خلال خطابة بالأمم المتحدة.. نتنياهو: قيام دولة فلسطينية «انتحارًا» لإسرائيل

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، أن قيام دولة فلسطينية سيكون بمثابة "انتحار" للدولة العبرية، مجددا التنديد باعتراف دول غربية بها ومتعهدا "إنجاز" القضاء على حماس.
وفي خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قاطعته العديد من الوفود بمغادرة القاعة، رفض نتانياهو الاتهامات الموجهة الى إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة واستخدام "التجويع" استراتيجية حرب، متهما الدول الغربية التي اعترفت بدولة فلسطين بأنها "رضخت" لحماس.
وقال نتانياهو "هذه رسالة أخرى الى القادة الغربيين: إسرائيل لن تسمح لكم بأن تفرضوا دولة إرهابية علينا. لن نقدم على انتحار وطني لأنكم لا تملكون الشجاعة اللازمة لمواجهة وسائل الإعلام المناهضة والجموع المعادية للسامية التي تطالب بدم إسرائيل".
واعتبر أن اعتراف دول غربية تتقدمها فرنسا وبريطانيا بدولة فلسطين يظهر أن "قتل اليهود يؤتي ثماره".
وخلال قمة نظمتها فرنسا والسعودية على هامش الجمعية العامة الإثنين حول مصير حل الدولتين، اعترفت حوالى عشر دول من بينها فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا رسميا بدولة فلسطين.
ولقيت الخطوة تنديد إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة. وهي أتت في ظل تواصل الحرب التي اندلعت في قطاع غزة عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023. ونددت دول غربية بتدهور الوضع الانساني في القطاع المحاصر والمدمّر، والذي بلغ حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في أغسطس.
وفي سبتمبر، اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة. وكرّر نتانياهو رفض ذلك.
وقال "انظروا الى الاتهامات الخاطئة بالابادة الجماعية، بأن إسرائيل تستهدف المدنيين، لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة"، متهما "حماس باستخدام المدنيين دروعا بشرية، وكأدوات لحربها الدعائية المثيرة للاشمئزاز ضد إسرائيل، وهي دعاية تتلقفها وسائل الإعلام الأوروبية".
- ترامب يتحدث عن "اتفاق" -
وبشأن العمليات في غزة، قال نتانياهو إن إسرائيل "سحقت الجزء الأكبر من آلة الإرهاب التابعة لحماس"، وتريد إكمال المهمة "في أسرع وقت ممكن"، مؤكدا أن الدولة العبرية عن الرهائن المحتجزين في القطاع.
وقال "لم ننسكم، ولو لثانية واحدة. شعب إسرائيل معكم. لن يهنأ لنا بال طالما أنكم لم تعودوا إلى دياركم".
لكن منتدى عائلات الرهائن اعتبر أن توعد نتانياهو "إنجاز المهمة" يهدد حياتهم. وقال في بيان إن "كل يوم من الحرب المستمرة يضع الرهائن أمام خطر أكبر، ويهدد استعادة أولئك الذين تمّ قتلهم"، معتبرا أن رئيس الوزراء "اختار مرارا وتكرارا، تبديد كل فرصة لإعادتهم الى الديار".
وقوبل صعود نتانياهو على منبر الجمعية العامة بخروج واسع لعدد من الوفود، بينما قام عدد من مؤيديه المدعوين الى حضور خطابه بالتصفيق.
واعتبرت حماس أن مغادرة الوفود مؤشر على "عزلة" إسرائيل. وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة طاهر النونو إن "مقاطعة خطاب نتنياهو (هو) أحد تجليات عزلة إسرائيل ونتائج حرب الإبادة" التي تشنّها في قطاع غزة.
ورأى مدير دائرة الشئون الأوروبية في وزارة الخارجية الفلسطينية عادل عطية إن الخطاب حفل "بالأكاذيب والتزوير".
وأضاف لوكالة فرانس برس إن كلمة نتانياهو كانت "خطاب رجل مهزوم، زعيم يائس حاول مرة جديدة أن يجمع (حوله) غربا نأى بنفسه عن دولة إبادية، مستخدما الخوف حجته الوحيدة".
وبينما رحب نتانياهو بدعم ترامب، لم يتطرق الى الضفة الغربية المحتلة.
وكان مسئولون إسرائيليون لوّحوا بضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ردا على اعتراف دول غربية بدولة فلسطين.
لكن ترامب حذّر الخميس بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم هذه الأراضي. وقال في المكتب البيضوي "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية... لن يحدث ذلك".
وأتى خطاب نتنياهو بعد أيام من كشف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أن ترامب عرض على قادة دول عربية ومسلمة خلال اجتماع في نيويورك هذا الأسبوع، مقترحا جديدا لإنهاء الحرب في غزة.
وقال ترامب لصحفيين في البيت الأبيض الجمعة "أعتقد أن لدينا اتفاقا... يبدو أن لدينا اتفاقا بشأن غزة. أعتقد أنه اتفاق سيعيد الرهائن، سيكون اتفاقا ينهي الحرب".
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الجمعة إنه سيدعم أي اتفاق لوقف لإطلاق النار في غزة.
وأكد بزشكيان للصحافيين على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة "سندعم بكل صدق أي اتفاق يوقف هذه المأساة وينقذ الأرواح ويوقف معاناة النساء والأطفال من الجوع".
- سلطة انتقالية في غزة؟ -
وأفاد مصدر دبلوماسي مطلع على الاجتماع الذي عقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الخطة مؤلفة من 21 بندا وتنص خصوصا على وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة والافراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع والانسحاب الإسرائيلي، فضلا عن إدارة غزة من دون حماس التي أشعل هجومها على الدولة العبرية شرارة الحرب.
وفي سياق متّصل، ذكرت وسائل إعلام بريطانية، الجمعة، أن رئيس الوزراء السابق توني بلير قد يكون له دور قيادي في السلطة الانتقالية لقطاع غزة في إطار خطط أميركية لإنهاء الحرب.
وأكدت مصادر مقربة من بلير أنه يعمل على مشروع لإنهاء الحرب. وأشارت إلى أنه لن يدعم أي اقتراح بتهجير دائم لسكان غزة، وأن أي هيئة انتقالية ستعيد السلطة في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية ومقرها رام الله.
وكان رئيس السلطة محمود عباس ألقى الخميس كلمة عبر الفيديو بعدما رفضت واشنطن تأشيرة دخول. وأكد عباس "رفض" هجوم حماس في 2023، مؤكدا أنه لن يكون لها دور في الحكم مستقبلا.
وتجمع متظاهرون في نيويورك الجمعة احتجاجا على زيارة نتنياهو الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه أواخر 2024 بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على خلفية الحرب في قطاع غزة.
في غضون ذلك، تواصلت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أفاد الدفاع المدني بمقتل ما لا يقل عن 22 شخصا الجمعة في أنحائه.
من جهتها، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية الجمعة تعليق عملياتها في مدينة غزة في شمال القطاع بسبب تصاعد الهجوم الإسرائيلي.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا للأرقام الرسمية.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة بما لا يقل عن 65549 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة بها.