رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

النفط الأميركي يقترب من 90 دولاراً للبرميل

نشر
مستقبل وطن نيوز

واصل صعود النفط تراجعه مع بحث المستثمرين عن محفز جديد يدعم زيادة الشراء.

ففي حين أن بعض شحنات الخام المادية تحقق علاوات سعرية ضخمة، كما أن فروق الأسعار الزمنية عند أعلى مستوياتها منذ عام –في إشارة إلى ندرة المعروض– فإن الرياح المعاكسة على مستوى الاقتصاد الكلي تحد من زيادة الأسعار.

ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى في 8 أشهر، مما أدى إلى تراجع جاذبية السلع التي تقوم بالعملة الخضراء، علاوة على أن توقعات رفع أسعار الفائدة تغذي مشاعر العزوف عن المخاطرة في مختلف الأسواق.

مع ذلك، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 25% تقريباً منذ يونيو، وتتجه إلى تحقيق أكبر زيادة فصلية لها منذ مارس 2022 بسبب تخفيض المعروض من جانب قائدتي تحالف "أوبك+"، السعودية وروسيا.

هذا الارتفاع دفع صناديق التحوط إلى زيادة رهاناتها على صعود خام غرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى منذ فبراير 2022، وأعادت الحديث عن بلوغ الأسعار مستوى 100 دولار للبرميل.

يتطلع المستثمرون الآن إلى الصين بحثا عن علامات على ارتفاع الطلب فيما تتجه أكبر دولة استيراداً للنفط في العالم إلى عطلة "الأسبوع الذهبي" بداية من يوم الجمعة. ومن المتوقع أن يسافر ما يزيد على 21 مليون شخص إلى أماكن مختلفة أثناء العطلة التي تمتد ثمانية أيام، بعد زيادة السفر جواً إلى مستوى قياسي في يوليو وأغسطس مما أدى إلى ارتفاع استهلاك النفط.

صندوق تحوط يقر باستحالة التصدي لصعود النفط

 

أوضح مدير صندوق تحوط ذاع صيته بسبب البيع على المكشوف لأسهم شركات الوقود الأحفوري، أن هذه الاستراتيجية لم تعد تجدي نفعاً، إذ أثبت صعود النفط أنه يصعب تماماً التصدي له.

لكن جيمس غامبل، مؤسس صندوق "إتش آي تي إي هيدج أسيت مانجمنت" (HITE Hedge Asset Management) ويقع مقره في ولاية ماساتشوستس، أعرب عن اعتقاده بأن النفط سيفقد زخمه للأجل الطويل. غير أنه بفضل العامل الجيوسياسي للنفط بشكل أساسي، فإن تلك اللحظة بعيدة أكثر مما تخيله من قبل، وباتت عمليات بيع أسهم شركات إنتاج الوقود الأحفوري على المكشوف غير مقبولة.

أزمة طاقة

برأي غامبل، خلال مقابلة، فإن "بوتين قوّض هذه الاستراتيجية"، في إشارة إلى حرب أوكرانيا التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأزمة الطاقة الناجمة عنها. وأضاف أن بيع أسهم شركات النفط على المكشوف بات حالياً أمراً "متقلّباً تماماً" ما يجلعها عملية "غير مجدية في الوقت الراهن".

يمثل هذا التوجه أحدث علامة على إعادة تمركز المستثمرين مع اقتراب النفط من مستوى 100 دولار للبرميل، في حين أن الأسهم الخضراء تتأثر بخليط من زيادة تكاليف الاقتراض واختناقات سلاسل التوريد. وتشهد القطاعات التي كان من المفترض أن تستفيد من دعم المناخ، على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حالياً توجهاً نحو المراكز البيعية من قِبل عدة صناديق تحوط. في وقتٍ بدأت شركات النفط الكبرى تضاعف جهودها الخاصة بخطط توسيع أنشطتها التجارية الأساسية.

