رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

مؤتمر الإفتاء يؤكد أهمية تفعيل البعد الأمني والفكري في مواجهة التطرف الرقمي

نشر
مستقبل وطن نيوز

أكد المشاركون في مؤتمر الإفتاء اليوم الخميس، أهمية تفعيل البعد الأمني والفكري والاجتماعي والاقتصادي في مواجهة التطرف الرقمي، من خلال فرض قيود مشددة على المنصات الإلكترونية وحذف المحتويات ذات الطابع الإرهابي في غضون ساعة، وفتح سجل مشترك لمكافحة الإرهاب، وأيضًا اعتماد نظام جديد يكثِّف من إجراءاتها الأمنية على المسافرين مثل ما هو متبع في منطقة شنجن، وتأسيس هيئات رقابية جديدة تتولى مسئولية مراقبة عمليات غسل الأموال، وتفعيل دَور المؤسسات الدينية الرسمية في معركة الأمن الفكري، وذلك عبر إصدار الفتاوى وتوضيح تعاليم الدين السمحة، والأحكام الفقهية في القضايا الخلافية، ومناقشة العلاقة بين صنَّاع الدراما والمؤسسات الدينية.

جاء ذلك في الجلسة النقاشية الأولى لليوم الثالث من "مؤتمر التطرف الديني.. المنطلقات الفكرية واستراتيجية المواجهة" الذي تنظمه دار الإفتاء تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في الفترة من ( 7 ـ 9 يونيو الجاري)، برئاسة الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، تحدَّث فيها خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور محمد عبد الله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، والدكتور أحمد حلو عضو مجلس إدارة مركز رواق بغداد، والدكتور مصطفى دومان عضو المجلس العلمي الرسمي ببلجيكا، والدكتور جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، وهاني الأعصر المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات، ودكتور أيمن الشيوي الأستاذ بأكاديمية الفنون.

ودعا خالد عكاشة إلى مواجهة خطورة الإرهاب الرقمي وضرورة وضع برامج عمل لمكافحته في هذه المساحة المعقدة، التي تعدُّ من أهم التحديات التي دخلت على النشاط الإرهابي، وأضافت خطرًا جديدًا إلى جانب الأخطار التي اعتدنا عليها في العهود السابقة، مشيرًا إلى أن التيارات المتطرفة نفذت إلى الفضاء الإلكتروني، وأصبحت محترفة في هذا المضمار وتدير نشاطها باحترافية تستلزم التحرك السريع.

وأشار إلى ضرورة وجود ضوابط لمكافحة المتطرف، داعيًا إلى عقد لقاءات لبحث وضع هذه الضوابط للمواجهة الإلكترونية، وصنع خطوط دفاع حقيقية وخلق منصات تسهم مع المؤسسات المنخرطة في مكافحة التطرف، كما دعا مركز سلام وجميع المراكز المتخصصة للتحمس لمثل هذا الأمر لتحقيق الفائدة المرجوة منه.

وفي السياق ذاته طالب عكاشة بتكثيف وِرَش العمل من أجل دراسة ووضع آليات لنزع التطرف الرقمي ووضع أجندات عمل نظرًا، لوجود فجوه كبيرة -بحسب وصفه- لافتًا النظر إلى أن الأجيال الجديدة والتقنيين المتقدمين في التعامل والتفاعل مع هذا الفضاء ممكن أن يشكلوا جهدًا حقيقيًّا في هذا الإطار، ونحن نحتاج إليهم وإلى مهاراتهم الرقمية، حتى لا يقتصر الأمر على استخدام التنظيمات حصريًّا لهذا الفضاء، مطالبًا مراكز الدراسات للتعاون وبذل جهود مشتركة لإنهاء واجبها وإعداد ملف حقيقي لمواجهة ظاهرة التطرف الإلكتروني.

ومن جانبه طالب جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب بالعمل على تطبيق ما أقره البرلمان الأوربي من قيود مشددة على المنصات الإلكترونية منها حذف المحتويات ذات الطابع الإرهابي في غضون ساعة، وكذلك فتح سجل مشترك لمكافحة الإرهاب، وأيضًا اعتماد نظام جديد يكثِّف من إجراءاتها الأمنية على المسافرين الذين يدخلون منطقة شنجن. 

ودعا إلى تأسيس هيئة رقابية جديدة تتولى مسئولية مراقبة عمليات غسل الأموال، والاستفادة من المنصات والنظم التي أقرَّتها إحدى لوائح الاتحاد الأوربي والتي تتمثل في: نظام الدخول والخروج (EES)، ونظام معلومات التأشيرة (VIS)، والنظام الأوربي لمعلومات السفر والتفويض (ETIAS)، ونظام معلومات شنجن (SIS)، والسجلات الجنائية الأوربية، ونظام المعلومات لمواطني البلدان الثالثة (ECRIS-TCN)، ونظام اليوروبول للمعلومات EIS، فضلًا عن بيانات اليوروبول وبعض قواعد بيانات الإنتربول بشأن وثائق السفر.

وأكد أن وحدة الإحالة عبر الإنترنت في الاتحاد الأوربي تكتشف المحتوى الضار على الإنترنت، وفي وسائل التواصل الاجتماعي وتحقق فيه، وتضطلع بمهام أساسية وهي دعم السلطات المختصة في الاتحاد الأوربي من خلال توفير التحليل الاستراتيجي والتشغيلي، والإبلاغ عن المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف على الإنترنت ومشاركته مع الشركاء المعنيين، والكشف عن محتوى الإنترنت الذي تستخدمه شبكات التهريب لجذب المهاجرين واللاجئين وطلب إزالته.

