رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

من السخرة والعبودية لـ الحرية والكرامة الإنسانية.. 70 عامًا على ذكرى 23 يوليو المجيدة

نشر
الزعيم الراحل جمال
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر

بين ميلاد الدولة المصرية وانطلاق الجمهورية الجديدة 70 عاما

 

في ذكري 23 يوليو.. «عبدالناصر» ثار لـ "الكرامة الإنسانية" و«السيسي» يبني من أجل حياة كريمة 

 

ذكرى ثورة يوليو.. سبعون عامًا على استرداد مصر العربية من مطامع الإنجليز وسيطرة السلطان
 

قبل الثورة

عانت مصر قبل ثورة 23 يوليو ، ودفع الشعب وحده فاتورة احتكار مجموعة صغيرة للأرض والثروة، في ظل مجتمع تسوده العلاقات الإقطاعية والرأسمالية المتخلفة، في الوقت الذي كان فيه الاحتلال البريطاني يستنزف خيرات البلاد، ويسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، من خلال 80 ألف جندي يعيثون في الشوارع فسادا، تحت مظلة الأسرة الحاكمة المالكة، ليأتي حريق القاهرة (26 يناير 1952) ويعمق الكآبة في المشهد المعتم..

كانت مفاتيح  الاقتصاد المصري في يد الأجانب، ما جعل الاقتصادي المصري الدكتور عبد الجليل العمري يصفه قائلا "لقد كان الاقتصاد المصري كبقرة ترعى في أرض مصر، ولكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر".
 



احتكر الأرض عشرات أو مئات الأشخاص، في حين وصلت البطالة بين أبناء الشعب، ووصف الاقتصاد المصري قبل ثورة يـوليو بالمتخلف، نتيجة تبعيته للاحتكارات الرأسمالية الأجنبية، وكانت نسبة البطالة بين الـمصريين 46% ، فى الوقت الذى كان يعمل فيه الغالبية فى وظائف بسيطة: سُعاة وفراشين،  وأظهرت آخـر ميزانية للدولة عام 1952 عجزًا قــدره 39 مليون جنيه، فى حين كانت مخصصات الاستثمار فى المشروعات الجديدة طبقـًـا للميزانية سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص صفرًا.

اختفت العدالة الاجتماعية، وسيطر الظلم والقهر، وبلغت نسبة الأمية 90%، بالتوازي مع معدلات المرض التي حققت أرقاما قياسية (45%) من المصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا، وغيرها من مختلف الأمراض التى تنتج عن سوء التغذية، وعلى الجانب الآخر وصل البذخ إلى أقصى مداه في القصر، بسبب ما ينفقه الملك على ملذاته وأسرته وحاشيته.
وخير دليل على ذلك الدراسة التي قام بها المؤرخ الراحل د. رءوف عباس بعنوان: "الحركة الـوطنية فى مصر 1918-1952"، والتي أوضح فيها أن (نسبة المعدمين من سكان الريف وصبت إلى  76% عام 1937، وبلغت 80% من جملة السكان عام 1952)
وتفاقمت المسألة الاجتماعية تفاقمـًــا كبيرًا، نتيجة سوء توزيع الثروات وغياب السياسات الاجتماعية.. ولا أدل على ذلك من استمرار الهبوط فى متوسط دخل الفرد من 9.6 جنيه فى العام خلال الفترة 1935-1939 إلى 9.4 جنيه خلال سنوات الحرب العالمية الثانية على أساس الأسعار الثابتة أي الأسعار الحقيقية مع استبعاد عامل الارتفاع الملحوظ فى الأسعار.
أما القاهرة التي يتحدث الجميع عن جمالها ونظافتها أيام فاروق فقد كانت مخصصة للباشوات والأعيان والجاليات الأجنبية، بل كانت هناك شوارع فى القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية يمنع المصريون من دخولها أو التجوال فيها، ما جعل الأوضاع مهيئة للثورة على الإقطاع والاستبداد، بتنطلق الثورة التي قام بها الضباط الأحرار من أجل تحقيق طموحات الشعب المصري بأكمله (القضاء على الإقطاع.- القضاء على الاستعمار.- القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم. إقامة جيش وطني قوي.- إقامة عدالة اجتماعية.- إقامة حياة ديمقراطية سليمة).  

