استمرار تراجع سفر السياح الدوليين إلى الولايات المتحدة منذ تولي ترامب الرئاسة

تضائلت موجة السياح الكنديين المعتادة خلال فصل الصيف إلى الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، في ظل تراجع واسع في السياحة الدولية إلى الأراضي الأمريكية، وسط تحذيرات خبراء السفر من إمكانية استمراره لسنوات مقبلة.
وتضمن هذا التراجع بلدات الشمال الحدودي مع كندا وحتى وجهات سياحية كبرى مثل لاس فيجاس ولوس أنجلوس، وهي وجهات سفر شهيرة أبلغت جميعها عن استضافة عدد أقل من الزوار الأجانب هذا الصيف، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.
ويعزو خبراء وبعض المسؤولين المحليين هذا الاتجاه، الذي ظهر لأول مرة في فبراير، إلى عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض، خاصة في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها على معظم دول العالم، والتشدد في ملف الهجرة، وتصريحاته المثيرة حول "شراء" كندا وجرينلاند، والتي دفعت كثيرا من المسافرين في أنحاء العالم للعزوف عن زيارة الولايات المتحدة.
وتوقع مجلس السياحة والسفر العالمي قبل عطلة "يوم الذكرى" أن تكون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة بين 184 دولة شملتها دراسته التي ستسجل انخفاضا في إنفاق الزوار الأجانب خلال 2025، معتبرا ذلك "إشارة واضحة إلى تراجع الجاذبية العالمية للولايات المتحدة".
وقالت جوليا سيمبسون، الرئيسة التنفيذية للمجلس: "أكبر اقتصاد للسياحة والسفر في العالم يسير في الاتجاه الخاطئ.. بينما الدول الأخرى تفرش البساط الأحمر للزوار، ترفع الحكومة الأمريكية لافتة الإغلاق".
في الوقت ذاته، توقعت شركة الأبحاث "توريزم إيكونوميكس" هذا الشهر تراجع عدد الوافدين الدوليين إلى الولايات المتحدة بنسبة 8.2% في 2025، وهو تحسن طفيف عن التوقع السابق بتراجع 9.4%، لكنه لا يزال أقل بكثير من مستويات ما قبل جائحة كورونا، مشيرة إلى أن الحجوزات الجوية تعكس استمرار التباطؤ الحاد في مايو ويونيو ويوليو، ما ينبئ بتواصل الاتجاه خلال الأشهر المقبلة.
وقالت ديبورا فريدلاند، المديرة في شركة "أيزنر أدفايزري جروب"، إن صناعة السياحة الأمريكية تواجه رياح معاكسة، تشمل ارتفاع تكاليف السفر، وعدم اليقين السياسي، والتوترات الجيوسياسية، مضيفة أن ترامب منذ عودته إلى الحكم، أعاد إحياء حظر السفر الذي يستهدف دولا إفريقية وشرق أوسطية، وشدد قواعد التأشيرات، وكثف مداهمات الهجرة، بالتوازي مع فرض رسوم جمركية على السلع الأجنبية.
وانعكست الصورة السلبية على فعاليات ثقافية وسياحية، حيث اضطر منظمو بطولة دولية للرقص إلى تأجيلها بعد انسحاب متسابقين دوليين من النهائيات، مشيرين إلى أنهم شعروا بعدم الترحيب، حيث قدرت الجهة المنظمة أن نحو نصف الحضور عادة ما يأتون من الخارج، خصوصا من كندا وفرنسا.
وفي واشنطن العاصمة، حيث نشرت الإدارة الأمريكية مؤخرا قوات الحرس الوطني، توقّع مسؤولو السياحة المحلية تراجع عدد الزوار الدوليين بنسبة 5.1% هذا العام.
وأكدت بيانات الحكومة الأمريكية تراجع أعداد الوافدين الدوليين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام بأكثر من 3 ملايين زائر، بانخفاض نسبته 1.6% مقارنة بالعام الماضي.
وتراجع عدد الزوار من أوروبا الغربية بنسبة 2.3%، مع انخفاض كبير من الدنمارك (19%) وألمانيا (10%) وفرنسا (6.6%)، كما سجل زوار آسيا تراجعات مزدوجة الرقم من هونج كونج وإندونيسيا والفلبين، إضافة إلى انخفاض ملحوظ في أعداد المسافرين من إفريقيا، فيما أظهرت البيانات زيادة في أعداد القادمين من دول مثل الأرجنتين والبرازيل وإيطاليا واليابان.
وفي تحول لافت، تجاوز عدد الأمريكيين الذين قادوا سياراتهم إلى كندا عبر الحدود في شهري يونيو ويوليو عدد الكنديين الذين دخلوا الولايات المتحدة، وهي المرة الأولى منذ نحو عقدين باستثناء فترات قصيرة خلال الجائحة، وفق بيانات هيئة الإحصاء الكندية.
وفي يوليو وحده، انخفضت رحلات الكنديين من الولايات المتحدة بالسيارات بنسبة 37% مقارنة بالعام الماضي، فيما تراجعت رحلاتهم الجوية بنسبة 26%.