروع بطول 43.8 كم، لربط مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، وتحقيق تكامل مباشر مع مترو الأنفاق وشبكة الطرق والمحاور الرئيسية.

وتعمل منظومة المونوريل بقطارات كهربائية ذاتية القيادة من طراز Innovia 300، معتمدة على نظام تحكم اتصالي متقدم CBTC، بما يضمن أعلى مستويات الأمان والكفاءة التشغيلية، ويعزز مفهوم النقل الأخضر الصديق للبيئة.
القطار الكهربائي السريع.. قناة تنمية جديدة على القضبان.

القطار الكهربائي السريع.. قناة سويس جديدة على قضبان
دخل مشروع القطار الكهربائي السريع مرحلة فارقة في 2025، مع بدء التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى من الخط الأول «العين السخنة – مطروح» بقطاع أكتوبر في نوفمبر الماضي، في مشروع وُصف بأنه «قناة سويس جديدة» على القضبان، لربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط.

وتبلغ أطوال شبكة القطار الكهربائي السريع نحو 2000 كم، عبر ثلاثة خطوط رئيسية:

الخط الأول: السخنة – العلمين – مطروح (660 كم)

الخط الثاني: 6 أكتوبر – الأقصر – أسوان – أبو سمبل (1100 كم)

الخط الثالث: قنا – سفاجا – الغردقة (175 كم)

وتستهدف الشبكة نقل نحو 2.5 مليون راكب يوميًا، إضافة إلى 12 مليون طن بضائع سنويًا، بما يسهم في خفض الاعتماد على النقل البري، وتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية، وتحقيق أعلى معدلات الأمان والسلامة.

وقد بلغت نسب تنفيذ الخط الأول نحو 67%، مع استمرار الأعمال في إنشاء السكة والأعمال الكهروميكانيكية، بالتوازي مع تنفيذ محطات الخط الثاني، وفقًا لتصريحات الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل.

محطة قطارات صعيد مصر «بشتيل».. بوابة جديدة للصعيد
تصدّرت محطة قطارات صعيد مصر «بشتيل» مشهد إنجازات 2025، بعد دخولها الخدمة الفعلية لتصبح المحطة المركزية لركاب خطوط الصعيد والمناشي. وتمتد المحطة على مساحة 57 فدانًا، لتكون أكبر من محطة مصر برمسيس بنحو ثلاثة أضعاف، بطاقة تصميمية تصل إلى 250 ألف راكب يوميًا.

وتضم المحطة مبنى رئيسي على مساحة 31 ألف متر مربع، وورش صيانة، وجراجات استثمارية، وتمثل حلقة وصل استراتيجية بين الصعيد وشبكة النقل الحضري بمحافظة الجيزة، فضلًا عن دورها في تخفيف الضغط المروري عن قلب القاهرة، وإعادة توزيع الحركة داخل العاصمة الكبرى.

مترو الأنفاق.. توسع حضري يخدم الملايين
شهد عام 2025 تقدمًا ملموسًا في مشروعات مترو الأنفاق، وعلى رأسها مترو الإسكندرية (أبو قير)، الذي يحوّل خط أبو قير التاريخي إلى مترو حضري حديث بطول 21.7 كم، يضم 20 محطة، ويخفض زمن الرحلة من 50 دقيقة إلى 25 دقيقة، مع رفع الطاقة الاستيعابية إلى 60 ألف راكب/ساعة/اتجاه.

كما استمرت أعمال التنفيذ المكثفة للمرحلة الأولى من الخط الرابع لمترو الأنفاق، الذي يربط مدينة 6 أكتوبر بمنطقة الأهرامات والجيزة ووسط القاهرة، باستخدام 4 ماكينات حفر نفقي عملاقة، مع الحفاظ على الحركة المرورية والمناطق السكنية أعلى مسار النفق.

ويجري بالتوازي دراسة المراحل اللاحقة للخط الرابع، لربط الفسطاط بالقاهرة الجديدة، ثم غرب القاهرة، وصولًا إلى العاصمة الإدارية الجديدة، في مشروع يُتوقع أن ينقل نحو 1.5 مليون راكب يوميًا بعد اكتماله.

الأتوبيس الترددي السريع BRT.. شريان أخضر يطوق القاهرة الكبرى
تواصل وزارة النقل تنفيذ مشروع الأتوبيس الترددي السريع BRT حول القاهرة الكبرى، والذي يُعد أحد أهم المشروعات القومية لتطوير منظومة النقل الجماعي الأخضر المستدام في مصر. ويبلغ طول المشروع 113 كم، ويشمل 48 محطة رئيسية، بالإضافة إلى مواقف ومحطة شحن رئيسية و3 محطات شحن فرعية، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل متكاملة.

المرحلة الأولى: بطول 35 كم، تمتد من محطة أكاديمية الشرطة حتى تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الزراعي، وتضم 14 محطة، وقد بدأ التشغيل التجريبي لها في الأول من يونيو 2025 لخدمة جمهور الركاب.