 بعد الثورة 

 سبعون عامًا مرّت على ثورة 23 يوليو 1952، شهدت مصر بعدها تحولات كثيرة في مجالات الحياة المختلفة؛ وعلى رأسها الحياة العسكرية، فحين أعلن البكباشي أنور السادات بيان ثورة يوليو بصوته الجهور، وحنجرته المميزة؛ أعلن معها ميلاد عهد جديد لمصر جديدة مع قادة شبان من الضباط الأحرار الذين اتحدوا من أجل إنهاء حقبة الملكية بقيادة فاروق، بغطاء شعبي حمي ثورته وباركها.                                                             
إن أعظم إنجازات يوليو 1952 لم تكن فقط في تأميم قناة السويس أو بناء السد العالي؛ إنما تمثلت في تحرير الإنسان المصري واسترداد حقوقه وكرامته، ولم يجرؤ حاكم بعد ثورة يوليو على مخاطبة الشعب كما قال الخديوى إسماعيل لـ أحمد عرابي: «أنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيدًا إحسانًا؛ لذلك فهي ثورة مباركة لأنها قامت من أجل الكرامة الإنسانية».

وكانت عناية الله وحفظه ورعايته بين صفوف الضباط الأحرار، تحت راية تحرير الإنسان؛ ليكون المردود الشعبي والجماهيري ليحتضن ثورته المجيدة ليخلدها التاريخ، وتتحول العبودية لحرية، والمفارقة بين غني وفقير إلى مساواة؛ ليكتب المؤرخون وتسجل الصفحات بداية جديدة في حياة المصريين دون تمييز؛ ليكون ابن الفلاح ضابطًا، وشريكًا في بناء مؤسسات الدولة، ويتمتع أبناء الفقراء بتعليم مجاني.

أنقذت ثورة يوليو، الانقسام الحادث في مصر وقتها؛ بعدما كان المجتمع قبلها مُنقسم إلى طبقتين (عليا ودنيا)، وكانت الطبقة الدنيا مظلومة في المجتمع ويتم سحقها بين الطبقات؛ فحقها مهدور من انتشار للجهل وضياع الحصول على التعليم كحق مكتسب في الحياة؛ ولذا فإنه كان من إنجازات ثورة يوليو توحيد أبناء الجيش المصري، وتوحيد قواه مع الشعب لتحقيق العدالة الاجتماعية، والدفاع عن حق الطبقات الضعيفة.


ومن أهم إنجازات هذه الثورة عسكريًا كانت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955؛ حين تسلمت مصر أول صفقة من الأسلحة الشرقية فيما عرف باسم «الأسلحة التشيكية»؛ حيث استمر نقل الأسلحة من التشيك إلى مصر منذ عام 1955 حتى عام 1956، أي كانت تجري في الجيش المصري عملية إحلال وتجديد من السلاح الغربي (البريطاني أساسًا) إلى السلاح الشرقي.

كما انضمت مصر لنادي حركة عدم الانحياز والتي تضم 118 دولة، وتعد ثاني أكبر تجمع بعد الأمم المتحدة، وتأتي أهمية الحركة من منطلق أنها تضم دولًا رئيسية تلعب أدوارًا مهمة على الساحة الدولية والأقليمية وتؤخذ قرارتها بعين الاعتبار في القضايا الدولية، وتعد مصر إحدى أهم الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز؛ ولها دورها المحوري المشهود له في تأسيس، وبناء الحركة، وتطويرها.

على الناحية السياسية تم تأميم قناة السويس، وبناء السد العالي؛ وذلك بعد أن تم السيطرة على الحكم في مصر والقضاء على النظام الملكي الحاكم، وإعلان مصر جمهورية، فيما بنت ثورة يوليو حركة قومية عربية للحث والعمل على تحرير فلسطين من أيدي المُحتلين اليهود، والعمل على استرداداها حرة غير منقوصة.

لم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فلقد قضت الثورة على دستور عام 1923 وقامت بإلغائه، وإحلال الأحزاب وتفكيكها والقضاء عليها؛ كما أجبرت الثورة الملك على الرحيل من مصر نهائيًا إلى إيطاليا؛ وتم توقيع اتفاقية الجلاء بعد مدة من الاحتلال طالت أكثر من سبعين عامًا.

