رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الفيلم المصري «أحلام بنات» يحصد الجائزة الذهبية في تونس

نشر
فيلم أحلام بنات
فيلم أحلام بنات

توج الفيلم المصري "أحلام بنات" للمخرجة مروة الشرقاوي ضمن فئة الفيلم الوثائقي القصير، بـ "ذهبية سينمكنة" خلال فعاليات الدورة السادسة من أيام سينمكنة للأفلام الشعرية بمدينة المكنين التونسية، لترسيخ موقعها كأحد أبرز الفضاءات العربية والعالمية المخصصة لتلاقي السينما والشعر.

فيلم «أحلام بنات»

وقدمت المخرجة مروة الشرقاوي فيلمًا وثائقيًا جديدًا يُلقي الضوء على حياة الفتيات الصغيرات في قرية عرب بني واصل بمحافظة سوهاج، حيث تتقاطع أحلام الطفولة مع واقع اجتماعي صعب تحكمه العادات والتقاليد.

ويتناول الفيلم معاناة فتيات يعشقن الموسيقى والعزف والغناء، ويبحثن عن مساحة للتعبير عن ذواتهن، لكنهن يصطدمن بعقبات متجذرة في المجتمع، منها الزواج المبكر، وحرمان الفتيات من حرية اختيار شريك الحياة، والنظرة التمييزية التي تضع المرأة في مرتبة أدنى مقارنة بالشباب، فضلًا عن التحديات التي تواجه عمل المرأة واستقلالها في المجتمعات الريفية.

وتظهر بصمة مروة الشرقاوي الإخراجية من خلال أسلوب بصري شاعرٍ وواقعي في آن واحد، حيث تستخدم الكاميرا كعينٍ إنسانية تتنقل بين تفاصيل الحياة اليومية للفتيات، وتكشف التناقض بين براءة الطفولة وقسوة الواقع.

وفي أحد المشاهد اللافتة، تظهر طفلة في الحادية عشرة من عمرها من قرية عرب بني مصر وهي تحمل آلة البيانو في لقطة رمزية شديدة التعبير، تُجسد من خلالها المخرجة إصرار الفتاة على التمسك بحلمها رغم القيود المفروضة عليها.

كما تتوقف الكاميرا عند مشهد مؤثر لأمٍّ لم تكمل تعليمها، لكنها تُصرّ على دعم ابنتها لمواصلة الدراسة، في محاولة لكسر الدائرة المغلقة التي حرمت أجيالًا من الفتيات من تحقيق ذواتهن.

واعتمدت مروة الشرقاوي في فيلمها على الدمج بين الواقعية التسجيلية واللغة الشعرية في السرد، فالفيلم لا يكتفي بنقل الواقع كما هو، بل يسعى إلى تقديم قراءة إنسانية لتلك الحياة المقهورة، من خلال تفاصيل بسيطة ومواقف يومية تحمل الكثير من الدلالات.

كما استخدمت المخرجة الألوان والموسيقى كعنصرين رئيسيين في بناء الحالة الدرامية، حيث أضافت ألوان المشاهد إحساسًا بالدفء والحنين، بينما جاء توظيف الموسيقى متناغمًا مع الإيقاع الداخلي لحياة الفتيات وأحلامهن.

ويُقدم العمل رؤية إنسانية تنحاز إلى المرأة الريفية المهمشة، وتدافع عن حقها في الاختيار والتعليم وممارسة الشغف الفني، باعتبار أن الفن ليس ترفًا، بل وسيلة للتعبير عن الذات والبحث عن الحرية.
ومن خلال شخصياتها الحقيقية، تفتح مروة الشرقاوي نافذة على عوالم مسكوت عنها في الريف المصري، وتدعو المشاهد للتفكير في الأسئلة الكبرى حول الهوية، والمساواة، وحق المرأة في الحلم والقرار.
ويُعد الفيلم نتاجًا لتعاون مجموعة من الطاقات الشابة التي آمنت بقوة السينما في التغيير الاجتماعي، فخرج العمل بتجربة صادقة ومؤثرة تعبّر عن جيل يسعى إلى بناء وعي جديد بدور المرأة في المجتمع المصري والعربي.

ويؤكد الفيلم أن أحلام الفتيات الصغيرات في القرى ليست بعيدة المنال، بل تحتاج فقط إلى فرصة ودعم كي تُترجم إلى واقع. ومن خلال عين مروة الشرقاوي، تتحول الكاميرا إلى مرآة تعكس ما وراء الصمت، لتصنع شهادة فنية وإنسانية عن الإصرار والأمل وسط قيود الواقع.

عاجل