رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

من القصر إلى زنزانة إنفرادي.. كيف سيقضى الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي أيامه خلف القضبان؟

نشر
كيف سيقضى الرئيس
كيف سيقضى الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي

في مشهد غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الفرنسية الحديثة، دخل الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، صباح الثلاثاء، سجن "لا سانتي" بالعاصمة باريس لقضاء عقوبة السجن لمدة 5 سنوات، ثلاث منها نافذة، بعد إدانته في قضية التمويل غير المشروع لحملته الانتخابية عام 2007، والمعروفة إعلاميًا بـ"قضية التمويل الليبي".
 

زنزانة العزلة.. والرئيس السابق سجينًا

وفق ما نشرته صحيفة لو باريزيان الفرنسية، فقد تم نقل ساركوزي، البالغ من العمر 70 عامًا، إلى قسم العزل الانفرادي في السجن لأسباب أمنية، وذلك لحمايته وضمان سرية ظروف احتجازه، كونه أول رئيس فرنسي سابق يُودع السجن منذ الحرب العالمية الثانية.


وغادر ساركوزي منزله في باريس قرابة الساعة التاسعة صباحًا، وسط هتافات أنصاره الذين احتشدوا لدعمه بعد دعوة من أسرته.

حقيبة السجن: يسوع و"الكونت دي مونت كريستو"

كشفت صحيفة لوفيغارو أن الرئيس الأسبق دخل السجن حاملاً كتابين فقط؛ أحدهما سيرة عن المسيح يسوع، والآخر رواية "الكونت دي مونت كريستو" لألكسندر دوما، التي تروي قصة رجل أُدين ظلمًا، في دلالة رمزية على شعوره بالظلم.


وقال ساركوزي قبل سجنه: "سأواجه السجن برأس مرفوع لست خائفًا لقد حوّلوا حياتي إلى معاناة منذ أكثر من عشر سنوات، لكنني سأواصل النضال ضد هذا الظلم".

تعاطف رئاسي وانتقادات قضائية

رغم صدور الحكم وفق قانون أقر في 2019، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبدى تعاطفًا إنسانيًا مع سلفه، والتقاه قبل أيام من دخوله السجن، مؤكدًا أن "احترام القضاء واجب، لكن من الطبيعي أن ألتقي أحد أسلافي في مثل هذه الظروف الصعبة".


كما أعلن وزير العدل جيرالد دارمانان، المقرب من ساركوزي، عزمه زيارة الأخير في السجن للاطمئنان عليه، مما أثار غضب نقابات القضاة التي وصفت الأمر بأنه "خلط خطير بين الصداقة والموقع الرسمي".

معركة الإفراج المؤقت

أكد محامو الرئيس الأسبق أنهم تقدموا رسميًا بطلب إفراج مؤقت، ومن المقرر أن تبت المحكمة فيه خلال الأسابيع القادمة.
لكن وفق القانون الفرنسي، لا يمكن استمرار احتجاز المتهم إلا إذا وُجد خطر من التأثير على الشهود أو الهروب أو التواطؤ، وإذا انتفت هذه الشروط، فسيُفرج عن ساركوزي مع الإقامة الجبرية والمراقبة الإلكترونية.

تفاصيل الحكم والتهم الموجهة

كانت محكمة باريس الجنائية قد أدانت ساركوزي في 25 سبتمبر بالسجن 5 سنوات، منها 3 نافذة، بتهمة التآمر الجنائي مع مسؤولين من نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، عبر وسطاء لتمويل حملته الانتخابية عام 2007 بطريقة غير قانونية.
وبرر القضاة الحكم بـ"الخطورة الاستثنائية للأفعال التي تقوض ثقة المواطنين في ممثليهم"، بينما وصف ساركوزي القرار بأنه "ظلم وعدوان سياسي".

سابقة تهز السياسة الفرنسية

أثار دخول ساركوزي السجن صدمة سياسية كبرى في فرنسا، إذ يُعد أول رئيس فرنسي سابق يُسجن منذ المارشال فيليب بيتان الذي أدين بالتعاون مع النازيين في الحرب العالمية الثانية.
ووصفت الصحف الفرنسية المشهد بأنه "لحظة مظلمة في تاريخ الجمهورية"، بينما اعتبر محللون أن الحادثة قد تعيد فتح النقاش حول العلاقة بين السلطة والمال في النظام السياسي الفرنسي.

ظروف احتجاز ساركوزي

يخضع ساركوزي حاليًا لنظام العزل الانفرادي داخل السجن، في زنزانة تتراوح مساحتها بين 9 و12 مترًا مربعًا، وتحتوي على حمام خاص بعد التجديدات الأخيرة.
ويُسمح له بالحصول على تلفاز مقابل 14 يورو شهريًا وهاتف أرضي، كما يُمارس أنشطته اليومية بشكل منفصل عن بقية السجناء حفاظًا على أمنه الشخصي.

تاريخ من القضايا والاتهامات

ليست هذه أول مواجهة لساركوزي مع القضاء؛ فقد سبق أن أُدين في قضية فساد منفصلة تتعلق بمحاولته الحصول على معلومات سرية من قاضٍ مقابل خدمات وظيفية، ويقضي عقوبته السابقة عبر ارتداء سوار إلكتروني في منزله.
كما خضع لتحقيقات في قضايا تمويل غير مشروع، وتلقي أموال من رجال أعمال أجانب، لكن لم تصدر بحقه أحكام نهائية في تلك القضايا.

بين التعاطف والغضب الشعبي

انقسم الشارع الفرنسي بين من يرى أن الحكم يمثل انتصارًا للعدالة والمساواة أمام القانون، ومن يعتبر أن القضية ذات طابع سياسي تهدف إلى تشويه إرث الرئيس الأسبق.
وقال أحد أنصاره أمام السجن: "قد يضعونه خلف القضبان، لكن التاريخ سيُنصفه يومًا"، في المقابل، اعتبر ناشطون يساريون أن "ما يحدث رسالة واضحة بأن لا أحد فوق القانون، حتى الرؤساء"

عاجل