المرحلة الثانية: تضم 21 محطة، وتمتد من المشير طنطاوي حتى تقاطع طريق الفيوم، وتشمل 3 محطات بمحور المريوطية (الهرم– الملك فيصل– ترسا)، بالإضافة إلى محطة المتحف المصري الكبير على طريق الإسكندرية الصحراوي، ويجري تنفيذها حاليًا.

المرحلة الثالثة: تضم 13 محطة، وتمتد من الإسكندرية الزراعي حتى الإسكندرية الصحراوي، ومن المقرر تنفيذها عقب الانتهاء من أعمال التوسعة بتلك المسافة.

ويمثل مشروع BRT محورًا رئيسيًا في تحقيق التكامل بين وسائل النقل الجماعي، حيث يتبادل الخدمة مع مترو الأنفاق الخط الأول، ومترو الأنفاق الخط الثالث، والقطار الكهربائي الخفيف LRT، ليصبح أحد الشرايين الأساسية لحركة النقل داخل القاهرة الكبرى، ووسيلة فعالة للربط بين شرق العاصمة وغربها والعاصمة الإدارية الجديدة، عبر وسيلة نقل سريعة ونظيفة وآمنة.

النقل البحري: موانئ جديدة ومكانة مصر كقوة لوجستية
في مجال النقل البحري، شهدت مصرفي عام 2025 الافتتاح التجريبي لمحطة البحر الأحمر لتداول الحاويات في مرفأ السخنة، والذي يهدف إلى جعل ميناء السخنة مركزًا رئيسيًا في تجارة الترانزيت العالمية. كما حصل الميناء على شهادة موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان، مما يعكس التقدم الكبير في تطوير الموانئ المصرية.

نجاح مصر في تعزيز مكانتها البحرية عالميًا
في 28 نوفمبر 2025، فازت مصر بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية (IMO) في الفئة "C"، وهي المرة الـ23 منذ انضمامها للمنظمة، مما يعكس مكانتها البارزة في قطاع النقل البحري عالميًا، ويعزز دورها كقوة بحرية محورية في المنطقة والعالم.

مؤتمر النقل الذكي واللوجستيات والصناعة TransMEA
في إطار تعزيز التطور في قطاع النقل، شهد عام 2025 تنظيم معرض ومؤتمر النقل الذكي واللوجستيات والصناعة TransMEA تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تم الكشف عن عدد من المشاريع الرائدة. كان من أبرز هذه المشاريع أول أتوبيس برمائي يتم تصنيعه محليًا في مصر لخدمة قطاع السياحة، بالإضافة إلى أول قطار مترو ضمن القطارات الجديدة التي تم التعاقد عليها للخط الأول لمترو أنفاق القاهرة، إلى جانب أول قطار كهربائي سريع "فيلارو"، الذي سيكون جزءًا من شبكة القطارات السريعة في مصر.

تطوير الطرق والكباري المحيطة بالمتحف
شهدت مشروعات الطرق والكباري المحيطة بـ المتحف المصري الكبير في عام 2025 تسارعًا كبيرًا في أعمال التنفيذ، حيث تم العمل على تطوير الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى الذي يمتد بطول 110 كم. من أبرز التطويرات:

- رفع كفاءة كوبري 9 د وكوبري تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الصحراوي.

- توسعة كوبري تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الصحراوي، بالإضافة إلى تطوير الطريق السياحي المؤدي إلى المتحف.

- إنشاء كوبري زويل وتطوير المسافة من المريوطية حتى المنصورية.

تعد هذه المشاريع جزءًا من خطة متكاملة لتطوير شبكة الطرق في القاهرة الكبرى وتعزيز الربط بين المناطق السياحية والوجهات الثقافية المهمة في مصر.

توطين صناعة النقل.. من الاستيراد إلى التصنيع
لم يقتصر حصاد 2025 على تنفيذ المشروعات، بل امتد إلى توطين صناعة النقل السككي، من خلال إنشاء مصانع محلية مثل مصنع شرق بورسعيد وشركة «نيرك»، إلى جانب شراكات استراتيجية مع شركات عالمية كبرى مثل ألستوم وهيونداي روتيم، بهدف نقل التكنولوجيا، وتوفير العملة الصعبة، وفتح آفاق التصدير للأسواق الأفريقية والعربية.

2025 عام ترسيخ الجمهورية الجديدة على القضبان
يختتم قطاع النقل عام 2025 وقد انتقل من مرحلة التخطيط إلى مرحلة الحصاد، ومن الوعود إلى الواقع الملموس، عبر شبكة مشروعات عملاقة أعادت رسم خريطة الحركة والتنمية في مصر. فقد أصبحت القطارات والمترو والمونوريل والأتوبيس الترددي شرايين حقيقية للتنمية، تحمل ملايين المواطنين يوميًا، وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والعمران، وتؤكد أن ما تحقق لم يكن مجرد تطوير للبنية التحتية، بل تأسيس لمنظومة نقل حديثة تواكب طموحات الدولة، وتخدم أجيال الحاضر والمستقبل بثقة واستدامة

عاجل