رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

ريمونتادا فاشلة.. 5 أسباب وراء بطء الهجوم الأوكراني المضاد

نشر
الهجوم الأوكراني
الهجوم الأوكراني المضاد

يتعثر الهجوم المضاد كل يوم عن اليوم الذي يسبقه ما يدفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى تكرار طلب إمدادات الأسلحة والعتاد الغربية. 

وبات على الجانب الأوكراني ما دام راغبًا في مزيد من الأسلحة الغربية الوفاء بمبدأ تحقيق عائد الاستثمار المعروف في الاستراتيجية السياسية الأمريكية، ويتعين عليه أن يحقق نجاحات عسكرية مقابل الدعم العسكري الغربي السخي وهو ما لم يتحقق.

في سياق متصل، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع، لكن لا يزال من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات بشأن احتمالات تحقيق كييف مكاسب في ساحة المعركة.

بطء الهجوم المضاد واستمرار الدعم الغربي

يحاول الأمريكيون استمرار الدعم وإيجاد الذرائع لأوكرانيا للاستمرار في الحرب رغم أي خسائر، وقال وزير الدفاع لويد أوستن، إن حقول الألغام الروسية تشكل أكبر التحديات وتمثل المشكلة الرئيسة أمام القوات الأوكرانية خلال هجومها المضاد.

وتقوم تفاصيل الخطة الأوكرانية، التي كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الجمعة الماضي، أن قوات كييف تهدف للوصول إلى بحر آزوف وتقسيم القوات الروسية في الجنوب، مما يقطع الجسر البري الروسي بين موسكو وشبه جزيرة القرم، يؤدي هذا إلى تهديد الإمدادات العسكرية للجيش الروسي في أقصى الغرب.

خسائر كبيرة

تصريح القيادة العسكرية الأمريكية حول تحديات الهجوم المضاد وأبرزها عملية تطهير حقول الألغام، كونها أكبر الصعوبات التي تواجه القوات الأوكرانية تهدف لسد الطريق أمام أي تراجع غربي عن الدعم العسكري والمالي، أيضًا منح فرصة للغربيين المساندين لأوكرانيا لمساعدة أمريكا على الوفاء بتعهداتها بالإمدادات دون انقطاع.

في سياق متصل، صرح وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، الثلاثاء الماضي، بأن أوكرانيا لم تحقق أهدافها بأي اتجاه، وتجاوزت خسائرها 26 ألف جندي و1244 دبابة وآلاف من قطع العتاد الأخرى و21 طائرة وست مروحيات.

يعزز تراجع نسب النجاح حول الهجوم المضاد، إعلان روسيا، قبل أيام، عن خسائر تفصيلية في الصفوف الأوكرانية، ومن بين 1244 مركبة مدرعة تم تدميرها كانت 17 دبابة من طراز ليوبارد، وخمس دبابات فرنسية، و12 عربة قتال مشاة أميركية من طراز برادلي.

دمرت القوات الروسية 43 مدفع هاوتزر إم-777 الأمريكي الصنع، و46 بندقية ذاتية الدفع، صنعت في بولندا والولايات المتحدة وفرنسا.

كما أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية 176 قذيفة هيمارس، و27 صاروخ ستورم شادو للقوات المسلحة الأوكرانية و483 طائرة مسيرة تابعة للقوات الأوكرانية.

بحسب تقارير أمريكية، في الأسبوعين الأولين من الهجوم الأوكراني، تم تدمير أو إتلاف نحو 20 بالمئة من الأسلحة التي أرسلتها كييف إلى ساحة المعركة، بما في ذلك الدبابات والعربات المدرعة التي خطط الأوكرانيون لاستخدامها في التقدم على المواقع الروسية.

وأوضحت تقارير أنه في الأسابيع الأخيرة، انخفض معدل الخسائر التي تتعرض لها كييف إلى نحو 10 بالمئة، لأن الهجوم المضاد نفسه تباطأ، وفقًا للتقرير الذي نقل عن مصادر أمريكية.

