رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

السينما المصرية ذاكرة ناطقة بانتصار أكتوبر المجيد

أفلام صنعت الوعي.. السينما المصرية توثق بطولات أكتوبر في ذاكرة الوطن

نشر
السينما المصرية وحرب
السينما المصرية وحرب أكتوبر 1973

تبقى حرب أكتوبر 1973 علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث تمكن الجيش المصرى من استعادة جزء من الأراضى التى احتلت عام 1967، محققا نصرا مجيدا أعاد للأمة كرامتها وثقتها بنفسها، لم يكن هذا الانتصار حدثا عسكريا فحسب، بل مثل نقطة تحول كبرى فى مسار الدولة والمجتمع المصرى، ومنذ ذلك الحين، أصبحت السينما المصرية شاهدا فنيا على هذه الملحمة الخالدة، فوثقت تفاصيلها وقدمتها من زوايا متعددة، تجمع بين البعد العسكرى والإنسانى والنفسى.

أفلام أكتوبر سجل فني للبطولة والتضحية في الذاكرة المصرية

لم تقتصر السينما على تصوير مشاهد القتال فقط، بل توسعت لتستعرض الجوانب الإنسانية التى عاشها الجنود المصريون، الصراعات النفسية التى خاضوها بعد العودة إلى الحياة المدنية، والآثار الاجتماعية التى خلفتها الحرب، ومن أبرز الأفلام التي تناولت هذه الحرب وما تلاها تشمل: الرصاصة لا تزال فى جيبى، أبناء الصمت، الطريق إلى إيلات، أغنية على الممر، العمر لحظة، حتى آخر العمر، التى أسهمت فى الحفاظ على ذاكرة الحرب وتوثيق لحظات النصر والفداء.

فيلم أغنية على الممر

أغنية على الممر

رغم أن فيلم «أغنية على الممر» أُنتج قبل حرب أكتوبر عام 1972، إلا أن العمل كان من بين أبرز الأعمال التى قدمت تصورا واقعيا للجنود المصريين فى سيناء قبل وأثناء الحرب، حيث يروى الفيلم قصة مجموعة من الجنود المصريين الذين تم محاصرتهم فى ممر بسيناء أثناء الحرب، وكيفية مقاومتهم للصعاب، ويمثل العمل ملحمة إنسانية حقيقية، حيث يظهر تأثير الصمود والشجاعة فى مواجهة العدو، رغم الظروف القاسية، ويعتبر من الأفلام التى تمثل فكرا جديدا فى السينما المصرية، يعكس القوة الداخلية للجنود المصريين فى ظل الحرب.

وقد شارك فى بطولة الفيلم كل من: محمود مرسى، صلاح قايبل، أحمد مرعى، صلاح السعدنى، محمود ياسين، مديحة كامل، وآخرين، والعمل من تأليف على سالم، سيناريو وحوار مصطفى محرم.

فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي

الرصاصة لا تزال فى جيبي

يعد فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، الذى أخرجه حسام الدين مصطفى عام 1974 من أبرز الأفلام التى تناولت حرب أكتوبر من زاوية مختلفة، حيث يسلط الضوء على الحياة النفسية للجنود بعد مشاركتهم فى الحرب، تدور أحداث العمل حول جندى مصرى يصاب فى المعركة، ليعود إلى قريته بعد انتهاء الحرب، يعكس الفيلم الحالة النفسية للجنود، حيث يواجه الجندى صعوبة فى التكيف مع الحياة المدنية بعد العودة من المعركة، هذا العمل يبرز تأثير الحرب على الفرد، وكيف أن مشاعر الصراع الداخلى التى يخلفها القتال تكون أكثر صعوبة من المشهد العسكرى ذاته.

العمل من بطولة الفنانين: محمود ياسين، نجوى إبراهيم، حسين فهمى، يوسف شعبان، عبدالمنعم إبراهيم، سعيد صالح، وآخرون، ومن تأليف إحسان عبدالقدوس، سيناريو ومشاهد حرب 73 رمسيس نجيب.

فيلم أبناء الصمت

أبناء الصمت

يعتبر فيلم «أبناء الصمت» من إنتاج 1974 وإخراج محمد راضى، أحد الأفلام التى تناولت الحرب من منظور الجنود الذين عادوا من المعركة وواجهوا تحديات لا تقل صعوبة عن المعركة نفسها، حيث يتناول العمل مسألة غربة الجنود عن مجتمعهم بعد الحرب، وكيفية مواجهتهم للصمت المحيط بهم من قبل المحيطين بهم، فالقصة مليئة بالتحديات النفسية التى يعاني منها الجنود العائدون، وتعرض جانبا مؤثرا من الحرب لا يتعلق بالميدان العسكري، بل بما يعانيه الفرد من انعكاسات نفسية تؤثر فى حياته الشخصية والاجتماعية.

شارك فى بطولة الفيلم نور الشريف، ميرفت أمين، محمود مرسى، مديحة كامل، أحمد زكى، محمد صبحى، ومن تأليف مجيد طوبيا.

