رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

المفتي: التراث الإسلامي يشكل أساسًا راسخًا لتحقيق مصالح الأمة وسط التحديات المعاصرة

نشر
مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن التراث الإسلامي يشكّل أساسًا راسخًا للاجتهاد في إصدار الفتاوى، وأن الإفادة منه ضرورة لتحقيق مصالح الأمة في ظل التحديات المعاصرة، موضحًا أن التعامل مع التراث يجب أن يكون بمنهج علمي يقوم على التوازن والاعتدال دون إفراط ولا تفريط، إذ يمثل حصيلة فكرية ضخمة خلفها الأئمة والعلماء والمفكرون عبر العصور.

جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها المفتي بكلية الشريعة والقانون، بجامعة العلوم الإسلامية في ماليزيا، تحت عنوان «التراث كأساس للاجتهاد في إصدار الفتاوى .. التحديات وأهمية الحفاظ على مصلحة الأمة». 

التراث الإسلامي للفتوى

وأوضح مفتي الجمهورية، أن الموقف من التراث الإسلامي في زماننا قد تباين على 3 اتجاهات رئيسة؛ فهناك من غلا في التمسك به حتى جعل منه مرادفًا لصحيح الدين، ودعا إلى الالتزام بكل ما ورد فيه من أقوال ومذاهب دون نظر في تغير الزمان والمكان، معتبرًا أن هذا الموقف قاصر لا يعبر عن روح الإسلام، مُؤكدًا أن السلف رحمهم الله لو عادوا مرةً أخرى للحياة لتغيرت مواقفهم وآراؤهم بما يتناسب وواقع الحياة اليوم، بينما ذهب آخرون إلى نقيض ذلك فأنكروا التراث وعدّوا الرجوع إليه تخلفًا ودعوا إلى القطيعة معه والانجرار خلف النظريات المادية حتى ولو خالفت الدين.

وأكد، أن هذا الموقف يجانب المنهج العلمي السليم ويتجاهل القيمة الحضارية والفكرية للتراث الإسلامي، بينما الاتجاه الثالث يتمثل في الموقف الوسط بين هذا وذاك، وهو ما عليه منهج الأزهر الشريف جامعًا وجامعةً، فيأخذون منه ما يتناسب وواقع الناس اليوم، ويرفضون الأخذ بالأقوال والآراء التي قيلت في سياقات تاريخية معينة.

وبيّن المفتي، أن المنهجية المثلى للتعامل مع التراث تقوم على أربعة أركان أساسية هي نفي صفة العصمة عنه، لأنه جهد بشري قابل للخطأ والصواب، وأن التعامل معه ينبغي أن يكون وفق المنهجية التي أشار إليها الفيلسوف ابن رشد رحمه الله «ننظر في الذي قالوه من ذلك وما أثبتوه في كتبهم؛ فما كان منها موافقًا للحق قبلناه منهم وسُررنا به وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق نبَّهْنَا عليه وحذرناهم منه وعذرناهم» وقد بين ابن رشد أن النظر في كتب القدماء واجب بالشرع لمن يمتلك ذكاء الفطرة والعدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية، الأمر الثاني الاستثمار، ونقصد به استثمار الصحيح من التراث في خدمة الإنسانية اليوم، وما يمكن أن يسهم في بناء الحضارة الإنسانية، الأمر الثالث، التجاوز، ونقصد به تجاوز الأقوال و الآراء الشاذة والضعيفة والتي لا تتناسب وواقع الناس اليوم، بحيث نتجاوزها إلى الاجتهاد والتجديد وصياغة الأقوال الجديدة التي تتحقق بها مصالح الناس في العاجل والآجل، الأمر الرابع، الاعتبار والدراسة والبحث وهو يتمثل في النظر ـ على سبيل المثال ـ فيما وقع من خلاف في القرن الأول فإنه يجب أن يدرس في إطار البحث العلمي والعبرة التاريخية فقط، وألا يسمح له أن يمتد إلى حاضر المسلمين ومستقبلهم، بل يجمد من الناحية العملية تجميدًا تاما، ويترك حسابه إلى الله تعالى، مصداقًا لقوله سبحانه: ﴿تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون﴾.

عاجل