رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«إياتا» تحذر: أزمة توريد الطائرات تهدد أرباح الشركات وأهداف الاستدامة بحلول 2050

نشر
مستقبل وطن نيوز


أطلق ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»، تحذيرًا حادًا ، أن أزمة سلاسل التوريد الحالية للطائرات الجديدة ليست مجرد إزعاج تشغيلي، بل كارثة اقتصادية وبيئية تهدد بإفشال هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفر بحلول 2050، وتكلف شركات الطيران مليارات الدولارات سنويًا، وتجبرها على تشغيل أسطول أقدم وأعلى استهلاكًا للوقود ، وذلك خلال كلمته في يوم الإعلام العالمي لـ«إياتا» بجنيف .

كشف والش عن أرقام صادمة تُلخص عمق الأزمة: تراكم طلبات الطائرات تجاوز 17 ألف طائرة، أي ما يعادل نحو 12 سنة من الطاقة الإنتاجية الحالية لمصنعي الطائرات. في الوقت نفسه، بلغ عدد الطائرات المتأخر تسليمها أكثر من 5300 طائرة، بينما ارتفع عدد الطائرات المخزنة إلى أكثر من 5000 طائرة، وهو أعلى رقم في تاريخ الصناعة. ونتيجة مباشرة لهذه التأخيرات، قفز متوسط عمر الأسطول العالمي إلى 15.1 سنة، مقابل 13.4 سنة فقط قبل جائحة كورونا.

وأوضح والش أن هذه الأرقام تعني عمليًا أن شركات الطيران محرومة من استلام جيل جديد من الطائرات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، مما يعرقل بشكل جذري خطط خفض الانبعاثات الكربونية. فكل يوم تأخير في تسليم طائرة جديدة يعني استمرار تشغيل طائرة قديمة تحرق وقودًا أكثر وتطلق انبعاثات أعلى، وبالتالي يصبح تحقيق أهداف الاستدامة أقرب إلى المستحيل في الجدول الزمني المحدد.

وكشف والش، أن هذا الوضع يكلف شركات الطيران أكثر من 11 مليار دولار سنويًا، موزعة على أربعة بنود رئيسية: 4.2 مليار دولار خسائر في توفير الوقود الذي كان من المفترض تحقيقه، و3.1 مليار دولار زيادة في تكاليف الصيانة بسبب تقادم الأسطول، و2.6 مليار دولار تكاليف إضافية لتأجير المحركات، و1.4 مليار دولار تكدس في مخزون قطع الغيار، فهذه الأرقام تعني أن الشركات تدفع مليارات مقابل طائرات لم تتسلمها بعد، وفي الوقت نفسه تتحمل تكاليف تشغيل أسطول أقدم وأغلى وأقل كفاءة بيئية.

ولم يكتف والش بالتشخيص، بل قدم روشتة علاج واضحة تتكون من أربع خطوات عاجلة يجب تنفيذها فورًا. أولًا، فتح سوق ما بعد البيع أمام منافسين جدد لكسر احتكار المصنعين الأصليين على قطع الغيار، مما سيخفض الأسعار ويزيد التوافر. ثانيًا، زيادة شفافية سلاسل التوريد بالكامل من خلال تبادل المعلومات في الوقت الفعلي بين جميع الأطراف، لتجنب المفاجآت والتأخيرات غير المتوقعة. ثالثًا، استغلال البيانات المتوفرة بشكل أذكى للتنبؤ بالاحتياجات وتحسين التخطيط، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة. رابعًا، توسيع قدرات الإصلاح وتوفير قطع الغيار عالميًا بشكل جذري، من خلال إنشاء مراكز إصلاح جديدة وتوسيع الشراكات الدولية.

وأكد والش أن هذه الخطوات الأربع ليست خيارات، بل ضرورة حتمية، لأن غيابها سيستمر في إبقاء آلاف الطائرات على الأرض، ويكلف الشركات مليارات إضافية، ويعيق تجديد الأسطول، ويجعل هدف صافي الانبعاثات الصفري مجرد حلم بعيد المنال. وشدد على أن الحل لن يأتي إلا بالتعاون الجاد بين شركات الطيران والمصنعين والموردين والمنظمين، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى أزمة أعمق تهدد ليس فقط أرباح الشركات، بل قدرتها على النمو والمساهمة في الاقتصاد العالمي.

واختتم والش كلمته برسالة مباشرة: "الوقت ليس في صالحنا، إذا لم نتحرك الآن بشكل جماعي وحاسم، فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة من التأخير والخسائر والانبعاثات المرتفعة، صناعة الطيران تستطيع أن تكون جزءًا من الحل البيئي العالمي، لكن ذلك لن يحدث ما لم نعالج جذور الأزمة فورًا".

 

عاجل