رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

ثاني من سجل القرآن بالإذاعة.. محطات من حياة الشيخ الشعشاعى

نشر
مستقبل وطن نيوز

تحل اليوم الذكرى الـ 132 لميلاد الشيخ عبد الفتاح محمود إبراهيم الشعشاعى وشهرته الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى ، والمولود في 21 مارس عام 1890، في قرية شعشاع، والتى سميت باسم جده شعشاع، التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية.

وتتلمذ على يد والده الشيخ محمود الشعشاعى وحفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز الـ 10 سنين، قبل أن يسافر إلى طنطا لطلب العلم من المسجد الأحمدى وتعلم التجويد وأصول القراءة ولتفوقه الشديد وتميزه بصوته العذب، طالبه مشايخه بضرورة السفر إلى القاهرة والالتحاق بالأزهر الشريف، ليبدأ في دراسة علم القراءات القرآنية على يد الشيخ بيومى والشيخ على سبيع عام 1914، واستقر بحى الدرب الأحمر، وذاع صيته بين عمالقة التلاوة أمثال الشيخ على محمود ومحمد رفعت، واشتهر الشيخ الشعشاعى بأدائه القرآنى المتميز وصوته الروحانى العذب.

 

واستطاع الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى ، تكوين فرقة للتواشيح الدينية، مكونة من الشيخ زكريا أحمد الملحن والذى ذاع صيته فى الليالى والمناسبات فى بداية مسيرتهـ لكنه تفرغ لتلاوة القرآن الكريم، حتى اشتهر بكونه أحد أشهر قراء وعمالقة التلاوة على مستوى مصر والعالم وبين أقرأنه فى توقيته.

واشتهر الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى وذاع صيته من خلال دخوله للقراءة في الليلة الختامية لمولد الامام الحسين رضى الله عنه، بصحبة عدد من المقرئين أمثال، "الشيخ محمد رفعت، الشيخ أحمد ندا، الشيخ على محمود، الشيخ العيساوى و الشيخ محمد جاد الله، وترتب عليه بلوغه العالمية من خلال صوته حتى أصبح له مكانة ومعجبين من بينهم الشيخ محمود علي البنا والشيخ أبو العينين شعيشع وغيرهما.

وتفرغ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى لتلاوة القرآن الكريم في عام 1930 وترك التواشيح، وقرر تخصيص رواتب شهرية لرفاقه في فرقة التواشيح حتى بعد وفاتهم، وبعد افتتاح الإذاعة عام 1934، بدأ يلمع وذاع صيته بعد تراجعه عن التسجيل في الإذاعة خشية أن يكون الامر من المحرمات، حتى حصل على فتوى الشيخ محمد الأحمد بن إبراهيم الظواهرى شيخ الأزهر وقبول الشيخ محمد رفعت عرض الإذاعة وكان يتقاضى راتباً سنوياً قدر بـ 500 جنيه مصرى، فكان ثانى من سجل فى إذاعة القرآن الكريم بعد الشيخ محمد رفعت، وعين الشيخ  قارئاً بمسجد السيدة نفيسة ثم مسجد السيدة زينب رضى الله عنهما.

واستطاع الشيخ زيارة العديد من الدول مرتلاً ومجوداً للقرآن الكريم وكان أول من رتل القرآن الكريم من القراء المصريين، بمكبرات الصوت بـ بيت الله الحرام والمسجد النبوى بالمدينة المنورة، بالمملكة العربية السعودية .

وحصل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى على العديد من الأوسمة والجوائز ومن بينها، "وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، تقديرًا لمسيرته فى مجال تلاوة القرآن الكريم. 

