«مهرجان الجونة السينمائي 2025».. منصة عربية تتألق بعروض عالمية وتكريمات مصرية

يواصل مهرجان الجونة السينمائي ترسيخ مكانته كأحد أبرز المهرجانات السينمائية في المنطقة، عبر دورته الثامنة التي تُقام خلال الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر د، تحت شعار "سينما من أجل الإنسانية"، مقدّمًا برنامجًا يجمع بين العروض الفنية المرموقة، والمواهب الصاعدة، والحوارات الملهمة التي تعزز جسور التواصل بين السينما المصرية والعربية والعالم.

وتؤكد دورة هذا العام على هوية المهرجان كمنصة تجمع بين الفن والالتزام الاجتماعي، من خلال اختيارات برمجية دقيقة، وفعاليات موازية تواكب تطورات الصناعة، مع احتفاء خاص بالسينما المصرية والعربية التي تشكل حضورًا بارزًا في مسابقاته وبرامجه.

حضور مصري بارز وتكريم منة شلبي

يشهد المهرجان تكريم النجمة منة شلبي بجائزة الإنجاز الإبداعي تقديرًا لمسيرتها الغنية بالأدوار التي جمعت بين التنوع والجرأة، فيما يحل المخرج الكبير شريف عرفة ضيفًا على جلسات ملتقى "سيني جونة" في حوار مفتوح حول تجربته السينمائية الممتدة، ودوره في تجديد اللغة البصرية للفيلم المصري المعاصر.

كما يستضيف المهرجان احتفالية خاصة بمئوية المخرج يوسف شاهين، تبدأ فعالياتها من الجونة قبل أن تنتقل إلى مهرجانات عالمية أخرى، وتشمل معرضًا تفاعليًا مستوحى من فيلم باب الحديد، في خطوة تعيد تسليط الضوء على إرث شاهين وأثره في أجيال جديدة من المبدعين المصريين والعرب.
الأفلام المصرية والعربية في واجهة المسابقات .

تتألق السينما المصرية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بفيلمين يمثلان موجة جديدة من الرؤية الواقعية والنقد الاجتماعي؛ هما "كولونيا" للمخرج محمد صيام، الذي يعرض بعد مشاركته في مهرجان وارسو الدولي، وفيلم "المستعمرة" للمخرج محمد رشاد، الذي يعالج علاقة الفرد بالسلطة في سياق سياسي رمزي.

أما في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فتشارك مصر بفيلمين مميزين هما "50 متر" للمخرجة يمنى خطاب، الذي يرصد تحولات المدينة المصرية من منظور شخصي، و"الحياة بعد سهام" للمخرج نمير عبد المسيح.

وإلى جانب الحضور المصري، تتجلى المشاركة العربية من خلال مجموعة من الأعمال التي تعكس تنوع التجارب في المنطقة، مثل الفيلم السوداني–المصري "كارت أزرق" ضمن مشروعات مرحلة التطوير في سيني جونة، والفيلم المغربي "حليمة" في مرحلة ما بعد الإنتاج، إلى جانب مشروعات من الأردن وفلسطين ولبنان واليمن وتونس.

نافذة على فلسطين... شهادة فنية من قلب المعاناة

يحافظ المهرجان للعام الثالث على التوالي على برنامجه المميز "نافذة على فلسطين"، الذي يعرض سبعة أفلام وثائقية قصيرة من مبادرة "من المسافة صفر وأقرب" التي يشرف عليها المخرج رشيد مشهراوي، والمصوَّرة في غزة خلال الحرب.
وتقدم هذه الأفلام شهادات بصرية صادقة عن الحياة اليومية تحت الحصار، مؤكدة التزام مهرجان الجونة بدعم السينما الفلسطينية وتوثيق نضالها الإنساني من خلال الصورة.

ملتقى سيني جونة.. فضاء للمواهب العربية

يشكّل ملتقى سيني جونة نقطة التقاء رئيسية لصنّاع السينما العرب، حيث يطرح هذا العام برنامجًا متنوعًا يضم أكثر من 12 جلسة حوارية وورش عمل بالشراكة مع مؤسسات دولية.

ويتنافس في الملتقى 20 مشروعًا سينمائيًا في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج من مصر والعالم العربي، ضمنها مشروعات لمنتجين ومخرجين شباب يقدّمون رؤى معاصرة لقضايا مجتمعاتهم. وتتوزع الجوائز المقدمة، التي تتجاوز قيمتها الإجمالية مئات آلاف الدولارات، بين دعم مادي وخدمات إنتاجية وفنية مقدمة من مؤسسات مختلفة.

كما يتضمن الملتقى جلسات “في حوار مع” ثلاث شخصيات مؤثرة في عالم السينما: النجمة كيت بلانشيت في لقاء حول السينما الإنسانية، والممثلة منة شلبي حول مسيرتها الفنية، والمخرج شريف عرفة حول تجربته الإبداعية في صناعة السينما المصرية الحديثة.

برنامج "سيني جونة للمواهب الناشئة – Emerge"

وفي إطار دعم المواهب الشابة، أعلن المهرجان عن النسخة الثالثة من برنامج "سيني جونة للمواهب الناشئة – Emerge"، الذي استقبل أكثر من ألف طلب من مصر وإفريقيا والعالم العربي، واختار 120 مشاركًا للانضمام إلى مساراته الأربعة: سيني جونة، كلاكيت تاني مرة، SeeMe، وزوايا.
يهدف البرنامج إلى تدريب الجيل الجديد من السينمائيين عبر ورش ولقاءات مع خبراء محليين ودوليين في مجالات الإخراج والإنتاج والكتابة والتمثيل.

بهذا المزيج من التكريمات المصرية، والعروض العالمية، والمبادرات العربية، يثبت مهرجان الجونة السينمائي أن السينما قادرة على أن تكون أداة للفكر والحوار والتغيير، وأن مصر ما زالت في قلب المشهد السينمائي العربي والدولي.