البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يتوقع نمو اقتصاد منطقة جنوب وشرق المتوسط بنسبة 3.7% في 2025

رصد أحدث تقرير للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية، تجاوز النمو الاقتصادي في منطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط التوقعات في النصف الأول من عام 2025، مسجلًا متوسطًا قدره 3.7%، ارتفاعًا من 1.2% عام 2024، وأن يتباطأ النمو إلى 3.2% في عام 2026.
وأوضح التقرير أن منطقة جنوب وشرق المتوسط استفادت من انتعاش قوي في قطاع السياحة، وزيادة تدفقات التحويلات المالية، وتحسن في الأرصدة الخارجية، مما ساهم في تعزيز الأداء، حيث انخفض التضخم بشكل ملحوظ في مصر وتونس والمغرب مع انحسار ضغوط أسعار الغذاء.
وتوقع التقرير الصادر بعنوان "تحت الضغط" أن يبلغ متوسط النمو 3.1% في عام 2025 في جميع المناطق التي يستثمر فيها البنك، قبل أن يرتفع إلى 3.3% في عام 2026. ويعكس هذا التحديات المختلفة التي تواجه اقتصادات البنك، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية العالمية المستمرة، وزيادة المنافسة من الصين في أسواق التصدير، وضيق الحيز المالي.
ففي العراق؛ رصد التقرير انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.3% في عام 2024، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة تقدر بنحو 6.2% بسبب تمديد تخفيضات إنتاج أوبك+ (بما في ذلك التخفيضات الطوعية من جانب العراق) استجابةً لضعف الطلب العالمي وانخفاض أسعار النفط. وتباطأ نمو القطاع غير النفطي بشكل ملحوظ ليصل إلى نحو 2.5% في عام 2024، مما يعكس تباطؤًا في الاستثمار العام وزيادة في الواردات.
وانخفض التضخم السنوي من 4% في عام 2023 إلى 2.7% في عام 2024، ثم إلى -0.6% في يونيو 2025، على خلفية انخفاض أسعار الغذاء العالمية، وانكمش فائض الحساب الجاري من 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 2% في عام 2024 نتيجةً لانخفاض صادرات النفط، والزيادة في واردات السلع، وفي تدفق التحويلات الخارجية.
وبلغت الاحتياطيات الدولية 100 مليار دولار بنهاية عام 2024، أي ما يعادل 11 شهرًا من الواردات. وارتفع العجز المالي إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وارتفع إجمالي الدين العام إلى 47.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5% في عام 2025 مع عودة تخفيضات إنتاج النفط، قبل أن يتراجع إلى 1.4% في عام 2026.
وعلى المدى المتوسط، سيكون ضبط أوضاع المالية العامة - لا سيما في جانب الإنفاق - ضروريًا للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. وتنبع المخاطر التي تهدد التوقعات من التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية وتأثيرها المحتمل على سوق النفط والصراعات الإقليمية.
وفي الأردن؛ انتعش النشاط الاقتصادي في الربع الأول من عام 2025، حيث بلغ النمو 2.7% على أساس سنوي، بقيادة قطاعات التصنيع والخدمات المالية والزراعة. ومع ذلك، توقع تقرير البنك أن يتباطأ النمو، ليصل متوسطه إلى 2.4% على مدار عام 2025 ككل، قبل أن يرتفع بشكل طفيف ليصل إلى 2.6% في عام 2026، مدعومًا بانتعاش السياحة وإعادة فتح السوق السورية أمام الشركات الأردنية. لكن التقرير أوضح أن هناك مخاطر سلبية كبيرة تهدد التوقعات متوسطة الأجل ناجمة عن ضعف الطلب العالمي وعدم الاستقرار الإقليمي. وبلغ متوسط التضخم السنوي 1.9% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، بزيادة طفيفة عن 1.7% في الفترة المقابلة من عام 2024، مع انخفاض أسعار المواد الغذائية، وانخفض عجز الحساب الجاري بشكل طفيف، مع نمو الصادرات بنسبة 8.6% على أساس سنوي.
