رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مراحل خلق الجنين شاهد قرآني على دقة الخلق وسبق الوحي

نشر
مستقبل وطن نيوز

عقد الجامع الأزهر، الملتقى الفقهي بين الشرع والطب في حلقته الحادية والأربعين، لمناقشة موضوع: «مراحل خلق الجنين – رؤية فقهية طبية»، وذلك بمشاركة أ.د محمد صلاح سعد، أستاذ ورئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، وأ.د إسلام شوقي عبد العزيز، أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، والرئيس السابق للجمعية المصرية لأمراض القلب، فيما أدار اللقاء الإعلامي سمير شهاب من التلفزيون المصري.

خلق الجنين

وأكد الدكتور محمد صلاح سعد أن القرآن الكريم وجّه الإنسان إلى النظر في نفسه كما ينظر في الكون، باعتبار أن التفكر في الخلق سبيل إلى معرفة الخالق، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾، موضحًا أن النصوص الشرعية قدّمت وصفًا بالغ الدقة لمراحل خلق الجنين منذ كونه «نطفة في قرار مكين»، بما يعكس عناية إلهية فائقة بالإنسان في أطواره الأولى. وبيّن أن قرار الرحم ومكانه المحفوظ داخل الحوض يمثل حفظًا إلهيًّا محكمًا، تؤكده كذلك الأحاديث الصحيحة التي نصّت على توكيل ملك بالرحم يتعاهد الجنين مرحلة بعد مرحلة.

وأوضح فضيلته أن هذه العناية الإلهية انعكست بوضوح في الأحكام الفقهية؛ إذ قررت الشريعة مسؤولية حفظ الجنين ورعايته في جميع الأحوال، سواء من حيث النفقة أو التغذية أو الرعاية الصحية، حتى في حال الطلاق أو تعارض الصيام مع الحمل، مؤكدًا أن الجنين له حق مستقل في الحياة لا يُؤاخذ بذنب غيره. 

وأضاف أن الفقه الإسلامي أقر للجنين شخصيةً اعتباريةً في مسائل الميراث، وراعى مصلحته قبل الميلاد، وهو ما يعكس نظرة الإسلام الشاملة للإنسان منذ لحظة التكوين الأولى.

من جانبه، أوضح الدكتور إسلام شوقي عبد العزيز أن الاكتشافات الطبية الحديثة كشفت تفاصيل دقيقة لمراحل الخلق الجنيني، تبدأ من امتزاج نطفة الرجل بنطفة المرأة، مرورًا بمراحل النطفة والعلقة والمضغة، ثم تكوّن العظام وكسوتها لحمًا، وهي حقائق لم يُدركها العلم إلا بعد تطور أدوات البحث والرصد المجهري في العصر الحديث. وبيّن أن هذا التسلسل العلمي يتطابق تطابقًا مدهشًا مع ما ورد في القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا.

وأشار إلى أن الحديث النبوي الشريف قرّر بوضوح أن الإنسان يُخلق «من كلٍّ»، أي من الذكر والأنثى معًا، وهو ما تؤكده الحقائق الجينية الحديثة المتعلقة بالكروموسومات والصفات الوراثية، مؤكدًا أن هذا التوافق بين النص الشرعي والعلم التجريبي يمثل شاهدًا حيًّا على سبق الوحي، ودليلًا على أن الإسلام لم يكن يومًا في تعارض مع العلم، بل كان ممهِّدًا لفهم سنن الخلق وموجِّهًا للعقل الإنساني نحو التدبر والاكتشاف.

وفي ختام الملتقى، أكّد الإعلامي سمير شهاب، الذي أدار اللقاء، أن الجمع بين الرؤية الفقهية والشرح الطبي في تناول موضوع «مراحل خلق الجنين» يجسّد رسالة الملتقى في تكامل الوحي مع منجزات العلم الحديث، ويبرز أن القرآن الكريم تناول خلق الإنسان في سياق التكريم الإلهي، ببيان يقوم على التدرج والدقة وإحكام التقدير. 

وخلص الملتقى إلى أن الوحي يظل سابقًا، والعلم شاهدًا، وأن الإسلام دين علم وبناء، وأن الطب حين يسير في ضوء القيم الشرعية يكون أداةً لحفظ الإنسان وصيانة كرامته منذ اللحظات الأولى للحياة.

عاجل