فيلم حتى آخر العمر 

حتى آخر العمر

يعرض فيلم «حتى آخر العمر» الذى أنتج عام 1975، ومن إخراج أشرف فهمى، فترة ما بعد الحرب من زاوية مختلفة، حيث يتناول حياة الضابط الذى خاض الحرب وواجه تحديات جديدة بعد عودته إلى الحياة المدنية، فالعمل يبرز تأثير الحرب على الشخصية المصرية، وكيف يتغير الأبطال بعد عودتهم من الجبهة، كما يعكس الفيلم أيضا التحديات التى يواجهها الجنود فى محاولة التكيف مع الحياة الطبيعية بعد أن عايشوا معاناة الجبهات.

ومن أبرز أبطال هذا العمل محمود عبدالعزيز، نجوى إبراهيم، عمر خورشيد، مشيرة إسماعيل، عماد حمدى، سعيد صالح، ماجدة حمادة، وآخرون، والفيلم من تأليف نينا الرحبانى، والقصة السينمائية والحوار ليوسف السباعى، سيناريو رفيق الصبان، أشرف فهمى، رمسيس نجيب، محمد مصطفى سامى.

فيلم العمر لحظة 

العمر لحظة

يمثل فيلم «العمر لحظة» الذى أنتج عام 1978 ومن إخراج محمد راضى، أحد أبرز الأعمال التى تعرض الحياة بعد الحرب، حيث تناول حياة ضابط مصرى بعد عودته من جبهة القتال، فالعمل يقدم صورة واقعية عن معاناة الجنود بعد العودة من الحرب، وكيف أن آثار الحرب لا تقتصر على المعركة بل تمتد لتؤثر على الحياة الشخصية والمهنية، حيث يعكس الفيلم التحولات النفسية التى يمر بها الأبطال العسكريون فى مرحلة ما بعد الحرب، ويظهر كيف أن الحرب لا تترك فقط آثارا مادية، بل تترك أيضا آثارا نفسية معقدة.

والعمل من بطولة: ماجدة، أحمد مظهر، ناهد شريف، نبيلة عبيد، محمد خيرى، أحمد زكى، وغيرهم، ومن تأليف يوسف السباعى.

فيلم الطريق إلى إيلات

الطريق إلى إيلات

بعد أكثر من عشرين عاما من حرب أكتوبر، جاء فيلم «الطريق إلى إيلات» الذى أنتج عام 1994، ومن إخراج إنعام محمد على، بشكل درامى يعكس صورة من صور المقاومة التى لا تنتهي بعد الحرب العسكرية، حيث تسلط الضوء على الجنود الذين يواصلون كفاحهم فى ظل ظروف صعبة، فهذا الفيلم يضيف بعدا جديدا لفكرة النصر، حيث يعكس أن الحرب لم تكن مجرد معركة عسكرية واحدة، بل صراع طويل يتطلب إرادة وصمودا مستمرين، وذلك من خلال فترة حرب الاستنزاف عام 1969، وقبل حرب أكتوبر المجيدة، تهاجم مجموعة من الضفادع البشرية المصرية ميناء «إيلات» الإسرائيلى الحربى ونجاحهم فى تدمير الرصيف الحربى لميناء إيلات، وسفينتين حربيتين هما: «بيت شيفع» و«بيت يام» واللتان كانتا تهاجمان المواقع المصرية فى البحر الأحمر بعد استيلاء القوات الإسرائيلية على سيناء.

شارك فى بطولة العمل عزت العلايلى، نبيل الحلفاوى، صلاح ذو الفقار، محمد الدفراوى، ناصر سيف، عبدالله محمود، طارق النهرى، علاء مرسى، محمد عبدالجواد، مادلين طبر، يسرى مصطفى، وآخرون، والفيلم من تأليف فايز غالى.

السينما مرآة للذاكرة الوطنية

تظهر هذه الأفلام كيف أن السينما المصرية لم تقتصر على تصوير معركة أكتوبر من زاوية عسكرية فقط، بل تناولت أيضا الصراع الداخلى للجنود وأثر الحرب على النفس البشرية، كما لعبت السينما دورا مهما فى تعزيز الذاكرة الوطنية، حيث أسهمت هذه الأعمال فى تقديم صورة عن التضحية والفداء من خلال مجموعة من القصص الإنسانية العميقة، وأصبحت جزءا من الهوية الثقافية للمجتمع المصرى، وتعكس القيم التى يحملها الشعب المصرى فى مختلف الظروف، من الصمود والبطولة إلى التحديات النفسية والاجتماعية.

استطاعت السينما المصرية من خلال هذه الأفلام أن تقدم للجيل الجديد قصة حرب أكتوبر المجيدة، ليس فقط من خلال جبهة القتال، بل من خلال القلوب والعقول التى خاضت هذه المعركة، لقد تناولت السينما المصرية لحظات النصر، لكنها أيضا سلطت الضوء على التحديات التى تواجه الأبطال بعد المعركة، ما يجعل هذه الأفلام أكثر من مجرد توثيق تاريخى، إنها رواية مستمرة للألم، الفخر، والأمل فى وجه التحديات.

عاجل