وفي لبنان، وبعد انكماش حاد بنسبة 7.5% في عام 2024، توقع تقرير البنك أن يصل النمو الاقتصادي إلى 1.9% في عام 2025، مدفوعًا بانتعاش تدريجي في قطاع السياحة وتدفقات محدودة لإعادة الإعمار، ليرتفع إلى 2.9% في عام 2026 مع انحسار التوترات الجيوسياسية وتزايد زخم إصلاحات القطاع المصرفي المهمة، مما يُحسّن آفاق برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، لا تزال مخاطر عدم الاستقرار الإقليمي قائمة، وسيكون استئناف دعم المانحين الدوليين شرطًا أساسيًا لانتعاش قوي.
وأشار التقرير إلى أن عجز الحساب الجاري انخفض إلى 18.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 على الرغم من انخفاض دخل السياحة، مدعومًا إلى حد كبير بالتحويلات المالية من الخارج. كما أدى تحسن تحصيل الإيرادات إلى فائض مالي قدره 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن الموارد المالية لا تزال محدودة للغاية، ولا يزال الإنفاق العام مُقيّدًا إلى حد كبير، حيث قُدّر الدين العام بنسبة 164% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024.
وفي المغرب؛ قدر التقرير متوسط النمو السنوي ب 4.7% في النصف الأول من عام 2025، مرتفعًا من 3.8% في عام 2024، كما انخفض معدل التضخم السنوي إلى 1.2% في المتوسط خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، بفضل انخفاض أسعار الغذاء والوقود والنقل. وانخفض العجز المالي إلى 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، أي أقل بـ 0.4 نقطة مئوية عن الهدف المحدد في الميزانية، بفضل ارتفاع الإيرادات الضريبية. وتهدف الحكومة إلى خفض العجز المالي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 و3.0% في عام 2026، وانخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 70% في عام 2024، بعد أن بلغت ذروتها عند 72% في عام 2020.
وتوسعت صادرات السلع بنسبة 5.8% في عام 2024، مدفوعةً بمبيعات الفوسفات والسيارات، إلى جانب زيادة بنسبة 20% في عدد السياح الوافدين سنويًا (الذي ارتفع إلى 17.4 مليون)، كما لفت التقرير إلى زيادة عدد السياح الوافدين بنسبة 16% أخرى على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى يوليو 2025. وبلغت الاحتياطيات الرسمية 45 مليار دولار في أغسطس 2025، بزيادة قدرها 12% على أساس سنوي، وهو ما يعادل أكثر من خمسة أشهر من الواردات. ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط النمو 4.2% في عام 2025 و4.0% في عام 2026، بدعم من الاستثمار العام، حيث تتعلق مخاطر التراجع بتباطؤ محتمل في الأسواق الأوروبية، مما قد يُضعف التحويلات المالية والطلب على الصادرات، بالإضافة إلى احتمالية حدوث صدمات جوية سلبية.
وبالنسبة إلى تونس؛ تسارع النمو الاقتصادي السنوي من 1.6% في عام 2024 إلى 2.4% في النصف الأول من عام 2025، مدعومًا بقطاعات الزراعة والبناء والتجارة وتصنيع المعدات الميكانيكية والكهربائية. وبلغ متوسط التضخم السنوي 5.6% في الفترة من يناير إلى يوليو 2025 مع انخفاض أسعار المواد الغذائية، بعد أن بلغ ذروته فوق 10% في أوائل عام 2023. وانخفض العجز المالي من 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 6% في عام 2024، وذلك بفضل زيادة حشد الإيرادات، وانخفاض دعم السلع الأساسية، وزيادات محدودة في الأجور في القطاع العام. كما انخفض عجز الحساب الجاري إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مدعومًا بارتفاع إيرادات السياحة والتحويلات المالية، والتي ارتفعت بأكثر من 8% على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى يوليو 2025.
وبلغت الاحتياطيات الدولية 8.5 مليار دولار في أغسطس 2025، وهو ما يغطي أكثر من ثلاثة أشهر من الواردات. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط النمو 2.1% في عام 2026، مع استمرار التحسن البطيء في بيئة الأعمال وضعف الاستثمار في التأثير على التوقعات ومخاطر التراجع الناجمة عن نقاط الضعف الخارجية التي قد تؤدي إلى تفاقم تأثير الصدمات الاقتصادية العالمية.