في ذكرى رحيله.. كيف أصبح فاخر فاخر أيقونة الأدوار التراجيدية؟
في مثل هذا اليوم، يعود إلى الذاكرة واحد من أبرز وجوه الفن في مصر خلال عصره الذهبي؛ الفنان فاخر فاخر، الذي رحل في الأول من ديسمبر عام 1962، تاركًا وراءه مسيرة فنية ثرية طبعت السينما والمسرح والإذاعة ببصمته التراجيدية والإنسانية المتفردة.
وبرغم مرور أكثر من ستة عقود على رحيله، ما تزال أعماله شاهدة على حضور فني أصيل، خصوصًا في شخصية وكيل النيابة التي ارتبط اسمه بإتقانها.
وُلد فاخر محمد فاخر، المعروف فنيًا باسم فاخر فاخر، في 3 مارس 1912 بقرية الدوير التابعة لمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط. ومنذ طفولته جذبته الفرق المسرحية التي كانت تجوب صعيد مصر خلال الاحتفالات الشعبية، إلا أن أسرته رفضت دخوله عالم التمثيل. لكن موهبته وجدت طريقها إلى الضوء حين اكتشفه الفنان أحمد علام وقدّمه إلى مسرح رمسيس، حيث شارك في عدد من العروض المهمة مثل: شجرة الدر، غرام لص، المحروسة، السلطان الحائر، اللعب بالنار، وبعد سنوات من العمل المسرحي، اتجه إلى السينما عقب استقالته من الفرقة.

بدأت رحلته السينمائية بفيلم "قلب امرأة" عام 1940، لتتوالى بعدها أعماله التي بلغت ما يقارب 118 عملًا فنيًا. ومن أبرز أفلامه: غرام وانتقام (1944)، بيومي أفندي (1949)، من القلب للقلب (1952)، إسماعيل ياسين في جنينة الحيوانات (1957)، نصف عذراء (1961)، اللص والكلاب (1962)، المماليك (1965)، للنساء فقط (1966)*. كما شارك في عدد من الأعمال الإذاعية في بداياته، منها: صلاح الدين الأيوبي، يكفينا الشر، شخصيات تبحث عن مؤلف.
تميّز فاخر فاخر بثقافته الواسعة وطلته الخاصة التي جعلته مختلفًا عن أبناء جيله، إضافة إلى قدرته على التنوع في أدواره، إذ شارك وحده في نحو 12 فيلمًا خلال عام 1962 فقط، رغم صعوبة تقديم هذا العدد من الشخصيات المتباينة في فترة قصيرة.
وعلى الصعيد الشخصي، تزوج فاخر فاخر من خارج الوسط الفني، وأنجب ابنته الوحيدة الفنانة هالة فاخر، التي ظهرت معه طفلة في فيلم "لن أبكي أبدًا" عام 1957، وهو العمل الوحيد الذي جمعهما.

وكشفت هالة فاخر في أحد لقاءاتها أن والدها، الذي اشتهر على الشاشة بالأدوار الجادة، كان داخل المنزل يتمتع بروح كوميدية مرحة، يسخر من المواقف بطريقته الخاصة التي كانت تثير الضحك حوله.
رحل الفنان فاخر فاخر في الأول من ديسمبر عام 1962 عن عمر ناهز الخمسين عامًا، إثر إصابته بالذبحة الصدرية، ولم يشهد عرض آخر أعماله التي انتهى من تصويرها قبل رحيله، ومنها: شفيقة القبطية (1963) مع هند رستم، ألف ليلة وليلة (1964) مع ليلى فوزي، و*المماليك مع عمر الشريف.
وبرغم رحيله المبكر، بقي تأثيره راسخًا في الوجدان الفني المصري؛ فكل إعادة عرض لأعماله تعيد إلى الأذهان صورة الفنان الملتزم والمحترف، الذي ترك إرثًا فنيًا لا تزال الأجيال تحتفي به، ليظل فاخر فاخر واحدًا من الوجوه التي لا يطالها النسيان في تاريخ السينما المصرية.
