رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«العالم يترقب».. فرنسا تعلن غدا الاعتراف رسميا بدولة فلسطين

نشر
فلسطين
فلسطين

يترقب العالم غدا الاثنين حدثا تاريخيا طال انتظاره لسنوات عديدة وهو اعتراف فرنسا رسميا بدولة فلسطين. فخلال مؤتمر مُرتقب تشارك في رئاسته فرنسا والمملكة العربية السعودية، سيعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن اعتراف بلاده بدولة فلسطين، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، ليتبعه بعد ذلك، الدول التي أعلنت أيضا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
والدول الأخرى المعنية هي أستراليا وبلجيكا وأندورا وكندا ولوكسمبورج والبرتغال ومالطا وسان مارينو والمملكة المتحدة، وفقا للرئاسة الفرنسية.
ومن المنتظر أن يُلقي الرئيس الفرنسي خطابا يُضفي طابعا رسميا على هذا الحدث التاريخي غدا في نيويورك، خلال هذا المؤتمر الذي سيُشارك في رئاسته ولي العهد السعودي، والذي سيتحدث عبر تقنية "الفيديوكونفرانس"، وفقا للإليزيه. 

 ماكرون يعلن أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين


في يوليو الماضي، أعلن ماكرون أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر. وقال ماكرون عبر منصتي إكس وإنستجرام "وفاء بالتزامها التاريخي بسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، قررتُ أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين. سأُعلن ذلك رسميا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل". 
ومنذ ذلك الحين، يجدد ماكرون نيته وعزمه المضي قدما نحو هذه الخطوة التاريخية المهمة. وكتب أول أمس الجمعة على منصة "إكس": "أمام الطابع الملح للغاية للوضع في غزة وفي باقي الأراضي الفلسطينية، جدّدت للرئيس الفلسطيني (خلال اتصال هاتفي) نيّتي الاعتراف بدولة فلسطين يوم الاثنين في نيويورك .. هذا الاعتراف يندرج في إطار خطة سلام شاملة للمنطقة، تهدف إلى تلبية تطلعات الإسرائيليين والفلسطينيين معا إلى الأمن والسلام". 
وأضاف ماكرون : "ذكّرت بمتطلباتنا تجاه السلطة الفلسطينية، وأعاد الرئيس عباس تأكيد عزمه على تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتجديد الحوكمة الفلسطينية والاستجابة لتحديات استقرار دولة فلسطين المستقبلية". وشدد ماكرون "سنسهر على أن تُحترم هذه الالتزامات، من أجل أمن واستقرار المنطقة بأكملها". 
يعد هذا الحدث التاريخي ثمار الجهود الحثيثة التي بذلتها الدبلوماسية الفرنسية خلال الأشهر الأخيرة ومنذ أن أعلن الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بدولة فلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث عُقد بعد ذلك المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، بنيويورك يومي 28 و29 يوليو الماضي برئاسة فرنسا والسعودية، وصدر عنه "إعلان نيويورك " متضمنا الاتفاق على اتخاذ خطوات ملموسة من أجل تسوية القضية الفلسطينية ومن بين بنوده: اتخاذ إجراءات جماعية من أجل إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني تسوية عادلة وسلمية ودائمة بناء على التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.
ودعت بدورها جامعة الدول العربية لتنفيذ هذا الاعلان، وهي دعوة رحبت بها الخارجية الفرنسية "تعكس رغبة الدول العربية في الالتزام بتنفيذ خارطة طريق طموحة لتحقيق السلام والأمن للجميع في المنطقة"، تشمل وقفا فوريا لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة، ونزع سلاح حركة حماس واستبعادها من إدارة القطاع، ووضع ضمانات أمنية جماعية تشمل إسرائيل.
وفي 12 سبتمبر، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يؤيد هذا الاعلان بعد التصويت عليه ، وحصل القرار على تأييد 142 دولة، فيما صوتت ضده 10 دول. 
