رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

ما حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت؟.. دار الإفتاء تجيب

نشر
حكم شراء الذهب والفضة
حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت

حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت هو السؤال الذي يتبادر للأذهان خاصة في تلك الأيام التي يرتفع فيها سعر الذهب ما يجعل من معرفة حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت من الأمور المهمة.

وورد إلى دار الإفتاء سؤال حول حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت، وإجاب عنه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء ليعرف الجميع حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت.

حكم شراء الذهب والفضة عبر الإنترنت

سأل سائل يقول: ما حكمُ شراء الذهب أو الفضَّة من أصحاب المحلات بطريق "التسويق الإلكتروني" من الإنترنت؟ حيث أختارُ ما يناسبُني من المشغولاتِ التي يعرضها صاحبُ المحل عن طريق متجره الإلكتروني الخاص به، وأدفع بـ"بطاقة الائتمان" قيمةَ ما اخترته، ثم يتمُّ التواصلُ مع البائعِ للاتفاق على كيفية تسليم وتوصيل المشغولات التي اخترتُها من المتجر الإلكتروني؟ 

وأجاب المفتي قائلا: هذا النَّمطُ من التعامُل التجاري في الذهب والفضَّة بيعًا وشراءً عن طريق "التسوُّق الإلكتروني" من الإنترنت لا مانعَ منه شرعًا؛ وذلك لأنَّ الحلولَ والتقابُضَ المشروطَيْنِ في بيْع الذهب والفضَّة لا يجْريان في الذهب المصوغ، أي: الذي دخلته الصناعة، وذلك لأنَّ الصياغة أخرجتهما عن كونهما أثمانًا، أي: وسيطًا للتبادل، فانتفت عنهما بذلك علَّةُ النقدية التي توجب فيهما شروط الحلول والتقابُض والتماثل، ويترتَّب عليها تحريمُ التفاضُل وتحريم البيع الآجل، فصار الذهبُ والفضةُ المصوغانِ بذلك سلعةً من السلع التي يجري فيها اعتبارُ قيمة الصَّنعة -وهي هنا "الصياغة"- إذ من المعلوم أَنَّ الحكم يدورُ مع علته وجودًا وعدمًا. 

وأضاف: في ظل التوسُّعات الاقتصادية في العصر الحديث وتغيير نمط التجارة، يعمدُ كثيرٌ من الناس إلى إجراء العقودِ بيعًا وشراءً «أون لاين: online»، أي: البيع والشراء عن طريق التسويق الإلكتروني الذي يعتمدُ على عرْضِ البائعِ تفاصيل المنتج، وكيفية تسليمه للعميل بعد الاتفاق على السعر.

وممَّا دخل فيه هذا النمطُ من التعامل التجاري: الذهبُ والفضة؛ حيث يقومُ العميلُ باختيار المشغولات (ذهبًا أو فضَّة) التي تناسبُه عن طريق المتجر الإلكتروني الخاص بالبائع، ويتمُّ الدَّفْعُ ببطاقات الائتمان المختلفة، ثم يقومُ البائعُ بإنهاء إجراءات توصيل المشغولات للعميل.

وهذا النَّمطُ من التعامُل التجاري في الذهب والفضَّة بيعًا وشراءً لا مانعَ منه شرعًا؛ وذلك لأنَّ الحلولَ والتقابُضَ المشروطَيْنِ في بيْع الذهب والفضَّة لا يجْريان في الذهب المصوغ، أي: الذي دخلته الصناعة، وذلك لأنَّ الصياغة أخرجتهما عن كونهما أثمانًا، أي: وسيطًا للتبادل، فانتفت عنهما بذلك علَّةُ النقدية التي توجب فيهما شروط الحلول والتقابُض والتماثل، ويترتَّب عليها تحريمُ التفاضُل وتحريم البيع الآجل، فصار الذهبُ والفضةُ المصوغانِ بذلك سلعةً من السلع التي يجري فيها اعتبارُ قيمة الصَّنعة -وهي هنا "الصياغة"- إذ من المعلوم أَنَّ الحكم يدورُ مع علته وجودًا وعدمًا.

