رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الدرب السلطاني.. طريق الحج الإسلامي القديم عبر سيناء

نشر
مستقبل وطن نيوز

في موسم الحج من كل عام يتذكر الجميع الدرب السلطاني الذي كان يسلكه المصريون والمسلمون من مختلف الدول العربية والأفريقية في طريقهم إلى الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج، علاوة على أنه هو طريق المحمل الذي كان يسلكه الوفد المصري ومعه كسوة الكعبة سنويا، كما تم استخدامه في العصر الحديث مع تشغيل ميناء نويبع بجنوب سيناء لنقل حجاج البر.

ويرى المهندس سالم حسين صباح مدير عام السياحة السابق بشمال سيناء أن هذا الطريق يعد من أهم الطرق التاريخية الإسلامية في مصر، وهو يمر عبر سيناء (شمالا وجنوبا)، ويبدأ من عجرود غرب السويس مرورًا بالنواطير بمدخل صحراء التيه ثم وادي القريض ودبة البغلة ونخل (بشمال سيناء) حتى خليج العقبة الأردني (مرورًا بميناء نويبع بجنوب سيناء) في اتجاه الأراضي السعودية، وكان مسلمو مصر يمرون عبره كل عام لتأدية فريضة الحج إلى جانب المحمل المقدس لكسوة الكعبة.

ونظرًا لأهمية هذا الطريق فقد سلكته شجرة الدر عام 648 هجرية والقائد بيبرس والسلطان الناصر قلاوون عام 719 هجرية، ومن أبرز آثار هذا الطريق الباقية لليوم لوحة أثرية نقشت في منطقة "دبة البغلة" بوسط سيناء، وحملت توقيع السلطان المملوكي "قنصوه الغوري"، ومن بين عباراتها الآيات الأولى من سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا" صدق الله العظيم، وكذلك عبارة تقول "رسم بقطع هذا الجبل المسمى عراقيب البغلة ومهد طريق المسلمين الحجاج لبيت الله تعالى وعمار مكة المكرمة والمدينة الشريفة والمناهل عجرود ونخل وقطع الحبل عقبة إيلا وعمار القلعة والآبار وقلعة الأزلم والموشحة ومغارب ونبط الفساقى وطرق الحج الشريفة مولانا المقام الشريف والإمام الأعظم سلطان الإسلام والمسلمين الملك الأشرف أبو النصر قنصوه الغورى نصره الله نصراً عزيزا"، كما نقش بأحرف كبيرة "لمولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قنصوة الغورى عز نصره".

ولا تزال هذه اللوحة معلما أثريا في المنطقة حيث أحاطته هيئة الآثار بسور شائك باعتباره أثرًا تاريخيًا، وبقي مزارًا للعابرين من هذا الطريق.

واستمر تدفق مسلمي مصر عبره حاملين كسوة الكعبة الشريفة كل عام حتى الحرب العالمية الأولى، كما استمر الطريق يؤدي خدماته لحجاج مصر وأفريقيا إلا أن عددهم أخذ في التناقص بالرغم من أهميته ودوره في اختصار الطريق البري إلى الأراضي السعودية.

ويؤكد قدرى الكاشف خبير التنمية بإقليم القناة وسيناء والمدير الأسبق لإدارة السياحة والهيئة الاقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة شمال سيناء أنه منذ أن دخل الإسلام مصر واستتب الأمر لعمرو بن العاص بسقوط روما وطردها من الإسكندرية عام 21هـجرية الموافق 462 ميلادية، وانتشار الإسلام منها إلى المغرب العربي وأفريقيا، بدأت رحلات الحج والعمرة تزداد اتساعا وعددا، وأصبحت مصر أنسب الدول الإسلامية من حيث الموقع والواجهة لتجمع المسلمين في رحلات الحج من خلال احتفال عظيم يطوف بالقاهرة القديمة في كوبرى القبة يتقدمه المحمل في موكب ديني إسلامي كبير يخرج من مصر كل عام حاملاً كسوة الكعبة.

ويتنافس الملوك والسلاطين على أن يكونوا في مقدمته كشجر الدر وسلاطين المماليك حتى بداية الخمسينيات من القرن العشرين حيث كانت سيناء ممرًا لهذا الموكب إلى الأراضي الحجازية عبر درب الحاج المصري بدءًا من النواطير في السويس إلى نخل ثم الأراضي الحجازية، وهو الدرب الذي اهتم بتمهيده وتزويده بالإمكانات المناسبة وفي مقدمتها حفر الآبار وتأمينه بالمخافر والقلاع أشهرها قلعة نخل، وكان للسلطان قنصوة الغوري الدور الأكبر في هذا المجال، حيث لا زالت توجد لوحته التأسيسية للدرب السلطاني حاملة رنكه.

وأوضح أن لوحة سلطان المماليك تقع على الطريق في المسافة ما بين مدينتي نخل ورأس النقب بوسط سيناء، وهي منقوشة على التلة الصخرية المعروفة بتلة أو تبة البغلة، ويبلغ ارتفاعها نحو 4 أمتار ومحاطة بحواجز حديدية لحمايتها حيث تعد من أهم الآثار الإسلامية في وسط سيناء وأحد المعالم الشهيرة، وكانت من أهم المزارات السياحية للمارين عبر هذا الطريق.

وأدت توابع كورونا الى توقف العديد من الأنشطة والمزارات منعا للتجمعات أو نقل العدوى، وتوقف معها استخدام طريق الحج القديم أو الدرب السلطانى وزيارة اللوحة الأثرية.

عاجل