في هذا الصدد، أشاد الرئيس الفرنسي بهذا الحدث المهم وقال عبر منصة إكس: "اليوم، بقيادة فرنسا والمملكة العربية السعودية، اعتمدت 142 دولة إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين .. معا، نرسم مسارا لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط". 
وبالأمس، تحدث ماكرون مع ولي العهد السعودي، وأكد له أن اعتماد 142 دولة لإعلان نيويورك بشأن حل الدولتين شكّل نقطة تحول في رسم طريق نحو السلام والأمن الدائمين في الشرق الأوسط، مؤكدا "يجب أن يتيح لنا المؤتمر حول حل الدولتين، الذي سنترأسه معا في نيويورك يوم الاثنين، اتخاذ خطوة جديدة في تعبئة المجتمع الدولي". 
وبالرغم من تأكيد ماكرون بأن هذه الخطوة المهمة باعتراف بلاده بفلسطين تهدف إلى بناء "سلام وأمن للجميع"، وأن "مستقبل آخر ممكن، مع شعبين اثنين ودولتين: إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن"، إلا أن إسرائيل في المقابل لم تتوقف عن إبداء غضبها إزاء هذه الخطوة، معتبرة أن هذا بمثابة مكافأة لحركة حماس الفلسطينية، بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 على الأراضي الإسرائيلية، ومؤكدة في الوقت نفسه أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية أبدا"، مثلما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في 11 سبتمبر، خلال زيارة لمستوطنة "معاليه أدوميم" في الضفة الغربية، حيث سيُضاف آلاف الوحدات السكنية الجديدة. 
خلال الفترة الماضية، شهدت العلاقات الاسرائيلية الفرنسية توترا كبيرا بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة، وسقوط العديد من الضحايا المدنيين مع تدهور الأوضاع الانسانية في القطاع. وجاء إعلان ماكرون عزمه الاعتراف بفلسطين ليزيد من حدة التوترات بين البلدين . 
وفي أغسطس، اتهم نتنياهو، ماكرون بـ"تأجيج نار معاداة السامية" بدعوته الاعتراف بفلسطين. كما اعتبرت إسرائيل هذه الخطوة "مكافأة" لحركة حماس بعد هجمات 7 أكتوبر، والتي أدت إلى اندلاع حرب دمرت قطاع غزة. 
ومع اقتراب موعد الاعتراف بفلسطين، يزداد التوتر أكثر وتزداد المخاوف حيال ردود فعل انتقامية محتملة من جانب إسرائيل ورد فرنسي عليها، وسط مخاطر من استمرار تفاقم الوضع بالنسبة إلى الفلسطينيين. 
وهددت السلطات الإسرائيلية باتخاذ إجراءات انتقامية، من بينها غلق القنصلية الفرنسية في القدس وأيضا ضم كامل للضفة الغربية أو جزء منها، الأمر الذي حذر منه الإليزيه أول أمس /الجمعة/ مؤكدا أن هذا الضم سيشكل "خطا أحمر واضحا". 
ويعرب مراقبون عن قلقهم إزاء التبعات المحتملة على الفلسطينيين. وذكرت "أنييس لوفالوا" المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، أن "الإسرائيليين مستعدون لأي شيء، ومن المرجح أن يكون الرد الفرنسي محدودا للغاية" ، وأشارت إلى أن إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس سيكون "كارثيا" لأنّها نقطة اتصال رئيسية مع الفلسطينيين .
وتعليقا على تلك الخطوات المحتملة، أكد مستشار دبلوماسي بالرئاسة الفرنسية أن "أجندتنا إيجابية. هي ليست أجندة ردود وردود مضادة. نحن نبذل جهدا للسلام"، لكن "ضم الضفة الغربية هو خط أحمر واضح" بالنسبة إلى فرنسا. 
وأوضح أن "هذا سيكون بطبيعة الحال أسوأ انتهاك ممكن لقرارات الأمم المتحدة". 
واليوم وبالرغم من هذه الخطوات الإسرائيلية المحتملة، تسعى فرنسا إلى اتخاذ كل الاجراءات الممكنة للحفاظ على حل الدولتين، وتعتبر أن هذا الاعتراف يندرج في إطار خطة سلام شاملة للمنطقة، تهدف إلى تلبية تطلعات الإسرائيليين والفلسطينيين معا إلى الأمن والسلام، حسبما أكد الرئيس الفرنسي. 

عاجل