والمراد بـ «سلعية الذهب والفضة المصوغين» كونهما تتعلَّق الأغراضُ فيهما بنفسيهما، دون كونهما وسيطًا لأي غَرَض، وهذا بخلاف النَّقْد الذي لا يتعلَّقُ الغَرَضُ فيه بنفسه، بل هو وسيلة الحصول على الأغراض والأشياء، ويُشَبِّه حُجَّةُ الإسلام الغزالي -كما في "الإحياء" (4/ 91، ط. دار المعرفة)- النَّقَدَ بالحَرْفِ اللغوي، فهو -أي: الحَرْف- لا معنى له في نفسه، وتظهر به المعاني في غيره؛ والنَّقْد كذلك.

ولأجل معنى السلعية الموجود في الذهب والفضة المصوغين، أجاز الإمامُ مالك رضي الله عنه بيْعَ الذهب أو الفضة المُصاغ بجنسه مع التفاضل في الثمن أو تأجيله، ومُبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد أو الصحيح، أو مبادلة الجيد منه بالرديء، ولو وُجِد في الذهب أو الفضة المصوغين معنى الثمنيَّة لَمَا جاز بيْعُ جنسهما ببعض مع التفاضل. قال الإمام أبو الحسن الرجراجي المالكي في "مناهج التحصيل" (6/ 9، ط. ابن حزم): [..رُوِيَ عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فإنه كان يجيزُ التفاضلَ بين التبر والمصوغ لمكان زيادة الصياغة. وما روي عن مالك رضي الله عنه أنه سُئل عن رجل يأتي إلى دار الصرف بوَرِقِهِ (أي: فضَّتِه) فيعطيهم أجرة الضرب ويأخذ منهم دنانيرَ أو دراهمَ وزن وَرِقِهِ أو ذهبه؟ فقال: إذا كان لضرورة خروج الرفقة ونحو ذلك، فأرجو ألا يكون به بأس، وبه قال ابن القاسم من أصحابه في "العتبية" "والموَّازية"، وأجاز مالك أيضًا بدل الدينار الناقص بالوازن على اختلاف أصحابه في العدد الذي يجوز فيه ذلك] اهـ.

وذكر هذا الجوازَ أيضًا الإمامُ ابن قدامة المقدسي عن الحنابلة؛ حيث جَوَّزوا إعطاءَ الأجر على الصياغة -كما في "الإنصاف" للعلامة المرداوي الحنبلي (12/ 19، ط. دار إحياء التراث العربي)- وهو مذهب الشيخ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وهذا كله بشرط أن لا تكون الصياغة محرمة: كالمشغولات الذهبية التي من شأنها أن لا يلبسها إلا الذكور من غير أن تكون لهم رخصة فيها.

قال الشيخ ابن تيمية في "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/ 622، ط. مكتبة الرشد): [وأما المَصوغ من الدراهم والدنانير، فإذا كانت الصياغة محرَّمة كالآنية، فهذه تحرم بيع المُصاغة لجنسها وغير جنسها، وبيع هذه هو الذي أنكره عبادة على معاوية رضي الله عنهما، وأما إن كانت الصياغة مباحةً كخواتيمِ الفضة وكحلية النساء وما أُبيح من حلية السلاح وغيرها من الفضة، وما أبيح من الذهب عند من يرى ذلك فهذه لا يبيعها عاقل بوزنها، فإن هذا سفهٌ وتضييعٌ للصنعة، والشارع أجَلُّ من أن يأمرَ بذلك، ولا يفعل ذلك أحد ألبتَّة إلا إذا كان متبرعًا بدون القيمة.

وحاجة الناس ماسَّة إلى بيعها وشرائها، فإن لم يُجوَّز بيعُها بالدراهم والدنانير فسدت مصلحة الناس، والنصوص والواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيها ما هو صريحٌ في هذا، فإن أكثرها إنما فيه الدراهمُ والدنانيرُ، وفي بعضها لفظ الذهب والفضة، فهو بمنزلة نصوص الزكاة، ففيها لفظ الورق وهو الدراهم، وفي بعضها الذهب والفضة، وجمهور العلماء يقولون: لم يدخل في ذلك الحلية المباحة، بل لا زكاةَ فيها، فكذلك الحلية المباحة لم تدخل في نصوص الربا، فإنها بالصيغة المباحة صارت من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، فلهذا لم يجب فيها زكاة الدنانير والدراهم، ولا يحرم بيعها بالدنانير والدراهم] اهـ.

 

عاجل