عملت ثورة 23 يوليو على تعزيز العمال ورفع قيمتهم الاجتماعية في المجتمع، وتحريرهم من معاملة السلع التي كانوا يُعاملون بها، وعملت على تأميم التجارة والصناعة التي كانت قد استأثر بها الأجانب، وساهمت في القضاء على الإقطاع وقامت بتنزيل الملكيات الزراعية عن عرشها، وعملت على إعطاء الفلاحين حقوقهم وتحقيق سبل العدالة الاجتماعية؛ حيث قامت بتحديد الملكية الزراعية بحد أقصى 200 فدان؛ وأعطت كل فلاح 5 فدادين.

وعملت الثورة، أيضًا، على توحيد الحد الأدنى لأجور العاملين؛ بحيث يكون هذا المكتسب أحد المكتسبات التي ظهرت بها الثورة؛ وقام مجلس قيادة الثورة بإصدار تشريع صرّح فيه بتحديد الحد الأدنى للأجور بحيث يكون 25 قرشًا في اليوم؛ كان من ثمار ونتائج الثورة قانون تحديد الملكية التي قامت بإصداره يوم 9 سبتمبر عام 1952م؛ والذي كان يتضمن توجيه الثورة من الناحية الاجتماعية والدلالة على وجود حس شعبي لديها.

قامت الثورة بالقضاء على العنصرية التي كانت سائدة في ذلك الوقت وتعميم المساواة بين الأفراد وبين جميع الطبقات؛ فلم يعد هناك فروق بينهم؛ حيث أصبح الفقير قاض وأستاذ جامعة وسفير ووزير وغيره من المناصب العليا؛ وأصبح بإمكان أي فرد أن يصل إلى أعلى المراتب الاجتماعية داخل المجتمع، وأصبحت البنية الاجتماعية متغيرة فلم يعد هناك ما كان سابقًا مثل ما كان قبل الثورة.

ومن نتائج الثورة من الناحية التعليمية؛ فلقد أعطت قيمة للتعليم في جميع مراحله؛ واتخذت قرار مجانية التعليم العام بالإضافة إلى مجانية التعليم العالي؛ ليصبح بإمكان الجميع الالتحاق بالتعليم والجد والاجتهاد والوصول إلى أعلى المراتب والمناصب، وجعلت للتعليم العالي أهمية في المجتمع وساعدت على ذلك، وساهمت في ذلك بمضاعفة ميزانية التعليم العالي، قامت بإنشاء العديد من المراكز ومنها مراكز البحث العلمي، كما أنها قامت بتطوير المستشفيات التعليمية واهتمت بها، وتوسعت في الجامعات؛ عبر الحرص على أن تكون الجامعات كثيرة فقامت بإضافة 10 جامعات تم إنشائها في كافة أنحاء البلاد؛ بعدما كانت 3 جامعات فقط.

ومن الناحية الثقافية؛ فلقد قامت ثورة 23 يوليو بإنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، وإنشاء العديد من المراكز الثقافية المختلفة لتقوم بتحقيق توزيع ديمقراطي للثقافة في مختلف البلدان ليستفيد منها الجميع؛ وقامت تعويض أماكن ومناطق كثيرة كان قد تم حرمانها من الإبداع والثقافة الموجودة في ربوع مصر؛ حيث يُعتبر هذا الإنجاز من أعظم الإنجازات التي قامت بها ثورة يوليو في المجال الثقافي، وسمحت الثورة بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل؛ بعد أن كان اعتماد البلاد كليًا على الاقتباس والأخذ من قصص الأفلام الأجنبية والقصص.

                                                          
الإصلاح الزراعي.. الانتصار لكرامة الفلاح


كان الفلاح في مصر يزرع الأرض، إلا أنه لا يحصدون خيراتها التي كانت تذهب إلى عدد قليل من الناس، يتعاملون مع الفلاح على أنه عبد، ولا يعطونه إلا قروشا قليلة، لا توفر له ولأسرته حاجاته الأساسية، حتى جاءت ثورة يوليو، لتصفع الإقطاع، وتطبطب على الفلاحين الغلابة، وتمنحهم عقود الأرض التي يزرعونها، ملكية خالصة لهم.

