ملك إسبانيا: أكثر من 60 شركة إسبانية مستقرة بمصر وتسهم في تطوير علاقتنا

ألقى الملك فيليبي السادس، ملك إسبانيا، كلمة خلال الملتقى المصري الإسباني للأعمال، الذي عُقد اليوم بأحد الفنادق في القاهرة بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء، وكذا عدد من مُمثلي القطاع الخاص من مصر وإسبانيا.
ونقل ملك إسبانيا في مُستهل كلمته، تحياته للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، كما رحّب الملك فيليبي السادس برئيس مجلس الوزراء، والوزراء، وجميع الحضور من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص، وممثلي قطاعي الصناعة والتجارة من مصر وإسبانيا، وأعرب عن شكره لكلماتهم خلال ملتقى الأعمال؛ والتي تعكس الود والتقارب بين البلدين.
كما توجّه الملك بخالص الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على مأدبة العشاء التي أقامها فخامة الرئيس وقرينته بمنطقة الأهرامات بالجيزة، مساء أمس، على شرف جلالة الملك فيليبي السادس وجلالة الملكة ليتيزيا، ملكة إسبانيا، وذلك بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها جلالة الملك إلى جمهورية مصر العربية، موضحًا أنه قد شاهد رؤية تاريخية جديدة جعلته سعيدًا بالماضي، ولافتًا إلى تطلعه لمستقبل مشترك بين الدولتين.
ولفت الملك فيليبي السادس إلى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا منذ 7 أشهر، مشيرًا إلى أنه أعرب لفخامة الرئيس آنذاك عن رغبته في لقائه بالقاهرة، لمناقشة آفاق الشراكة الاستراتيجية التي كانت في خطواتها الأولى، قائلًا: اليوم نرى كيف تتحول هذه الشراكة إلى واقع ملموس وقريب في هذا الملتقى، الذي نفتتحه اليوم، ويُعد فرصة سانحة لدفع وتحسين العلاقات الاقتصادية بين الدولتين.
وأوضح جلالة الملك، خلال كلمته، أن العلاقة بين البلدين تُعد علاقة ناضجة وديناميكية، لافتًا إلى أنه في عام 2024 بلغت الصادرات الإسبانية إلى مصر مليارًا و457 مليون يورو، بينما تجاوزت واردات إسبانيا 1.6 مليار يورو، وهي أرقام تعكس الثقة المتبادلة، وتظهر إمكانات أكبر للتوسع بين البلدين، قائلًا: لهذا نحن هنا؛ لتحويل هذه الإمكانات إلى مشروعات ملموسة وفرص استثمارية جديدة -علاوة على تلك القائمة بالفعل- وكذا شراكات تجارية، واستثمار جديد ومستدام، وذلك بما يعود بالنفع على مجتمعاتنا.
وأضاف الملك فيليبي السادس: التوقعات إيجابية، وترى الشركات المصرية، بشكل متزايد، إسبانيا باعتبارها قبلة أساسية لتوسعات استثماراتها دوليًا، حيث تُعد إسبانيا الاقتصاد الخامس عشر عالميًا، والرابع على مستوى الاتحاد الأوروبي. كما تملك إسبانيا مكانة جغرافية استراتيجية وتُعد أيضًا نقطة اتصال متميزة بين أوروبا وأمريكا اللاتينية والبحر المتوسط وكذلك الشرق الأوسط. وهذه ميزة تتمتع بها مصر أيضًا باعتبارها نقطة التقاء بين أفريقيا وأوروبا وآسيا، ويُعد هذا الموقع فريدًا من نوعه.
وأوضح جلالة الملك في كلمته أن الشركات الإسبانية الرائدة التي تعمل في مصر منذ عقود قد ترسخت مكانتها، فاليوم يوجد أكثر من 60 شركة إسبانية مستقرة في هذا البلد، وتسهم بخبراتها في تطوير علاقتنا الاقتصادية والتجارية. ولفت إلى أن هناك شركات مصرية أيضًا تعمل في إسبانيا، ويعكس هذا مدى الثقة، قائلًا: يمثل وجود هذه الشركات إسهامًا حاسمًا، سواء على الصعيد الاستثماري أو الابتكار أو القيمة المضافة، وذلك في قطاعات استراتيجية تُعرف بها إسبانيا عالميًا، وخاصة في المجالات المرتبطة بالاستدامة وحماية البيئة، والسياحة وغيرها من القطاعات.
وتابع: تشارك شركاتنا بشكل فعال في الإنجازات المبهرة التي تحققها مصر عبر تنفيذ مشروعات عملاقة في قطاعات رئيسة، لما لها من أثر مباشر على تحسين جودة حياة ملايين المواطنين، وهو جهد نفخر جميعًا بالمساهمة في تحقيقه، وتتجلى مساهماتنا في مشروعات مثل العاصمة الإدارية الجديدة وشبكة القطارات فائقة السرعة، ومحطات معالجة المياه، والمتحف المصري الكبير الذي يمثل أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة، والذي سيتم افتتاحه قريبًا.
