القومي لحقوق الإنسان: حماية المدنيين في النزاعات المسلحة التزام قانوني ومقصد شرعي
أكد الدكتور هاني إبراهيم، الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة تمثل التزامًا قانونيًا دوليًا غير قابل للانتقاص، وفي الوقت ذاته مقصدًا شرعيًا أصيلًا يقوم على حفظ النفس وصون الكرامة الإنسانية، مشددًا على أن ما يشهده قطاع غزة ومناطق النزاع في بلداننا العربية يستدعي إعادة قراءة الفتوى المعاصرة قراءة مقاصدية حقوقية.
جاء ذلك خلال كلمته في ورشة العمل المعنونة «الفتوى والقانون الدولي الإنساني: حماية المدنيين بين المقاصد الشرعية والقواعد الدولية»، والتي ناقشت الفتوى والمقاصد الشرعية في ضوء القانون الدولي الإنساني، وقراءة حقوقية تطبيقية على ما يحدث في غزة ومناطق النزاعات في العالم العربي.
وأوضح الأمين العام للمجلس أن ما يحدث في غزة يضع المجتمع الدولي والخطاب الديني أمام اختبار حقيقي للاتساق بين القيم والممارسات، مؤكدًا أن القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف، يقر مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين ويحظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وهو ما يتوافق بشكل مباشر مع المقاصد الشرعية التي حرّمت قتل غير المقاتلين وأوجبت حماية الضعفاء أثناء النزاعات.
وأشار إلى أن الاستهداف المتكرر للمدنيين، لا سيما النساء والأطفال، لا يمكن تبريره شرعًا أو قانونًا، لافتًا إلى أن مبدأ التناسب في القانون الدولي الإنساني يتقاطع مع القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الضرر لا يُزال بضرر أكبر، وأن الأصل في الدماء الحرمة.
كما نبه المجلس إلى خطورة الحصار المفروض على قطاع غزة وما يترتب عليه من منع أو تقييد دخول الغذاء والمياه والدواء والوقود، مؤكدًا أن تجويع المدنيين واستخدام الحصار كوسيلة للعقاب الجماعي يُعد جريمة محظورة وفق القانون الدولي الإنساني، ويتعارض بوضوح مع المقاصد الشرعية التي تحرم الإضرار بمعاش المدنيين وتوجب حماية الحق في الحياة والعيش الكريم حتى في زمن الحرب.
وشدد الدكتور هاني إبراهيم على أهمية الفتوى الواعية بالمقاصد، التي ترفض تبرير العقاب الجماعي أو شرعنة استهداف البنية التحتية المدنية أو الصمت عن الانتهاكات الجسيمة تحت أي ذريعة، مؤكدًا أن الفتوى التي تتجاهل البعد الإنساني والحقوقي تبتعد عن جوهر الشريعة وتفرغ مقاصدها من مضمونها الأخلاقي.
وأكد أن الفتوى المقاصدية يجب أن تكون أداة لحماية الإنسان لا لإعادة إنتاج العنف، وأن تسهم في إعلاء مبدأ حرمة الدم الإنساني دون تمييز، ودعم الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وفضح الانتهاكات الواقعة بحق المدنيين.
واختتم الأمين العام للمجلس بالتأكيد على أن بناء خطاب فتوى معاصر يتكامل مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة أخلاقية وقانونية ملحة، لحماية المدنيين ومنع توظيف الدين لتبرير الجرائم، والانتصار للإنسان أينما كان، وفي مقدمتهم المدنيون في قطاع غزة.