رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

جائزة نوبل في الأدب «1988».. نجيب محفوظ الذي عبر بالأدب العربي إلى العالمية

نشر
نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

في عام 1988، دوت الأوساط الثقافية في مصر بخبر فوز الأديب الكاتب والروائي المصري العالمي نجيب محفوظ، الذي انطلق بكلماته من أزقة الجمالية لتصل إلى العالمية، وليصبح أول مصري وعربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب منذ انطلاقها في عام 1901، ليمثل فوزه نقطة تحول تاريخية في نظرة العالم إلى الأدب العربي، وليمثل اعترافا عالميا بثراء الثقافة العربية وقدرتها على التعبير عن القيم الإنسانية الكبرى.

وتشهد الساحة الثقافية في العالم أجمع، حالة من الزخم والتفاعل خلال شهر أكتوبر، وذلك بانطلاق موسم جوائز نوبل التي تعلن عنها الأكاديمية السويدية في ستوكهولم .

ومن المعروف عن جوائز نوبل بشكل عام، أنها تُمنح للمبدعين الذين يتركون أثرا في الارتقاء بالإنسان وتقديم فائدة عظيمة للبشرية، وعن منح نجيب محفوظ الجائزة. 

 أكدت لجنة نوبل أن "نتاج نجيب محفوظ شكل نهضة قوية لفن الرواية، وأسهم في تطوير اللغة الأدبية في الأوساط الثقافية الناطقة بالعربية، ومن خلال أعمال غنية بالتفاصيل، تجمع بين الواقعية الواضحة والرمزية العميقة، أبدع محفوظ فنا سرديا عربيا ينتمي إلى الإنسانية جمعاء"، ومنحته الجائزة لـ"واقعيته الغنية والمتعددة الأوجه، التي كونت من خلال أعماله فنا أدبيا مميزا، يجسد حياة الإنسان في الحضارة المصرية"، وكان فوزه بالجائزة بمثابة تتويج لمسيرة امتدت لأكثر من نصف قرن استطاع خلالها التعبير عن جوهر الإنسان وتصوير المجتمع المصري في جميع تحولاته بلغة واقعية فلسفية انطلقت بالأدب العربي إلى العالمية، وعبرت عبر كلماته عن البشرية جمعاء.

ولد نجيب محفوظ في11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية في القاهرة، ودرس الفلسفة في جامعة فؤاد الأول ثم تحول إلى الأدب ويتفرغ للكتابة، وفي ثلاثينيات القرن الماضي، بدأ في نشر قصصه القصيرة في الصحف والمجلات المصرية، ليصدر بعد ذلك أول رواية له "عبث الأقدار" عام 1939 والمستلهمة من التاريخ الفرعوني، وتبعها بروايتي "رادوبيس" و"كفاح طيبة" ليشكل الثلاثية الفرعونية التي عبر من خلالها عن قضايا حية عبر التاريخ الفرعوني، ثم تحول في الأربعينيات إلى الواقعية الاجتماعية من خلال تصوير المجتمع المصري الحديث، عبر أحياء القاهرة الشعبية، لينتج في الخمسينيات الثلاثية الشهيرة (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية)، ثم ينطلق في الستينيات إلى الرمزية الفلسفية الوجودية من خلال أعمال (ثرثرة فوق النيل والطريق واللص والكلاب) ليستكشف خلالها النفس الإنسانية ببعد اجتماعي فلسفي.

واستكمل محفوظ مسيرته الأدبية خلال فترة السبعينيات والثمانينيات عبر التأمل الإنساني والفني في روايات (الحرافيش والحب فوق هضبة الهرم ويوم قتل الزعيم)، وكتب مئات القصص القصيرة التي عرضت مواقف إنسانية بسيطة لكنها تحمل دلالات فلسفية عميقة مثل (دنيا الله والشيطان يعظ)، وتحولت كثير من أعماله إلى أفلام سينمائية كان لها أثرا في تشكيل أجيال من المشاهدين، وخلال مسيرته التي استمرت لأكثر من سبعين عاما، أنتج محفوظ أكثر من 30 رواية و350 قصة قصيرة وترجمت أعماله إلى أكثر من 40 لغة.

وحظى فوز محفوظ بجائزة نوبل، بحفاوة مصرية عربية عالمية، حيث مثل الفوز حدثا تاريخيا غير مسبوق فتح أبواب العالمية أمام الأدب العربي، وشجع الأجيال الجديدة من الكتاب والمبدعين على الإيمان بقوة الكلمة العربية، واستقبله محفوظ بالتأكيد على أن فوزه سيفتح أبواب العالم للنظر إلى الأدب العربي بجدية، قائلا "نحن نستحق هذا الاعتراف"، أما أستاذ الأدب العربي في جامعة هارفارد البروفيسور محسن مهدي فقد صرح لعدد من الصحف الأمريكية آنذاك، بأن "أعمال محفوظ تتناول إشكالية التغير في بنية المجتمع .. فهي ليست مجرد انعكاس للواقع، بل تحليل عميق لما يجري، أحيانا نفسي، وأحيانا سياسي وتاريخي، فيما وصف الكاتب يوسف إدري نجيب محفوظ "أنه بحق العراب الحقيقي للرواية المصرية الحديثة."

وفي تقرير لصحيفة (Le Monde) الفرنسية تعليقا على فوز نجيب محفوظ بالجائزة، أوضحت أن الغرب يصفه بأنه "زولا النيل" نسبة إلى أبرز أعلام الأدب الفرنسي إيمانويل زولا، لاتجاههم إلى النهج الواقعي والاجتماعي، لكن يختلف عنه برفضه للتشاؤم المفرط، فيما أكدت (The New York Times) أن محفوظ أول كاتب باللغة العربية يحصل على هذه الجائزة، مشيرة إلى تأثيره الكبير في الأدب العربي واهتمامه بقضايا المجتمع المصري، فيما أشارت "The Economist" في تقرير بعنوان "نجيب محفوظ: ضمير مصر"، إلى أن فوز محفوظ بجائزة نوبل هو تتويج لمسيرته الأدبية الطويلة، وأبرزت تأثيره الكبير في الأدب العربي واهتمامه بقضايا المجتمع المصري.

عاجل