في ذكرى ميلاده.. ماهر عصام طفل السينما الذي لم يغادر الكاميرا رغم الصعاب

في الخامس من أكتوبر عام 1979، وُلد في حي إمبابة بمحافظة الجيزة، طفل سيظل محفورًا في ذاكرة السينما المصرية، رغم أنه لم يكن نجم شباك أو بطل أفلام، لكنه كان نجم المشهد، ونجم النظرة الصامتة التي تقول أكثر مما تُقال.
«ماهر عصام»، الذي فقد والده في صغره ثم والدته، عاش طفولته يتيمًا مع شقيقته الوحيدة، لكنه وجد في الفن ملاذًا ومهربًا من قسوة الحياة. شغفه المبكر بالفن دفعه للوقوف أمام الكاميرا لأول مرة وهو في السادسة من عمره بفيلم "فوزية البرجوازية" عام 1985، ثم توالت أدواره في أفلام مثل "القتل اللذيذ" و"النمر والأنثى" الذي رسّخ صورته كطفل حساس يتحدث بعيونه، أمام نجم الكوميديا عادل إمام.
لم يكن ماهر يعتمد على الواسطة أو الحظ، بل على صدقه الفطري في التمثيل، ذلك الإحساس الذي لا يُدرّس في المعاهد، فاختار أن يعيش شخصيته الحقيقية بعيدًا عن أضواء النجومية والصخب. تنقّل بين أدوار صغيرة في السينما والتلفزيون، لكنه كان دومًا يستحق التوقف عنده، حتى وإن كان في مشهد واحد.
حياته الشخصية لم تخلو من الصعوبات؛ ففي 2014 تعرض لأزمة صحية قاسية أدخلته في غيبوبة طويلة، لكنه عاد للحياة كأنه قد حصل على فرصة ثانية. لم يدم هذا الانتصار طويلًا، إذ رحل عن عمر 39 عامًا في يونيو 2018، إثر نزيف في المخ، تاركًا خلفه عشرات المشاهد التي تثبت أن الفن ليس مجرد شهرة، بل هو صبر ومعاناة وانتظار.
كان لماهر مشاركات فنية متميزة في أفلام مثل "سالم أبو أخته"، "عودة مدرسة المشاغبين"، و"جواز بقرار جمهوري"، إلى جانب أعمال تلفزيونية عدة منها "أم كلثوم" و"امرأة من نار" و"عصابة بابا وماما".
ومن أبرز أدواره دوره في فيلم "هي فوضى" مع المخرج يوسف شاهين، حيث جسد الفنان الرسام الذي يعاني من ظلم الشرطة.
رغم رحيله المبكر، يظل ماهر عصام مثالًا على الموهبة الصادقة التي لا تحتاج إلى أضواء براقة، بل إلى قلب ينبض بالفن الحقيقي.