ريمونتادا فاشلة

يقيم محللون متخصصون الهجوم الأوكراني الذي بدأ في 4 يونيو الماضي في جنوب دونيتسك وأرتيوموفسك وفي اتجاهات زابوروجيا أنه بمثابة "ريمونتادا فاشلة" بامتياز لا تتناسب نتائجه مع ما رصد له من دعم مالي وإمداد وعتاد بأسلحة وذخائر غربية متطورة.

يأتي ذلك في ظل استعدادات روسية متواصلة وتجاوز أي أزمات داخلية كتمرد فاجنر وتنفيذ استراتيجيات قتالية جيدة تمكنت من التصدي لخطط غربية في الهجوم المضاد. 

يعزز ما ذهب إليه المحللون عجز القوات الأوكرانية عن قطع خطوط الإمداد عبر محاور القتال، بينما تلجأ أحيانًا إلى ضربات انتقامية كالهجوم على جسر القرم مؤخرًا، وهو ما قد يكلفها ثمنًا باهظًا ورد روسي موجع.

أيضًا ضمن أخطاء الهجوم المضاد الأوكراني الاستناد إلى أسلحة غربية طويلة المدى من بينها صواريخ كروز ستورم شادو والقنابل العنقودية التي تعري المنطق الأوكراني أمام المجتمع الدولي وتلبسها ثوب المعتدي باستخدام أسلحة محرمة، فضلًا عن أن روسيا تمتلك تقنيات وأسلحة معلومة وغير معلومة تعرف في المنظومات العسكرية بـ"الرد المتفوق". 

ويرى الباحث في الشأن الدولي، أحمد سلطان أن الجيش الروسي أبلى بلاءً حسنًا في الاستعداد للهجوم الأوكراني المضاد بتحصين خطوطه وتقوية دفاعاته على خطوط المواجهة ساعده على ذلك طول الاستعدادات الأوكرانية.

كما نجح في استنزاف اقوات الأوكرانية واستيعاب زخم الهجوم وشن هجمات مضادة قوية بالمسيرات والقاذفات، إضافةً إلى الثبات القتالي الكبير على الأرض.

وقال أحمد سلطان، في تصريحات خاصة لـ"مستقبل وطن نيوز"، إن الجيش الروسي استطاع التخلص من أزمة تمرد فاغنر التي لم تحسن قوى الغرب وأوكرانيا استغلال توقيتها وتطويعها لإنجاح الهجوم المضاد وفتح ثغرات بخطوط القتال، إضافةً إلى البلاء الحسن للقوات الروسية بمساعدة كتائب أحمد الشيشانية في التصدي للهجمات لا سيما في معركة باخموت "مفرمة اللحم".

عوامل الإخفاق

تعرض الجيش الأوكراني لاستنزاف كبير في قدراته البشرية والتسليحية البسيطة مقارنةً بنظيره الروسي، لا سيما خلال أسابيع الهجوم المضاد الأولى الذي عولت عليه قوى (الولايات المتحدة وأوروبا) كثيرًا دون أن يتحقق أملًا في استعادة نحو 20% من مساحة أوكرانيا والتي تخضع تحت سيطرة روسيا حاليًا.  

اعتماد القوات الروسية على مواصلة ضرب احتياطيات القوات الأوكرانية، والمعدات القادمة من الغرب بأسلحة عالية الدقة، مما قلل من إمكاناتها الهجومية والتدميرية.

افتقار القوات الأوكرانية إلى قوات جوية قوية تجابه التفوق الروسي الكاسح واحتلالها سماء المعركة بقاذفات فائقة التسليح والسرعة طرازات سوخوي 35 وغيرها.

