في ذكرى ميلاده.. أحمد بدرخان رائد الرومانسية ومهندس السينما الغنائية

تحتفي الأوساط الفنية اليوم السبت، بذكرى ميلاد المخرج أحمد بدرخان، أحد أبرز رواد السينما المصرية الكلاسيكية، وصاحب البصمة الرومانسية التي شكلت ملامح الشاشة الفضية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
هوية فنية خاصة
ويعد أحمد بدرخان، من جيل المبدعين الذين أسسوا للسينما المصرية هوية فنية خاصة تجمع بين الدراما الاجتماعية والميلودراما الراقية والأغنية السينمائية، لتبقى أعماله جزءًا أصيلًا من ذاكرة الفن العربي.
في الثامن عشر من أكتوبر عام 1909، ولد أحمد بدرخان في مدينة القاهرة، وبدأ مسيرته الفنية من بوابة التعليم الأكاديمي، حيث درس في جامعة السوربون بفرنسا السينما والإخراج، ليعود إلى مصر مزودًا بخبرة علمية ورؤية جديدة في زمن كانت فيه صناعة السينما المصرية في مرحلة البدايات والنشء، وكان من أوائل الذين آمنوا بدور الفن السابع كوسيلة للتنوير والتعبير عن المجتمع المصري.
المدرسة الأولى لصناعة السينما
بدأ أحمد بدرخان مشواره في الإخراج مع شركة استوديو مصر التي كانت بمثابة المدرسة الأولى لصناعة السينما في مصر، لفت الأنظار منذ بداياته بإحكامه البصري وقدرته على توظيف الصورة والموسيقى لخدمة المضمون الدرامي، فكان من أوائل من جعلوا الكاميرا تتحدث بالعاطفة قبل الحوار.
أخرج أحمد بدرخان أول أفلامه "نشيد الأمل" عام 1937، ثم قدم فيلم "انتصار الشباب" عام 1941 الذي كان بمثابة انطلاقة جديدة في السينما الغنائية، حيث جمع بين الأداء التمثيلي والغناء الاستعراضي في قالب درامي محكم، وقد شهد هذا الفيلم أيضًا بداية النجومية السينمائية للثنائي فريد الأطرش وأسمهان، ليؤسس "بدرخان" بذلك مدرسة متفردة في الإخراج الموسيقي والدرامي.
توالت بعد ذلك أعماله التي تركت أثرًا لا يُمحى، من أبرزها: "حياة الظلام، الأبرياء، من الجاني، شهر العسل، نادية، سيد درويش، مصطفى كامل، الذي تناول فيه سيرة الزعيم الوطني في عمل تاريخي متميز، وغيرها من الأفلام.
لم يكن أحمد بدرخان مجرد مخرج، بل كان مفكرًا فنيًا، جمع بين الحِس الأدبي والوعي الاجتماعي، كانت أفلامه مرآة للمجتمع المصري في مرحلة التحول من الملكية إلى الجمهورية، كما برع في تصوير المشاعر الإنسانية العميقة ببساطة وصدق بعيدًا عن المبالغة.
اكتشاف المواهب
عرف عن احمد بدرخان أيضًا اهتمامه بالوجوه الجديدة واكتشاف المواهب، فقد أسهم في تقديم عدد من النجوم الذين أصبحوا لاحقًا من رموز السينما، وكان له دور كبير في تطوير شكل الأغنية السينمائية، لتصبح عنصرًا دراميًا أصيلًا لا مجرد فاصل ترفيهي.
نال أحمد بدرخان تقدير النقاد والجمهور على حد سواء، وكرم في عدد من المهرجانات والفعاليات السينمائية تقديرًا لإسهاماته في تأسيس لغة بصرية راقية تركت بصمتها في تاريخ السينما العربية.
وفي السادس والعشرين من يوليو عام 1969، رحل المخرج أحمد بدرخان بعد أن قدم أكثر من ثلاثة عقود من الإبداع والإخلاص للفن، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالدًا ما زال يدرس للأجيال الجديدة من المخرجين، باعتباره واحدًا من الآباء المؤسسين للسينما المصرية الحديثة.