غامبل أشار إلى أنه أغلق صندوق "إتش آي تي إي كربون أوفسيت" (HITE Carbon Offset) السنة الماضية، بعد استخدامه كآلية للمراهنة ضد أسهم شركات الوقود الأحفوري منذ 2018، مستبعداً وجود أي فرصة لإعادة استخدام هذه الاستراتيجية بالمدى المنظور. وأكد أن الخسائر المرتبطة بإغلاق الصندوق كانت "محدودة"، لأنه حقق عائدات "كبيرة خلال الأعوام الأولى".

بعد جني عوائد 30% تقريباً خلال 2020، بدأ الصندوق يخسر الأموال خلال سنة 2021، التي اعتقد مدير صندوق التحوط في البداية أنها ستكون "أكبر انتعاش بالتاريخ بعد انهيار كبير".

 

الوقوف على الحياد

خلال المقابلة، عاد غامبل ليؤكد أنه ما زال يعتقد أن الأوراق المالية الخاصة بشركات وقود حفوري "ستحقق أداءً دون السوق بالأجل البعيد.. لكن تحديد التوقيت بدقة مسألة صعبة تماماً".

غامبل، الذي يشرف على 830 مليون دولار من الأصول، أفصح أن الاستراتيجية الوحيدة التي يتبعها بالوقت الحاضر هي التزام الحياد بالنسبة لسوق الطاقة، ما يعني أنه لا يراهن على الارتفاعات أو التراجعات في أسهم شركات الوقود الأحفوري مقابل أسهم شركات الطاقة الجديدة.

على مدى الـ12 شهراً المنصرمة، حقق المستثمر في شركة "إكسون موبيل" مكاسب من ارتفاع أسعار الأسهم بنسبة 30% تقريباً. في هذه الأثناء، لم يشهد المساهم في شركة "فيساتس ويند سيستمز" (Vestas Wind Systems) أي تغيُّر بالقيمة. بينما هبط سعر سهم "أورستد" (Orsted)، أكبر شركة تطوير مزارع الرياح البحرية على مستوى العالم، بما يتجاوز 40% خلال المدة نفسها.

يتجلى هذا الأداء المتفاوت من خلال مؤشرات أوسع، إذ صعد مؤشر "ستاندرد أند بورز غلوبال أويل" (S&P Global Oil) نحو 14% السنة الماضية، بالمقارنة مع هبوط 28% لمؤشر "ستاندرد أند بورز غلوبال كلين إنرجي" (S&P Global Clean Energy).

 

الطقس المتطرف

بدأ المدافعون عن النفط يشعرون بالقوة. فخلال الأسبوع الحالي، اتحد المنتجون المشاركون في "مؤتمر البترول العالمي" (World Petroleum Congress) في توجيه نقدهم لوكالة الطاقة الدولية وما وصفوه بتسييسها للنقاش حول التغير المناخي. يأتي ذلك نظراً لأن وكالة الطاقة الدولية تُصدر تحذيرات بأنه ليس هناك مجال لتطوير حقول نفط جديدة إذا كان لكوكب الأرض أي فرصة لكبح ظاهرة الاحتباس الحراري إلى المستوى الحرج البالغ 1.5 درجة مئوية.

تعززت مثل هذه التوقعات نتيجة تفاقم ظواهر الطقس المتطرفة بشدة، إذ تتزامن الزيادات المتواصلة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع موجات حرارة قياسية وموجات جفاف وفيضانات مفاجئة وحرائق غابات طالت مساحات شاسعة من كوكب الأرض. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في يوليو الماضي أن "حقبة الغليان العالمي بدأت"، إذ إن جهود تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري أقل بكثير عن المطلوب.

 

 

تشير وكالة الطاقة الدولية إلى وجود احتمال أن يتوقف نمو الطلب على النفط خلال العقد إذ تعتمد الأسر بطريقة متنامية على مصادر الطاقة المتجددة. وتبيّن أيضاً أن تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050 يستوجب تقليص الطلب على النفط إلى نحو 25 مليون برميل يومياً منتصف القرن الحالي، ما يمثل ربع المستوى الحالي.

عاجل