رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي».. كيف تغلبت الدولة على تحدياتها لتنفيذ مشروع توشكى؟

نشر
مشروع توشكى
مشروع توشكى

تحديات عديدة نجحت الدولة في عبورها من أجل تنفيذ المشروعات الزراعية العملاقة الجديدة مثل توشكى والعوينات والدلتا الجديدة، في سبيل تحقيق الأمن الغذائي وتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع والمحاصيل الاستراتيجية، وزيادة الصادرات، وتحقق طفرة زراعية، بجانب توفير آلاف فرص العمل للشباب.

ويعتبر مشروع توشكى أحد أهم المشاريع الزراعية الضخمة، ويعد الأكبر من نوعه في قطاع الاستصلاح الزراعي في الشرق الأوسط، الذي واجهت الدولة تحديات كثيرة للغاية من أجل الشروع في تنفيذه، ولعل توفير المياه بكميات وفيرة وصالحة للري كانت أبرز التحديات التي تم التغلب عليها في طريق رؤية محصول القمح في توشكى، بجانب السعات الآمنة والملائمة والكافية لتخزين المحاصيل.

وأجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي جولة تفقدية، فجر الخميس الماضي، لمنطقة توشكي في جنوب الوادي، في محافظة أسوان، ليشهد بدء موسم حصاد القمح بالأراضي الزراعية بتوشكى، في إطار جهود الدولة لإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة لها مردود وعوائد اقتصادية كبيرة، وتدعم الأمن الغذائي وزيادة الصادرات، وتحقق طفرة زراعية، فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل في إطار نهضة تنموية شامل.

تحديات واجهت مشروع توشكى

الموارد المائية

وقال الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، في تصريح إلى موقع "مستقبل وطن نيوز"، إن التوسع في إنشاء مشروعات زراعية ضخمة مثل توشكى يحتاج إلى كميات وفيرة من المياه الصالحة للزراعة، لافتًا إلى أن ذلك لا يتم إلا من خلال التوسع في إنشاء مشروعات كبيرة للري تواكب الطفرة الحادثة في القطاع الزراعي.

وطبقًا للخطة الاستراتيجية القومية للموارد المائية، فإن الدولة نجحت في توفير 900 مليار جنيه لمجالات تحسين جودة المياه، والحفاظ على المياه، وتطوير مصادر جديدة للمياه.

وتضمنت الخطة الاستراتيجية تحديث وإعادة تأهيل نظام الري، والاعتماد على نُظم ري حديثة وذكية، والتحول إلى المحاصيل ذات الكفاءة المائية، وتبطين قنوات الري، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، تعزيز حصاد المياه وتخزينها وتحلية المياه.

الرئيس السيسي في مطحة بحر البقر لتحلية المياه

وأوضح نقيب الزراعيين، أن الدولة وفرت مصادر عديدة للمياه لتنفيذ مشروعات الزراعية، وذلك من خلال مشروعات إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي الذي قد يصل عدد مرات تدويرها إلى 3، بتكلة مادية ضخمة، في ظل ثبات حصة مصر من مياه نهر النيل، والزيادة السكانية المستمرة، لافتًا إلى نجاح الدولة في إنشاء محطة بحر البقر لتحلية المياه لخدمة القطاع الزراعي في سيناء ومحافظات القناة، ويتم الاعتماد عليها في زرعة 500 ألف فدان في وسط وشمال سيناء بجانب محطة الحمام بطاقة إنتاجية تصل إلى 6 ملايين متر مكعب من المياه في اليوم.

ويصل عدد محطات تحلية المياه إلى 47 محطة في شمال وجنوب سيناء ومطروح والبحر الأحمر، بطاقة إنتاجية قدرها 254860 ألف متر مكعب يوميًا، بينما يجرى العمل على الانتهاء من تنفيذ 19 محطة.

وفي الصعيد، نجحت الدولة في تنفيذ 52 محطة للمعالجة الثنائية والثلاثية للمياه، مما يوفر مصادر مائية جيدة، بجانب مياه النيل، للمشروعات المائية العملاقة جنوب الوادي مثل توشكى.

تبطين الترع

وأضاف، أن المشروع القومي لتبطين وتأهيل الترع، الذي يتم تنفيذه حاليًا، يستهدف توفير المياه اللازمة لإضافة مساحات خضراء جديدة، من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والأرز وقصب السكر وبنجر السكر.

وأعلنت وزارة الري، الانتهاء من تبطين وتأهيل ترع بأطوال 4951 كيلومترًا في مختلف محافظات الوادي والدلتا، ضمن المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع الذي يستهدف 20 ألف كيلومتر ترع على مستوى الجمهورية.

وذكرت وزارة الري، أنه تم الانتهاء من تأهيل 515 كيلومترا في قنا، و506 كيلومترات في المنيا، و478 كيلومترًا في بني سويف، و340 كيلومترًا في سوهاج، و320 كيلومترًا في القليوبية، و315 كيلومترًا في الشرقية، و311 كيلومترًا في الدقهلية، و289 كيلومترًا في كفرالشيخ، و268 كيلومترًا في الإسكندرية، و255 كيلومتر في المنوفية.

وأضافت، أنه يُجرى تأهيل ترع بأطوال تصل إلى 4066 كيلومترًا، بالإضافة لتوفير الاعتمادات المالية لتأهيل ترع بأطوال 2881 كيلومترًا تمهيدا لطرحها للتنفيذ، ليصل إجمالي الأطوال التي شملها المشروع حتى الآن إلى 11898 كيلومترًا.

