رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

القاهرة للعرائس: الأعمال الموجهة للطفل هي أمن قومي لا يجب التساهل معها

نشر
مستقبل وطن نيوز

أسدل مهرجان القاهرة لمسرح العرائس، الستار عن المائدة المستديرة الأخيرة، التي أقيمت تحت عنوان «فن العرائس كجسر بين الإبداع التشكيلي والجاذبية الجماهيرية» ضمن فعاليات الدورة الأولى من المهرجان.

إحياء فن العرائس في مصر

وقد أدار المائدة فنان العرائس هشام علي، في قاعة عاطف عوض بمدرسة الفنون، والتي تحدثت بها الدكتورة أمنية أحمد يحيى الأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، ووجهت الشكر لأكاديمية الفنون لتنفيذها هذا المهرجان لإحياء فن العرائس في مصر.

وتطرقت أمنية إلى أقسام الكلية المعنية بدراسة العرائس، مضيفة أن في الديكور تتم عملية تصميم العروسة وعلاقتها بالدراما والسيناريو والشخصيات حسب صاحب المشروع، أما في شعبة النحت تكون العرائس والماريونت وتحريكها بالإضافة إلى الأقنعة، أما الأزياء فتكون في شعبة الديكور أكثر، ونحن نسعى للتكامل بين القسمين داخل الكلية.

وتحدث الدكتور طارق مهران عميد المعهد العالي لفنون الطفل والمدير التنفيذي للمركز الأكاديمي للثقافة والفنون- سيد درويش، قائلا: نحن بصدد حدث هام جدا وهو إقامة مهرجان للعرائس في مصر، ولدينا في الأكاديمية معهد للطفل يدرس لطلاب دراسات عليا من مختلف الكليات مثل طلاب تحمل بكالوريوس موسيقى ونحن نضيف لهم ونعيد تذكيرهم بالقواعد الأساسية ثم نحثهم على كسر هذه القواعد في التعامل مع الطفل.

وأضاف مهران أن الالحان الشعبية منذ عام 1800 وحتى الان تستخدم في أغاني الأطفال وموسيقى الطفل وكان أشهر من بدأ هذه الفكرة هو مؤلف الموسيقي المجري «بيلا بارتوك»، واعتبرها مهران منهج تدريس للمحافظة على التراث واستغلال الالحان الشعبية فمن بين 1500 لحن شعبي مصري حاول مهران عمل دراسة عليهم وخرج بـ 30 لحنا وفقا لهذا المنهج ووضعهم في رسالة الدكتوراه 1999/2000.

وأشار مهران إلى أن الالحان الشعبية لها قوانين ونغمات معبرة للأطفال في مصر، فمثلا مسرحية «اللعبة» لهاني البنا 1989 جمعت عروض لموسيقى الطفل بالاستعانة بفريق من الاوبرا، لذلك أنا بطلب من تلامذتنا انهم يشطحوا لبعيد، ولكن بأسلوب علمي لتطوير كل ما هو قديم، وربط التراث وتصنيفه وفقا لعوامل اختيار اللحن وكيفية اخرا نتائج منه.

وكشف مهران، أن موسيقى معبد الكرنك التي ألفها مأخوذة من نفس المنهج للموسيقى الفرعونية المكونة من: آلات نحاسية وطبول وهارب، ولكن بتخيل طفولي.

وأكد مهران على ضرورة العمل في سياق جماعي حين تريد تنفيذ عمل للأطفال خاصة وأن التعامل مع الطفل المصري والأعمال الموجهة إليه هو خط أحمر وأمن قومي لا يجب التساهل معه.

فيما ذكرت الدكتورة أمنية، أن العروسة لها دور فعال في التربية فهي تمثل النماذج التي يراها الأطفال في الأفلام او على المسرح لذلك فانا ادعو «مسرح العرائس» لتصنيع العرائس المشهورة وبيعها ليستطيع الطفل الحصول عليها اذا حبوها وتعلموا منها سلوكيات جديدة ستظل معهم إذا احتفظوا بها.

وقد تحدث محمد فوزي بكار وهو مصمم وصانع عرائس، وعبر عن سعادته بالتواجد في هذه المائدة مع أساتذة كبار في المجال، قائلا، إنه من الناحية التشكيلية فهو يرى العروسة كعمل فني في الأساس قبل ما يضيف لها روح الشخصية من حركة او ميكانيزم وما هي خاماتها وانواعها.

