رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

شرم الشيخ.. المدينة التي جمعت الخصوم على طاولة السلام

نشر
قمة شرم الشيخ للسلام
قمة شرم الشيخ للسلام

من أرضٍ كانت يومًا مسرحًا للمعارك، تحوّلت سيناء إلى ساحة للحوار والسلام، وفي قلبها، برزت مدينة شرم الشيخ كأحد أهم مقارّ المفاوضات في الشرق الأوسط، حيث استضافت منذ التسعينات سلسلة من القمم والمباحثات التي حاولت وضع نهاية لصراعٍ امتد لعقود بين العرب وإسرائيل.

قمة صانعي السلام 1996: بداية الدور الدبلوماسي لشرم الشيخ

عام 1996 كانت البداية الحقيقية لدور شرم الشيخ السياسي حين احتضنت ما عُرف بـ "قمة صانعي السلام"، بحضور قادة مصر والولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية وعدد من الزعماء العرب والأوروبيين.

جاءت القمة لدعم مسار اتفاقات أوسلو ومواجهة موجة الهجمات التي هددت استمرار المفاوضات بين الجانبين.

مذكرة شرم الشيخ 1999: إحياء اتفاقات أوسلو

في سبتمبر 1999، عادت المدينة لتلعب دور الوسيط مجددًا، حين جمعت الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، وبحضور الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس الأمريكي بيل كلينتون.

وتم توقيع مذكرة شرم الشيخ التي نصّت على استئناف مفاوضات الحل النهائي، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتحديد جدول زمني لتطبيق بنود أوسلو.

قمة 2000: محاولة لإنهاء الانتفاضة الثانية

في أكتوبر 2000، اجتمع الزعماء مجددًا في شرم الشيخ بمشاركة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والأردن، لبحث سبل إنهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، رغم فشل القمة في وقف التصعيد، فإنها مثّلت إقرارًا بدور مصر المركزي في إدارة أزمات المنطقة.

قمة 2005: إعلان الهدوء المتبادل

في فبراير 2005، شهدت شرم الشيخ واحدة من أكثر اللحظات تفاؤلًا، حين أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون من هناك وقفًا متبادلًا لإطلاق النار، بحضور الرئيس الأسبق حسني مبارك والعاهل الأردني عبدالله الثاني.

وشكّلت القمة نقطة انطلاق جديدة في عملية السلام، بعد سنوات من المواجهات الدامية.

من لقاءات التهدئة إلى قمة 2025

على مدار العقدين التاليين، استمرت شرم الشيخ في لعب دورها كمنصة حوار ووساطة، فقد استضافت اجتماعات أمنية سرية وأخرى علنية، أبرزها قمة التهدئة عام 2023، التي جمعت وفودًا من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن والولايات المتحدة، بهدف وقف الإجراءات الأحادية وخفض التوتر قبل شهر رمضان.

وفي عام 2025، عادت المدينة لتتصدر عناوين الصحف الدولية باستضافة قمة شرم الشيخ للسلام، التي جمعت وفودًا من إسرائيل وحماس ومصر وقطر والولايات المتحدة، لمناقشة اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى، وخطة لإعادة الإعمار.

ووُصفت القمة بأنها أكبر جهد دبلوماسي منذ سنوات لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.

منذ أكثر من ربع قرن، أثبتت شرم الشيخ أنها ليست مجرد مدينة سياحية، بل عاصمة للسلام الإقليمي، فعلى أرضها، جلس الخصوم على طاولة واحدة، وتحوّل صدى الحرب إلى لغة حوار، وفي وقتٍ ما زالت فيه المنطقة تبحث عن حل دائم، تظل سيناء بأرضها وتاريخها شاهدًا على أن الأمل في السلام لا يموت.

عاجل