وأوضح الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات الدكتور محمد عبد الله العلي، أن هناك العديد من الأبعاد التي ينبغي أن تشملها أي استراتيجية مقترحة لمواجهة التطرف في العصر الرقمي، لكي تتحقق النتيجة المرجوة، أولها البعد الأمني والذي يتمثل في الجهود المبذولة من أجل تتبع وحذف أو حظر المحتوى والمواقع والحسابات الإلكترونية التي تحضُّ على التطرف والكراهية، أو تمجِّد أعمال العنف والإرهاب، ومنها البعد التربوي والتعليمي الذي يستهدف هذا البعد تحصين النشء ضد مخاطر التطرف في الفضاء الرقمي، وذلك من خلال تربية أفراد يمتلكون شخصية قادرة على إدراك خطورة التطرف، سواء على أنفسهم أو على مجتمعهم ككل.

وقال إن ثالث هذه الأبعاد البعد الفكري الذي يستهدف تحصين المجتمع فكريًّا ضد التطرف، من خلال غرس بعض القيم الأساسية فيه؛ مثل الانفتاح، وقبول الآخر، ونبذ الكراهية، وتوعيته بخطورة ما يروِّجه المتطرفون من أفكار ضالَّة، وكشف مخططاتهم وأهدافهم الحقيقية الساعية إلى تدمير الدول والمجتمعات وخرابها.

وقال عضو المجلس العلمي الرسمي ببلجيكا الدكتور مصطفى دومان، إنه في ظل الثورة الرقمية على نحو غير مسبوق لم تعد الطرق التقليدية المعروفة مجدية في مواجهة التطرف، بل لا بدَّ من استحداث طرق جديدة معاصرة للتصدي للعنف والإرهاب، مشيرًا إلى ضرورة تطبيق ذلك على العديد من المحاور والأبعاد منها البعد الوقائي ومن أهم أشكاله عقد الندوات والمؤتمرات كمثل هذا المؤتمر وكذلك البعد التوقعي.

واستعرض عضو مجلس إدارة مركز رواق بغداد الدكتور أحمد حلو، تجربة الحكومة العراقية في التصدي لتنظيم داعش منها إطلاق خلية للإعلام لتنظيم عملية البيانات الإعلامية والتصدي للشائعات؛ مما أسهم في دحض أدوات داعش، مناشدا السيطرة على المحتوى الإلكتروني منعًا لحدوث أي انتكاسة أو عودة للتنظيم.

من جانبه قال المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات هاني الأعصر، إنه لا بدَّ من استراتيجية لمواجهة خطر التطرف تكون على قدر من المستوى لتحليل مضمون الخطاب الإرهابي وأساليب التجنيد المستخدمة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. 

كما تحدَّث خلال كلمته ضمن فعاليات الجلسة الرابعة من مؤتمر سلام الدولي عن ملامح استراتيجية متكاملة لمواجهة التطرف، موضحًا أنها لا بدَّ أن تُبنى على التجارب السابقة، وكذلك أن تكون مناسبة لحالة البلد أو النطاق المطبقة فيه، وكذا مراعاة أن تكون الاستراتيجية عابرة للحدود، تعمل على الشق الوقائي، وتفنيد الادعاءات والاستغلال السيء للأفكار المتطرفة، والعمل أيضًا على أفكار الجماعات المتطرفة والرد عليها، وكذلك اعتماد المرونة والتعامل مع المتغيرات المعتمدة على أساليب الجماعات المتطرفة في استخدامها للوسائل الرقمية.

ولفت إلى ضرورة وضع إطار زمني يقيم هذه الاستراتيجيات، مشيرًا إلى أن التطبيق يُظهر نقاط الضعف التي يمكن علاجها، كما أن هناك فجوة بين الأجيال لا بد من أخذها بعين الاعتبار.

واختتم كلمته قائلًا: "نتعرض لمحتوى صعب السيطرة عليه، وفكرة المنع أو الحظر ربما تكون ناجعة في فترة معينة دون غيرها، لكن على المدى البعيد لن يجدي المنع شيئًا".

وقال الأستاذ بأكاديمية الفنون عميد كلية العلوم السينمائية والمسرحية بجامعة بدر الدكتور أيمن الشيوي، إنَّ المدارس والجامعات والمساجد والمنابر والدراما والإعلام والأسرة تعدُّ أدوات ووسائل مهمة لبناء وعي الجمهور المصري، مشيرًا إلى أن الفنان والداعية والواعظ والمدرس له رسالة في الوجود والحياة، والحفاظ على هذه الرسالة يتطلَّب أن يفهم كل منهم شخصية الآخر، وأدواره الفاعلة، لأنهم قائمون بالاتصال وقادة للرأي العام، موضحًا أنهم يساهمون أيضًا في توجيهه وتكوين شخصيته وآرائه وسلوكه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يتطلب وجود تفاهمات واستيعاب كل منهم لدور الآخر.

وأوضح أنه قدَّم مجموعة من الإجابات على موضوع البحث المقدَّم من طرفه لكافة الأسئلة المتعلقة بـ"الصورة المتبادلة بين رجل الدين وصانع الدراما وأبعاد العلاقة بينهما" وهل هناك علاقة بين صنَّاع الدراما والشخصية الدينية، وهل تقف الشخصية الدينية موقفًا سلبيًّا من ظهورها على شاشة الدراما المصرية والعربية، وهل لعبت الدراما المصرية والعربية أدوارًا مختلفة في فهم الشخصية الدينية والتعامل معهما أم لا.

عاجل