وتابع بكار: "كان عليا معرفة كيف تتحرك العروس وكيف تمثل وهذه اللحظة كانت مرحلة انتقالي من فنان تشكيلي لفنان عرائس لأنه عالم كبير وأنا قررت ادخله رغم أنه مش مطلوب لكني اكتشفته ورد فعل الناس سواء في مدينة الواحات او هنا بالقاهرة حين يروا العرائس يقولوا لي أنها شبه الناس".

واستطرد بكار في حديثه أنه عمل على أسلوب النحت التعبيري وعلى أنواع مختلفة خاصة «عرائس المنضدة» وهي غير شائعة ومهدور حقها في المنطقة العربية لكن أشهر دولة تستخدمها هي تونس، وهذه النوعية من العرائس تهتم كثيرا بالعمل الجماعي لان عروسة واحدة يحركها أكثر من شخص وبالتالي هي جماعية.

وبعد ذلك روى «بكار» قصته مع العرائس الكبيرة حينما عمل في بريطانيا في 30 ليلة عرض واكتشف من الكواليس كيفية تعاملهم مع الماسكات وتركيب تكيف داخلي للفنان واهتمامهم الشديد به لكي يستطيع اظهار أداء اقوى من خلال راحة الممثل داخل العروسة.

وقد عقب الدكتور حسام محسب رئيس المهرجان وقال نحن لدينا أزمة في عدم وجود محركين متخصصين في العرائس الآن وربط ذلك بعدم وجود مرحلة تعليمية بعد التعليم المتوسط في المدارس التكنولوجية لتكون مرحلة بكالوريوس ضمن معهد الطفل مثلا لتدريس فنون العرائس.

ووجهت الدكتورة أمنية دعوة لجميع فناني العرائس لتقديم عروضهم في: ساحات الأوبرا وهنا بأكاديمية الفنون، ولو استطاعت الدولة مساعدتهم أيضا لإرسالهم بعثات خارج مصر لزيادة خبراتهم ولمشاهدة تجارب الاخرين او يتم استقطاب عروض تجريبية للعرض هنا، وهي تعتقد أن مثل هذه الفعاليات من الممكن ان تعيد الجماهيرية لفن العرائس في مصر.

من جهته يرى الدكتور مهران أنه حينما يتم وضع المصري في مكانه الصحيح سيكون من أفضل النماذج بالعالم وان «بكار» مثال حي لو تم دعمه سيخرج منه اعمال مبدعة.

وعلق بكار أنه يدعم نفسه بنفسه ويدفع الكثير من اجل التعلم فهو لديه الثقة أن ما يدفعه من مال سيعود بنتيجة سواء في كورسات أون لاين او سفريات للمشاركة في ورش عرائس بلا خيوط في تركيا مثلا، وهو يفضل أيضا تعليم الأطفال الأساسيات وكيف يفرق بين العروسة التلفزيونية والعروسة المسرحية وعليه فهو يدرب الطفل لكي يصبح فنان شامل يعرف كل ما يخص العروسة بدون ان يتخصص في جزئية محددة منها.

وقد دعا الدكتور طارق مهران إلى دعم الفن الجيد ورعايته ماديا فنحن لا نستطيع خصخصة مسرح العرائس ولا أن نعطي للعاملين نصف أجر لذلك يجب أن ترعى وزارة الثقافة هذا الفن والا سيموت وسنحاسب على ذلك لو حدث، وانا أوجه ندائي هذا للدكتور أحمد فؤاد هنو.

وأشارت الدكتورة أمنية إلى أن الدول التي سبقتنا في هذا المجال للأسف اهتمت بالتطور، وعلى العكس نحن ما زلنا نبحث على كيفية محو امية اللغة والكمبيوتر ووصلنا الآن للذكاء الاصطناعي، وأصبح لزاما علينا في ظل غياب الجماهيرية عن هذا الفن ان نخاطب الكبير والصغير بمحتوى يرضى الطرفان عنه.

واختتم الفنان محمد بكار حديثه: "قبل أن نطور المنتج لا بد أيضا من تطوير ثقافة المسئولين وشركات الإنتاج الراغبة في تنفيذ عروسة سواء لبرنامج تلفزيوني او خلافه، وكل اهتمامهم أنها تكون بأقل تكلفة وتنفذ في أقل وقت ممكن وهم لا يعرفون أن العروسة هي صناعة كبيرة.