فضلًا عن وقت كبير تستغرقه عمليات تدريب طيارين أوكرانيين على استخدام طائرات "إف 16" الأمريكية في الحرب باعتبارها المعادل المناسب لمواجهة الروس في الجو ومن أجل تقديم دعم أفضل للعمليات البرية.

تشير تقييمات استخباراتية أميركية حديثة كشفت عنها وثائق سرية مسربة إلى أن الهجوم الأوكراني مهما طال لن يحقق على الأغلب سوى استعادة أراض محدودة من القوات الروسية المتحصنة.

هناك حدودًا لمساعدات الغرب لأوكرانيا رغم أنها تبدو إمدادات لا منتهية إعلاميًا، خاصة أن الإمدادات الغربية محكومة بمسألة أساسية هي عدم توفر الذخيرة؛ إذ إن إرسال المزيد من أنظمة الصواريخ وغيرها من الأسلحة لـ كييف لا قيمة له دون توفير القذائف والرصاص والصواريخ التي تستهلكها القوات الأوكرانية بمعدل هائل على مدار اليوم.

تستهلك القوات الأوكرانية الآن في شهر واحد أكثر مما تصنعه أمريكا في عام كامل من القذائف من نوع 155 مليمترًا على سبيل المثال، فيما يعمل الغربيون حاليًا على رفع طاقته الإنتاجية في مجال الذخيرة، لكن ذلك سيستغرق شهورًا وربما سنوات ما يعزز فرص استمرار الفشل بعمليات الهجوم المضاد.

يرى البروفيسور مارك غاليوتي، المختص في الشأن الروسي في كتابه (حروب بوتين: من الشيشان إلى أوكرانيا) أن كييف لم تحظ هذه المرة بعنصر المفاجأة الذي كان عاملًا في النجاحات التي حققتها من قبل ضد القوات الروسية في بدايات الحرب.

نقص الذخيرة الذي تعاني منه القوات الأوكرانية بينما يعيش الهجوم المضاد ثاني مراحله، لا سيما تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" ينس ستولتنبرج قوله بأن 98% من الأسلحة الغربية التي تم التعهد بتقديمها لأوكرانيا قد تم تسليمها لكييف.

الكثير من الأسلحة التي تشكل عامل الحسم في المعارك مثل مضادات الدبابات والصواريخ والقاذفات والذخائر بعيدة المدى ما زالت محل اختلاف بين مؤيد ومعارض في إرسالها إلى أوكرانيا بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) خشية رد الفعل الروسي. 

فشل التخطيط العسكري الأوكراني في توزيع الذخائر والأسلحة طبقًا لمعطيات وأولويات مراحل الهجوم المضاد واستهلاك جزء كبير منها في أيام الهجوم الأولى، كما أعاق تقدم الجيش الأوكرانى غياب الدعم الجوى والشبكة العميقة من الهياكل الدفاعية التي بنتها روسيا. 

رغم مرور 6 أسابيع على بدء الهجوم المضاد الأوكراني، لم تجد أوكرانيا بمساعدة الغرب فرصة لتجاوز عقبات حقول الألغام التي يجب على القوات عبورها كونها ممتلئة بعشرات من أنواع الألغام المصنوعة من البلاستيك والمعدن، موضوعة فى شكل علب من التبغ الممضوغ أو عبوات المياه الغازية، تحمل أسماء مثل "الساحرة " أو ورقة شجر. 

فضلًا عن الكمية الهائلة من الألغام والأسلاك الشائكة والخدع الشراكية والأجهزة المتفجرة البداية أدت إلى تقدم القوات الأوكرانية أميال قليلة فقط منذ بدء الهجوم.

وهناك مناطق تتراوح عمقها بين 3 و10 أميال أمام المعاقل الأساسية للروس تم زراعتها بشكل مكثف بالألغام المضادة للدبابات والأفراد والأسلاك الشائكة، وكانت هذه الدفاعات قادرة على وقف التقدم الأوكرانى.

عاجل