وتعرض الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى ، لموقف جمعه بالشيخ أبو العينين شعيشع، عندما كان مرافقاً له فى زيارته للعراق، بناء على دعوة عاجلة من السفير العراقي بالقاهرة لإحياء مأتم الملكة عالية " ملكة العراق، بناء على رغبة من القصر الملكى الذي أرسل إلى السفارة بطلب القارئ الشيخ أبوالعينين شعيشع والقارئ الشيخ مصطفى إسماعيلن فوافقت وبحثت عن الشيخ مصطفى إسماعيل كثيراً فلم أجده، ولضيق الوقت اتصلت على السفير العراقى وأبلغته صعوبة الحصول على الشيخ مصطفى إسماعيل، فطلب السفير العراقى اختيار قارئ من الكبار فوقع الاختيار على الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، وحرص فؤاد سراج الدين وزير الداخلية آنذاك على تسهيل إجراءات السفر والخروج من مصر للعراق.

وبمجرد وصول مطار بغداد ، فؤجئنا بإستقبال رسمى بالمطار أشبه بإستقبال المعزين من الملوك والرؤساء، وبالسؤال عن الشيخ مصطفى إسماعيل فقلت غير موجود بالقاهرة ولم نستدل على مكانه فحضرت بصحبة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى وهو أحد أشهر قراء مصر، ففؤجئت بتغير وجه الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى وبدأت علامات الغضب على وجه.

وتمتم الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى  بكلامه قائلاً، لو كنت قلت لى ونحن بالقاهرة، إنني لست مطلوبا بالاسم من القصر ما كنت وافقت أبدا ولكننى الآن سأعود إلى القاهرة، واستطعت إثناء الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى بصحبة المسئولين فى العراق وتوجهنا للفندق ومن ثم إلى القصر الملكى حيث عزاء الملكة عالية.

وبعد عودة الشيخ أبو العنين شعيشع و الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى إلى مقر الإقامة بالفندق، قال الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، أنا انتظرت الليلة علشان خاطرك وباكراً سأتجه إلى القاهرة فحاولت أن أقنعه ولكنه كان مصراً إصراراً شديداً، وحاولت التفكير طوال الليل فى إثنائه عن قراره ومن ثم حضرت لى فكرة الذهاب إليه والتحدث معه، قائلاً، و هل يرضيك أن يقال عنك إنك ذهبت إلى العراق لإحياء مأتم الملكة، ورجعت لأنك لم توفق فى القراءة وإنك لم تعجب العراقيين؟.. فسكت لبرهة وعاد قائلا بسماحة أهل القرآن.. يا " أبوالعينين" كيف يصدر هذا التفكير منك رغم حداثة سنك وأنا أكبرك سناً ولم أفكر مثل تفكيرك؟! ووافق على البقاء لاستكمال العزاء ومدة الدعوة التى كان مقررا لها سبعة أيام، وبدأ القراءة فى المساء قراءة وكأنه فى الجنة وتجلى عليه ربنا وكان موفقاً توفيقاً لا حدود له. 

وعاد إلى الفندق وهو يتمتع بحالة نفسية متميزة، وهو ما تسبب فى حصولنا، نهاية الأسبوع على وسام الرافدين وبعض الهدايا التذكارية وودعنا المسئولون بالبلاط الملكى العراقى كما كان استقبالهم لنا بشكل رسمى، وعدنا لمصر.

وبسبب تلك الزياة والتى كانت الأولى له فى العراق، أجمع العراقيون على حبه ومن ثم أصبحت له شهرة واسعة فى العراق وأصبح من قراء الإذاعة العراقية الأوائل، و تكررت زيارات الشيخ للعراق عدة مرات منذ ذلك الوقت و حتى آخر عام من وفاته.

ووصف الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى ، بلقب "إمبراطور فن التلاوة" وصاحب الصدارة في العصر الأول للقراءة، وتمثلت حياته فى العطاء، وقرأ فى مآتم "سعد زغلول باشا، عدلى يكن باشا وثروت باشا ".

ورحل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى عن عالمنا في 11 نوفمبر عام 1962 م عن عمر عمر يناهز الـ 72 عاماً، مخلفاً ورائه ثروة عظيمة من تلاوته بالقرآن الكريم.

عاجل