رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

العلاقات المصرية اليونانية.. إرث حضاري وتعاون استراتيجي يرسخ الاستقرار الإقليمي

نشر
ليلى علوي
ليلى علوي

تمثل العلاقات المصرية اليونانية نموذجًا متفردًا في الدبلوماسية الإقليمية، يجمع بين عمق التاريخ ومتانة المصالح الاستراتيجية، وبين إرثٍ حضاريٍ مشترك واستشرافٍ لمستقبلٍ أكثر استقرارًا يرسخ السلام والتنمية في المنطقة.
وترتبط مصر واليونان بعلاقات تاريخية واستراتيجية تشمل المجالات السياسية والثقافية والتجارية والاقتصادية، قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
وتُعد العلاقات الثقافية أبرز ملامح هذا التعاون، إذ التقت الحضارتان المصرية واليونانية عبر القرون في فضاءٍ ثقافيٍ مشترك أسهم في صياغة التراث الإنساني العالمي؛ ويُعاد اليوم إحياء هذا التواصل عبر الفعاليات الثقافية والفنية المشتركة، ومعارض التراث، وتبادل البعثات العلمية والتعليمية، لتبقى الثقافة جسرًا دائمًا للحوار الحضاري بين البلدين.
وجاء مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي ليجسد هذا الترابط، حيث كرّم الفنانة ليلى علوي ذات الأصول اليونانية، في حضور سفير اليونان بالقاهرة نيقولاوس باباجيورجيو، الذي أكد عمق العلاقات بين القاهرة وأثينا، وسعادته بالمشاركة في المهرجان برئاسة الأمير أباظة.
ويمتد الترابط بين الشعبين المصري واليوناني إلى عمق التاريخ، وتجسده مدينة الإسكندرية التي احتضنت أكبر جالية يونانية في الماضي، ولا تزال تحتفظ بمعالم رمزية مثل النادي اليوناني الذي تأسس عام 1909، ومنزل الشاعر اليوناني العالمي كفافيس الذي أعادت رئيسة اليونان السابقة كاترينا ساكيلاروبولو افتتاحه بعد تجديده.
ويستمر هذا التواصل حتى اليوم عبر نماذج إنسانية وثقافية معاصرة، منها الأسرة المصرية اليونانية للمدون (البلوجر) بولا سالم، التي تعكس قصصها اليومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمق الروابط الإنسانية والحضارية بين الشعبين.
كما تتقاطع الرؤى المصرية واليونانية في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، من القضية الفلسطينية إلى الأوضاع في ليبيا وسوريا، فضلًا عن ملفات الهجرة والتنمية المستدامة وتغير المناخ؛ وأكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس استعداد بلاده للمساهمة في الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والحفاظ على أفق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.
وتعزز اللقاءات المتكررة بين القيادتين المصرية واليونانية والقمم الثلاثية التي تجمع مصر واليونان وقبرص من التنسيق السياسي رفيع المستوى، بما يرسخ الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
هكذا تواصل العلاقات بين البلدين مسارها الثابت عبر العصور، مستندة إلى إرث حضاري عميق وتعاون استراتيجي متجدد يبني مستقبلًا أكثر إشراقًا واستقرارًا للشعبين الصديقين.