فوكس نيوز: الرسوم الجمركية وحدها لا تنقذ الصناعة الأمريكية

وصفت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية في تحليل صحفي حديث السياسة الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها تشبه "العلاج بالصدمة" للنظام الاقتصادي العالمي. وأشار التقرير إلى أن الإفراط في استخدام هذا الأسلوب قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد العالمي، دون أن يعالج الأسباب الجذرية للمشكلات الاقتصادية.
هدنة مؤقتة تمنح فرصة للتقييم
وبعد خمسة أسابيع من تقلبات حادة شهدتها الأسواق العالمية، أعلنت الإدارة الأمريكية هدنة مؤقتة في حرب الرسوم، ما فتح الباب أمام إعادة تقييم فعالية هذه السياسات. ورغم ما خلفته الإجراءات الجمركية من اضطرابات في الأسواق، فقد أجبرت العديد من الدول، بما فيها تلك المتهمة بانتهاج سياسات تجارية غير عادلة، على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وهو ما اعتبره البيت الأبيض نجاحًا في حد ذاته.
الرسوم الجمركية كأداة ضغط دبلوماسي
يرتكز نهج ترامب في السياسة التجارية على استخدام الرسوم الجمركية كوسيلة ضغط لدفع الدول الأخرى إلى تخفيض حواجزها التجارية من خلال مفاوضات ثنائية. وقد بدأت بعض المؤشرات الإيجابية في الظهور، لا سيما في الاتفاق الأولي مع المملكة المتحدة.
أزمة أعمق من التجارة الخارجية
غير أن التحليل أشار إلى أن جذور الأزمة الاقتصادية الأمريكية لا تكمن فقط في السياسات التجارية الدولية، بل تمتد إلى الداخل الأمريكي، وخاصة في مجالات الضرائب والحوكمة. فمشكلة ما يُعرف بـ"الحزام الصدئ" – وهي المناطق الصناعية المتدهورة مثل شيكاغو وديترويت وسينسيناتي وبيتسبرج – تعود إلى سياسات حكومية خانقة للصناعة المحلية، لا إلى المنافسة الخارجية فقط.
وفي المقابل، تشهد ولايات مثل تكساس وتينيسي وكارولاينا نهضة صناعية لافتة بفضل ضرائب منخفضة وتنظيمات أقل صرامة، مما يبرز الدور المحوري للسياسات المحلية في تعزيز أو إضعاف القدرة الصناعية.
استخدام الرسوم لأهداف متعددة
لم يقتصر استخدام ترامب للرسوم الجمركية على الأهداف التجارية فقط، بل استخدمها أيضًا كورقة ضغط في قضايا أخرى مثل تأمين الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ومكافحة تهريب الفنتانيل، الذي أصبح السبب الأول للوفاة بين الشباب الأمريكي.
آثار جانبية مقلقة للاقتصاد
لكن "الدراما الجمركية"، كما وصفها التقرير، لم تخلُ من آثار جانبية مقلقة، شملت تراجع ثقة قطاع الأعمال، وانخفاض خطط الإنفاق الرأسمالي، بالإضافة إلى تقلبات كبيرة في أسواق السندات والذهب والأسهم، ما أدى إلى إرباك خطط الشركات والمستهلكين على حد سواء.
وأظهرت بيانات البنوك الفيدرالية الإقليمية واستطلاعات مديري المشتريات مؤشرات واضحة على التأثير السلبي لهذه السياسات، خاصة في ظل غياب وضوح حول مدى استمرارية أو تجميد الرسوم.
دعوة لمراجعة الاستراتيجية الجمركية
وأكد التحليل على ضرورة استغلال الهدنة الحالية لمراجعة استراتيجية الرسوم، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم "المتبادلة" التي يجب أن تعكس مبدأ المعاملة بالمثل بدقة. وشدد التقرير على أن إصلاح النظام الضريبي وتخفيف الأعباء التنظيمية هما مفتاح إعادة إحياء القاعدة الصناعية الأمريكية.
الرسوم وحدها لا تكفي
واختتم التقرير بتأكيده أن دبلوماسية الرسوم الجمركية قد تؤتي ثمارها إذا طُبقت بحكمة وبشكل مدروس، إلا أن النهوض بالاقتصاد الأمريكي يتطلب إصلاحًا شاملًا للسياسات المحلية، وليس مجرد الدخول في مواجهات تجارية مع الخارج.