وأشار الملك فيليبي السادس، إلى أن مجال السياحة يعد انعكاسًا واضحًا للمصالح المشتركة بين البلدين، لافتا في هذا الصدد إلى أن مشروع حماية المواقع الأثرية الرئيسية، والذي يشمل الأقصر التى سيتم زيارتها هذا المساء، وكذا المواقع الأثرية بمنطقة أهرامات الجيزة، والتي قمنا بزيارتها مساء أمس، وأبهرتنا عراقة هذه المنطقة، قد تم تنفيذها من خلال منحة إسبانية بمشاركة العديد من الشركات المصرية والإسبانية باستخدام أحدث التكنولوجيات المطبقة في هذا المجال، وخاصة فيما يتعلق بالأمن والحماية والحفاظ على الإرث الثقافي التاريخي، معربًا عن فخره بمشاركة الجانب الإسباني في تنفيذ هذا المشروع الذي سيستفيد به أكثر من 15 مليون سائح سنويًا يزورون تلك الأماكن التاريخية العريقة.
ولفت الملك فيليبي السادس، إلى ما تمتلكه إسبانيا من خبرات واسعة في قطاع السياحة، بمختلف أنواعها المستدامة والتنافسية، وهو ما جعل إسبانيا من أكثر الدول جذبا للسياحة من مختلف دول العالم، موضحاً أن 49 مليون سائح زاروا إسبانيا خلال عام 2024.
وانتقل ملك إسبانيا للحديث عن الإمكانات والمقومات الهائلة التى يتمتع بها قطاع السياحة في مصر، فمصر بها ثروة تاريخية وثقافية لا مثيل لها، مضيفا: تتجسد خبرة السياحة الإسبانية هنا من خلال الشركات الإسبانية ذات السمعة العالمية الراسخة، مؤكداً أن هناك فرصا واضحة لتنفيذ العديد من المشروعات المشتركة في العديد من المجالات السياحية، مثل إدارة التراث، والسياحة الثقافية والعلاجية أيضاً، هذا إلى جانب ما يتعلق بالتدريب المهني، ورقمنة هذا القطاع الحيوي، وتطبيق المزيد من التكنولوجيات المبتكرة المخصصة للسياحة والبنية التحتية السياحية.
وأكد الملك فيليبي السادس، أن تبادل المعرفة والتعاون بين مختلف الشركات المصرية والإسبانية في مجال السياحة، من شأنه خلق فرص استثمارية جديدة، كما أنه سيسهم في التنمية المستدامة للقطاع في بلدينا الصديقين.
وأشار ملك إسبانيا إلى أننا نعيش في سياق دولي معقد للغاية يتسم بعدم اليقين والتغير المستمر، ولكنه أيضا مليء بالفرص، لافتا إلى أن إسبانيا ومصر تواجهان العديد من التحديات، وخاصة ما يتعلق بالرقمنة، والابتكار، وضرورة تكييف نماذجنا الإنتاجية، وهذه الأمور تؤثر في البلدين بشكل مباشر، وتتطلب استجابات مشتركة، مؤكدًا في هذا الصدد أنه على الشركات أن تتكيف وتبتكر كي تحقق المزيد من الازدهار في هذا السياق الصعب والمعقد والمليء بالتحديات، مشدداً على ضرورة وأهمية التعاون بين المؤسسات العامة والقطاع الخاص، الذي يرتكز على رؤية استراتيجية، والتزامات طويلة الأمد، وهذا هو الذي يعد طريق وسبيل النجاح.
ونوه الملك فيليبي السادس، إلى أن السياسات العامة والمستدامة تعد هي المحرك لمزيد من النمو والاستقرار، إذ يمكنها تقليل المخاطر وتعزيز التنافسية، وتيسير التكيف مع المتغيرات، مشيرا في هذا السياق إلى أهمية الالتزام الثابت بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مصر، وخاصة ما يتعلق بالإجراءات الرامية إلى تطوير ونمو الاقتصاد، وتحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز البنية التحتية، وذلك بما يسهم في خلق بيئة أكثر انفتاحا وديناميكية.
وأكد الملك فيليبي السادس، أن إسبانيا تتابع مسار الإصلاحات الاقتصادية في مصر باهتمام واحترام، معربا عن تأكيد الحضور والمشاركة في هذا المسار كشريك موثوق فيه، قائلا: "يمكننا أن نتقدم معا في العديد من المجالات، ومنها مجالات التحول الرقمي، والطاقة، والنقل المستدام، والتدريب المهني"، لافتًا إلى أن هذا اللقاء فرصة متميزة لتعزيز وتقوية الروابط بين مجتمعاتنا الاقتصادية، كما أنه فرصة لمواصلة العمل بشكل أكبر من أجل مستقبل أفضل، ومزيد من التقدم والرخاء المشترك، قائلا: "فليلهمنا هذا اليوم إلى تعزيز الثقة في شراكاتنا ومواصلة بناء مشروعاتنا القوية والمبتكرة النافعة للمجتمعين المصري والإسباني"، متمنيًا المزيد من النجاح والتفوق، ومعربًا عن شكره وتقديره لكرم الضيافة وحسن الاستقبال، مرحبًا بعقد المزيد من اللقاءات التي تعزز المزيد من الفرص الاستثمارية المصرية الإسبانية.