وفيما يخص تأهيل المساقي، أوضحت وزارة الري أنه من المستهدف تأهيل 516 كيلومترًا من المساقي في محافظات القليوبية وأسيوط والمنوفية والفيوم والإسكندرية، وتم طرح وإسناد 330 كيلومترًا منها، ويجري تأهيل 262 كيلومترًا، وتم الانتهاء من تأهيل 68 كيلومترًا، منها 30 كيلومترًا بمحافظة القليوبية، و31 كيلومترًا في الفيوم، و4 كيلومترات في أسيوط، و2 كيلومتر في المنوفية، وكيلومتر واحد بمحافظة الإسكندرية.

الري حديث

كما لفت نقيب الزراعيين إلى أهمية تبديل نظم الري التقليدية مثل الري بالغمر المستخدم في أغلب الأراضي الزراعية القديمة في الوادي والدلتا إلى نُظم الري الحديثة القائمة على الرش والتنقيط، مما يوفر كميات كبيرة من المياه، ويزيد من جودة وكمية المحاصيل، ويحافظ على قدرة الأرض على الإنتاج. 

وحسب وزارة المالية، فإن مشروع التحول لاستخدام نظم الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والرش يتم على 3 مراحل على النحو التالي:

المرحلة الأولى: تم البدء فيها وتعرف بتحديث الري الحقلي وهو مخطط وزارتي الزراعة والري معًا على مساحة مليون ونصف المليون فدان، في مناطق الاستصلاح التي تروى بالغمر بالمخالفة، بجانب بعض المناطق التي تعاني من مشكلات في الري مثل محافظة الفيوم بزمام يبلغ 400 فدان.

وتشمل المرحلة الأولى تحويل نظام ري 504 آلاف فدان في الواحات والسويس والشرقية والإسماعيلية، وتم تقسيمها على مرحلتين، الأولى: 205 آلاف فدان في 2022، والثانية: 269 ألف فدان العام المقبل في الواحات والوادي الجديد، وفقا لجدول زمني يتيح تحويل من 20 إلى 22 ألف فدان في الشهر.

المرحلة الثانية: تشمل مناطق زراعات الأشجار والبساتين بزمام يبلغ حوالي 1.6 مليون فدان، وتستغرق نحو عامين، وتقوم على استخدام الري بالتنقيط للأشجار على الجذور مباشرة

المرحلة الثالثة: تشمل المحافظات الجنوبية في الوادي والدلتا ومناطق الزراعات الحقلية، بزمام يبلغ حوالي 4 ملايين فدان.

الصوامع

وبحسب بيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية، فإن المشروع القومي للصوامع ساهم في زيادة السعات التخزينية للمحاصيل الاستراتيجية من مليون و200 ألف طن إلى 3 ملايين و600 ألف طن، بزيادة حوالي 200%، وذلك بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أعطى أهمية كبرى لتوفير احتياطي استراتيجي من السلع والمحاصيل، خصوصًا الحبوب.

من جانبه، قال نقيب الزراعيين إن الدولة امتلكت إرادة حقيقية في الانتهاء من تنفيذ عدد كبير من الصوامع المجهزة للحفاظ على المحاصيل الاستراتيجية وتخزينها بشكل أمن، وأوضح: "لو لم تمتلك مصر البنية الأساسية من الصوامع لتخزين القمح لما كانت تستطيع تخزين حاجتها من المحصول لمدة 6 شهور، ولم نستطع التغلب على تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، إذ نستورد 80% من حاجتنا الخارجية من القمح من تلك البلدين".

وأوضح خليفة، أن الدولة أنفقت مليارات الجنيهات في سبيل تنفيذ مشروع الصوامع، لافتًا إلى ذلك المشروع احتاج لإنشائه 6 مليارات جنيه، وأن نسبة الفقد السنوي في القمح المستورد بسبب التخزين السيئ في الصوامع الترابية وظروف النقل غير الملائمة كانت تتراوح ما بين 15 – 20%، مما يكلف الدولة 6 مليارات جنيه، لافتًا إلى أن ذلك الرقم تم استغلاله من الدولة لوقف نزيف الفقد في الحبوب والمحاصيل الاستراتيجية في توفير سعات تخزينية متطورة، بحسب تأكيدات وزارة التموين والتجارة الداخلية.

وأضاف: "مسألة الأمن الغذائي تعتبر أمنًا قوميًا، وفي مصر لم تحدث أي أزمة تخص نقص أي سلعة أساسية من الأسواق، رغم التداعيات الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية وظروف جائحة كورونا، وحلول شهر رمضان المعظم إذ يزيد خلاله الطلب على السلع بشكل ملحوظ"، موضحًا أن مصر الدولة الوحيدة في العالم التي توفر جميع السلع لمواطنيها، ولا يوجد أي نقص في الأسواق.

ماذا يضيف مشروع توشكى والأراضي الجديدة لرصيد القمح؟

وتبلغ إجمالي المساحة المزروعة بالقمح خلال العام الجاري في توشكى 64 ألف فدان، ومن المستهدف زيادة المساحة المنزرعة بالقمح في توشكى إلى 300 ألف فدان بنهاية العام الجاري.

من جانبه كشف اللواء وليد أبوالمجد، مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، أنه تم استصلاح وزراعة 220 ألف فدان من محصول القمح بتوشكى والعوينات والفرافرة وعين دله، بإجمالي إنتاجية مستهدفة تصل إلى 550 ألف طن، تُخزن بصوامع وزارة التموين والتجارة الداخلية وشركة "سايلو فودز".

وذكر أبوالمجد، أنه من المتوقع استصلاح وزراعة 540 ألف فدان إضافية من محصول القمح، ضمن المرحلة الثانية والثالثة من مشروع توشكى، بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والجهات المعنية في الدولة، ليصل إنتاج محصول القمح المتوقع إلى مليوني طن.

عاجل