البورصة السعودية تجذب شركات أمريكية كبرى وتعيد هيكلة المشتقات لتعزيز السوق

تسعى المملكة العربية السعودية بخطى متسارعة إلى تعزيز جاذبية سوقها المالية عبر استقطاب أكبر شركات التداول عالي التردد في العالم. وفي هذا الإطار، تمكنت المملكة من جذب أسماء بارزة مثل "سيتادل سيكيوريتيز" (Citadel Securities) و"هادسون ريفر تريدينغ" (Hudson River Trading)، وذلك ضمن خطة طموحة تهدف إلى تنشيط أكبر سوق للأسهم في الشرق الأوسط.
تعاون استراتيجي مع كبرى الشركات الأميركية
تعمل مجموعة "تداول" السعودية القابضة مع نخبة من أسرع شركات التداول الأميركي المتخصصة في الخوارزميات، لجمع رؤاها ضمن خطة لإعادة هيكلة سوق المشتقات المالية. وقد توسعت الحملات الترويجية التي تنظمها "تداول" لتشمل أسواقًا مهمة مثل اليابان والهند، إلى جانب الولايات المتحدة وأوروبا.
شركات عالمية تختبر خوارزمياتها في الرياض
تشهد السوق السعودية حراكًا متزايدًا من جانب شركات التداول فائق السرعة. فقد بدأت شركات مثل "تاور ريسيرش كابيتال" (Tower Research Capital) اختبار خوارزمياتها في البورصة، رغم عدم ظهورها رسميًا كصناع سوق حتى الآن. مع ذلك، يعكس نشاط هذه الشركات حرصها على تعزيز وجودها داخل السوق السعودي.
ورغم رفض ممثلي بعض هذه الشركات التعليق، فإن مشاركتها تشير إلى اهتمام عالمي متزايد بالتواجد في المملكة، خاصة من جانب اللاعبين المعتمدين على استراتيجيات التنفيذ الفائق السرعة.
التوجه نحو استقطاب التكنولوجيا منذ طرح أرامكو
بدأت السعودية خطواتها الجادة لاستقطاب شركات التداول الإلكتروني والخوارزمي منذ الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" في عام 2019، والذي بلغت قيمته 26 مليار دولار. ويندرج هذا التوجه ضمن إطار "رؤية 2030" التي تستهدف تعميق الأسواق المالية وتوسيع قاعدة المستثمرين الدوليين.
"وامض" تعزز البنية التحتية للتداول عالي التردد
في عام 2023، أطلقت وحدة التكنولوجيا التابعة لـ"تداول" والمعروفة بـ"وامض"، خدمات الاستضافة المشتركة التي تسمح بوضع خوادم شركات التداول بجوار محرك المطابقة في البورصة. وتُعد هذه الترقية خطوة أساسية لتمكين استراتيجيات التداول عالي التردد. كما استعانت "تداول" بشركة التكنولوجيا المالية "بيكو" (Pico) لربط البورصة بالأسواق العالمية وتعزيز بنيتها التقنية.
تعزيز العلاقات مع المستثمرين الدوليين
أنشأت البورصة السعودية قسمًا مخصصًا لإدارة علاقات المستثمرين الدوليين، لتعزيز التواصل مع المتداولين الكميين، وصناديق التحوط، وشركات التداول عالي التردد. وأشار محمد الرميح، الرئيس التنفيذي للبورصة، إلى أن أبرز فرص النمو حاليًا تأتي من الأسواق الآسيوية.
"تداول" بين البورصات الأعلى تقييمًا عالميًا
تُعتبر "تداول" حاليًا أكبر بورصة في الخليج، بمتوسط تداول يومي يقدر بنحو 1.7 مليار دولار حتى نهاية أبريل 2025. ويتداول سهم الشركة بمضاعف ربحية يبلغ 34 مرة، متفوقًا على بورصات عالمية مثل "CME" و"دويتشه بورصه"، ما يعكس ثقة المستثمرين بالنمو المستقبلي.
الفئة الأولى من شركات التداول أصبحت راسخة في المملكة
أكد يزيد الدميجي، الرئيس التنفيذي لـ"وامض"، أن شركات الفئة الأولى للتداول عالي التردد أصبحت مستقرة في السوق السعودي منذ إطلاق خدمات الاستضافة. وتعمل "وامض" حاليًا على تطوير المرحلة التالية من هذه الخدمات لاستقطاب شركات الفئة الثانية والثالثة.
نسبة تداول عالي التردد أقل من المتوسط العالمي
بحسب مسؤولي البورصة، يُشكل التداول عالي التردد حوالي 25% من إجمالي حجم التداول اليومي في "تداول"، وهي نسبة تقل عن نظيرتها في الأسواق العالمية، مثل بورصة "ناسداك" حيث تصل إلى 50%. ولا يزال عمق السوق ومعدل التدوير منخفضين مقارنةً بالمقاييس الدولية، وهو ما يحد من توسع استراتيجيات التداول الإلكتروني المتقدمة.
تحسين السيولة لجذب المزيد من الشركات
لتحسين السيولة وتعزيز تحديد الأسعار، استعانت "تداول" بشركات مثل "مورغان ستانلي السعودية" و"ميريل لينش السعودية" بصفة صناع سوق. ويسهم هذا الإجراء في تمهيد الطريق أمام دخول مزيد من شركات التداول عالي التردد التي يمكنها استخدام دفاتر تداولها الخاصة، دون القيود المصرفية التقليدية.
طرح منتجات جديدة لتوسيع أدوات التداول
ضمن جهود تطوير السوق، تعمل "تداول" على إطلاق صناديق استثمار متداولة جديدة ترتبط بالأسهم السعودية، وتشجيع المزيد من الشركات على الطرح في البورصة. كما تزداد شعبية أدوات جديدة مثل العقود الآجلة للأسهم الفردية والعقود المرتبطة بالمؤشرات، ما يعزز من قدرات المتداولين الكميين ومتعددي الأصول.
ويتوقع جارود يوستر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بيكو"، أن تشهد السوق السعودية قفزة قوية في السيولة خلال السنوات الخمس المقبلة، بفضل استكمال البنية التحتية واعتماد استراتيجيات متقدمة للتداول الإلكتروني.