بعد قيام ثورة 23 تموز (يوليو) عام 1952 مباشرة، وفي شهر سبتمبر من العام نفسه ؛ قام مجلس قيادة الثورة بإصدار قانون الإصلاح الزراعي الأول في البلاد، والذي بموجبه تمّ تحديد الملكية الزراعية بمئتي فدان للفرد وأربعمئة للأسرة، وتقرّر نزع ما زاد عن ذلك وتوزيعه على الفلاحين، مقابل دفع التعويض عن الأراضي المنتزعة، وأنشئت جمعيات الإصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من المُلّاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين العاملين بالأرض نفسها.

أنصف القانون الذي صدر فى عهد الرئيس الأسبق محمد نجيب، الفلاح، وكان بمثابة تحقيق لواحد من أهم أهداف الثورة المباركة، وهو «العدالة الاجتماعية، وخريطة طريق لتغيير مستقبل الاف الفلاحين وابنائهم ليشكلوا مجتمعا من القادة فيما بعد.

نص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد والاسرة وفق التعديلات المتتالية متدرجة من 200 إلى خمسين فدانا للملاك القدامى ، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، فيما عرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعى الأول والثانى.

غير القانون الحياة على وجه مصر، لتتبدل أحوال الفلاحين، ويتمكن الواحد منهم من تربية أسرته بكرامة، ما مكن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة، ليصبحوا فيما بعد وزراء ووكلاء وزارة ومديرو عموم ورؤساء جامعات واطباء ومهندسون ومحامون وصحفيون ومئات الالاف من الموظفين فى جميع مؤسسات الدولة.

ولم يكتف قانون الإصلاح الزراعي بتوزيع الأرض على الفلاحين فقط لكنه أيضا كان يصرف مكافأة لكل من يتفوق فى الدراسة حتى يشجعهم على استكمال تعليمهم والوصول إلى أحلامهم بسهولة.

وبلغ مجموع الأراضي التي تم نزع ملكيتها في ظل قانون الإصلاح الزراعي ما يربو على نصف مليون فدان، أي ما يقرب من 8.4% من إجمالي المساحة المنزرعة في مصر في ذلك الوقت. وقد جرى توزيع هذه الأراضي وفقا لنظام معين من الأولويات بحيث أعطيت الأولوية عند التوزيع«لمن كان يزرع الأرض فعلا مستأجرا أو مزارعًا، ثم لمن هو أكبر عائلة من أهل القرية، ثم لمن هو أقل مالا منهم، ثم لغير أهل القرية».

مصر ملهمة الشعوب في التحرر

إذا كانت ثورة 23 يوليو 1952 قامت في مصر، فإنها انعكست على العديد من الشعوب العربية والأفريقية التي استلهمت منها النضال، وراحت تدافع عن حريتها، في الوقت الذي كانت فيه مصر عبد الناصر السند لحركات التحرر.

السودان

تكثفت ﺟﻬﻮﺩ ﻣﺼﺮ ﻟﺤﺼﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ 1952، وتضدت مصر لﻣﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻤﺎ ﻋﺠﻞ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ 1953 ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ، لتصبح بعدها ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ إﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻓﻰ ﻳﻨﺎﻳﺮ 1956، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ وترسل إليها سفيرا هي ﻣﺼﺮ.

فلسطين

ولم تتوقف مصر عن دعم الشعب الفلسطيني بكل ما تملك، وكان لها الدور الأبرز في المحافل الدولية وفي أروقة الأمم المتحدة، من أجل الاعتراف بهيئة سياسية تمثل الشعب الفلسطيني، ما ظهر في قرارات ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1974 ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻨﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑاﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻤﺜﻼً ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ، واعطائها ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻌﻘﺪ ﺗﺤﺖ إﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ.

الجزائر 

وضعت القاهرة ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ في خدمة الثورة الجزائرية، كما  ﺃﻧﺸﺌﺖ ﻓﻰ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 1955 إﺫﺍﻋﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ، فيما كانت ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ منبرا للشعب الجزائري، ينشر أخبار الثورة ويتخدث عن انتصاراتها.

أما  ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ فقد ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺳﻨﺔ 1958، لتستمر مصر في مساندة الأشقاء حتى الانتصار ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻰ والحصول على الاستقلال ﺳﻨﺔ 1962، ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻭﻣﺎﺩﻳﺎً ﻭﻓﻨﻴﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، والأهم من أجل أن تستعيد الجزائر ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.

اليمن

ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪﺍﺀ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ في اليمن من  ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻯ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ بجانبهم ﺿﺪ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺃﺳﺮﺓ ﺣﻤﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻟﺔ ، ﻭﻟﻢ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺇﻻ بعد أن  ﺗﺮﺳﺨﺖ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ وخطت إلى ﺮﻛﺐ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ.

ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺼﺮﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻰ، ﺣﺎﻓﺰﺍً ﻟﺠﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻰ ﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ. ﻭﻣﻊ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ﻋﺎﻡ 1963 ، ﺍﺗﺴﻌﺖ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻭﺷﻤﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ ﻭﺣﻘﻘﺖ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻣﻜﻨﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1967.

العراق 

عندما أطاح ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻰ 14 ﻳﻮﻟﻴﻮ 1958 ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻰ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻓﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ، تدعم النظام الجديد ماديا ومعنويا.

ﻗﻄﻊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺪﺩﺕ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﻯ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻰ ﻭﻫﻰ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺗﺤﺮﻛﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺣﺸﻮﺩ ﻓﻰ ﺍﻷﺭﺩﻥ.

وﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﻣﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻭﺣﻤﻠﺖ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ، قبل أن يعلن ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺃﻥ ﺃﻯ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻳﻌﺪ ﻋﺪﻭﺍﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ، ﻭﺗﻢ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻋﺎﻡ 1958.

تونس والمغرب والصومال والكويت
وفي تونس والمغرب، قامت مصر بتدعيم ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﻤﺎ ﻋﺎﻡ 1956، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﻓﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ، وﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻰ الحفاظ على استقلال الكويت.

أفريقيا

بعد ثورة يوليو 1952 تحولت مصر إلى ملتقى لحركات التحرر في كوبا والكونغو وموزمبيق، ودول غرب افريقيا مثل غانا والكاميرون، حيث تم تدعيمهم من قبل الدولة المصرية، من أجل انصافهم ضد الاستعمار، ما جعل « نيلسون مانديلا» عندما جاء إلى  القاهرة يحرص على زيارة ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وقال كنت أقف وأشب على أصابعى لكى ترانى مما يؤكد مدى تعلق هؤلاء القادة بزعيم الثورة المصرية.

قدمت مصر للدول الأفريقية ما تحتاج إليه من مساعدات مادية ولوجوستية، فيما لعبت الإذاعات الموجهة دورا كبيرا فى دعم هذه الحركات التحررية وفتح مصر على العالم الإفريقى، ما أعطاها قيمة كبيرة فى المجال العالمى وجعلها ذات اسم وهيبة تاريخية كبيرة.

وما يدل على حب الأفارقة للثورة إطلاق اسم الزعيم جمال عبد الناصر على الشوارع الرئيسية في مدنها الكبرى  كرمز للحرية والإستقلال، مؤكدين أن مصر دعمت الدول الافريقية والعربية بكافة الإمكانيات لإجلاء الاستعمار عن أراضيها.
   
23 يوما فقط تفصل بين 30 يونيو و23 يوليو، إلا أن ثورة عام 1952 وثورة 2013   يفصل بينهما 61 عاما، جرت فيها الكثير من المياه في النيل، ومر فيها الوطن بالعديد من الأحداث السياسية التي غيرت معالم البلاد، بينما كان الرابط بين الحدثين هو السمات المشتركة التي جمعت بين الزعيمين: جمال عبد الناصر وعبد الفتاح السيسي، والمبادئ التي قامت عليها الثورتين من انحياز واضح وصريح لمطالب الشعب، والدفاع عن وجوده وكرامته والإعلاء من قيمة المواطن في جميع مناحي الحياة.
لم يكن من العجيب رفع صور عبد الناصر بجوار السيسي في ثورة الثلاثين من يونيو، كان الشعب يدرك أن كلا الرجلين يشبه الآخر في معاني التضحية والفداء، ووضع روحه على كفه في سبيل الدفاع عن حق الشعب في الحياة، والحفاظ على هوية الوطن من المحو.

التف الشعب حول جمال، وفعل الشئ نفسه مع السيسي، في الوقت التي تحدثت إنجازت القائدين عنهما، هناك كان قانون الإصلاح الزراعي، وهنا حياة كريمة، هناك كان السد والمصانع، وهنا قناة السويس الجديدة والمشروعات العملاقة، كل منهما يتحرك وفق واجبه الوطني وكأنهما يمتلكان قلبا واحد ملئ بالحب الجارف لمصر وشعبها. الأوربي علي لسانها بقوة الدولة المصرية.

عاجل