«التعاون الإسلامي»: استمرار إسرائيل في النهج التصعيدي بغزة يقوّض فرص التوصل لتسوية

حذر وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي من أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في النهج التصعيدي بقطاع غزة يقوّض فرص التوصل إلى تسوية عاجلة، ويعرّض أمن واستقرار المنطقة لمزيد من المخاطر.
جاء ذلك في القرار الصادر عن الدورة الاستثنائية الواحدة والعشرين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة أمس الاثنين بمقر الأمانة العامة للمنظمة في جدة بالمملكة العربية السعودية.
وأكد وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي –حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية– جميع القرارات الصادرة عن القمم الإسلامية والمجالس الوزارية لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن قضية فلسطين والقدس الشريف، وآخرها القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني التي عقدت في مدينة الرياض 11 نوفمبر 2024م، والقرارات الصادرة عن الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول يومي 21 و22 يونيو 2025م، لبحث العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مركزية القضية الفلسطينية للأمة الإسلامية جمعاء ودعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وحقه في الاستقلال وتجسيد دولة فلسطين المستقلة، وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
وأعلن المجلس رفضه وإدانته الشديدة إعلان إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– خطتها فرض الاحتلال، للاحتلال والسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة وأي مخططات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسميات، ويعتبر ذلك تصعيدًا خطيرًا ومرفوضًا ومحاولة لتكريس الاحتلال غير الشرعي وفرض أمر واقع بالقوة، ضمن تحركات غير شرعية تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي في انتهاك صارخ للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والرأي الاستشاري والتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية.
وأكد المجلس أن جميع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– المتمثلة في العدوان والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والحصار غير القانوني على قطاع غزة، واستخدام التجويع كسلاح حرب، وغيرها من سياسات الاستيطان الاستعماري، وإرهاب المستوطنين وتطرفهم، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومحاولات ضم الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ترقى إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية تستدعي المساءلة والمحاسبة وفق القانون الجنائي الدولي.
كما أكد المجلس أهمية القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية على أساس أن إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– انتهكت اتفاقية عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وإجراءات متابعة الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، لضمان مساءلة إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– عن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها وترتكبها في دولة فلسطين.
ودعا قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة استثنائية حول العدوان الإسرائيلي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر المقبل، ويوكل وفود الدول الأعضاء في المجلس بالتنسيق مع دولة فلسطين بشأن ذلك.
وأدان القرار بشدة الاستهداف المتعمد والمنهجي للبنية التحتية المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك تدمير سلاسل الإمداد الغذائي ومرافق المياه والخدمات الطبية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ مما ساهم بشكل مباشر في تفشي المجاعة وحدوث كارثة إنسانية من صنع الإنسان؛ مطالبًا بالوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية ورفع الحصار بالكامل دون قيد أو شرط لإتاحة المجال لوصول المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق، وفقًا للقانون الدولي والمبادئ الإسلامية القائمة على العدالة والكرامة الإنسانية.
وحمّل القرار إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية والكارثة الإنسانية غير المسبوقة، والمجاعة التي يشهدها قطاع غزة، وطالبها بفتح جميع المعابر وبالسماح العاجل وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية بدون عوائق وبشكل كافٍ إلى قطاع غزة، بما يشمل الاحتياجات الكافية من الغذاء والدواء والوقود، وضمان حرية عمل وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية والإنسانية، وعلى رأسها منظمة "الأونروا"، ودعا إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكد قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الجهود الرامية إلى تحقيق وقف فوري وشامل لإطلاق النار، التي تبذلها جمهورية مصر العربية ودولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى، باعتبار ذلك مدخلًا إنسانيًا أساسيًا لتخفيف المعاناة وصولًا إلى إنهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، وتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم أو ما تبقى منها، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل من قطاع غزة، وعقد مؤتمر إعادة الإعمار المقرر بالقاهرة لبدء تنفيذ الخطة العربية الإسلامية للإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة.
وأعرب المجلس عن إدانته لاستمرار تعنت إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– ورفضها الاستجابة لمحاولات الوسطاء للتوصل لتهدئة رغم مرور ما يقرب من عامين على العدوان في قطاع غزة وتكريس الاحتلال غير القانوني عليها، كما يدين الإصرار على توسيع العمليات العسكرية الإجرامية في غزة والإمعان في تجاهل دعوات وقف الحرب.
وأعرب المجلس –في هذا السياق– عن استنكاره الشديد لرفض إسرائيل الاستجابة للمقترح الأخير للوسطاء، رغم أن المقترح قد حظي على موافقة الجانب الفلسطيني، ومن شأنه أن يفضي إلى صفقة مهمة ومحورية لإطلاق سراح الرهائن والأسرى، ووقف إطلاق النار، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية الكافية وبشكل عاجل وفعّال تحت إشراف المنظمات الأممية وخاصة وكالات الأمم المتحدة، للتعامل مع الكارثة الإنسانية والمجاعة في قطاع غزة، كما أنه يتسق مع المقترحات التي سبق أن تقدمت بها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد، ويمهد الطريق لوقف العدوان وإطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى بلا استثناء، وكذلك حمّل المجلس –في هذا السياق– إسرائيل المسؤولية الكاملة عن استمرار العدوان، والتجاهل المتعمد لمبادرات التهدئة، وما يترتب على ذلك من تفاقم الكارثة الإنسانية، واستمرار احتجاز الرهائن والأسرى، وحرمان السكان المدنيين من المساعدات الإنسانية الأساسية.
وأكد المجلس أن استمرار إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– في هذا النهج التصعيدي يقوّض فرص التوصل إلى تسوية عاجلة، ويعرّض أمن واستقرار المنطقة لمزيد من المخاطر، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والسياسية والإنسانية لوقف هذه السياسات، وإلزام إسرائيل بالاستجابة لمقترحات الوسطاء التي تعاطت مع ما سبق أن طرحته إسرائيل ذاتها، كما أكد أن إجراءات ونهج إسرائيل يؤديان بالمنطقة إلى حالة عدم الاستقرار، ويقوّض أسس وفرص السلام الشامل فيها، ويؤثر على أية مبادرات أو مقاربات في الشأن.
وأكد المجلس كذلك أهمية وضرورة تعامل المجتمع الدولي بمسؤولية إزاء ما ورد في نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والمعتمد من منظمة الأمم المتحدة بشأن حدوث مجاعة في قطاع غزة لأول مرة وبشكل رسمي من منظمة دولية، وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة وتداعياتها، ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل وتفعيل جميع آليات الطوارئ الدولية لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل فوري وكافٍ ودون عوائق إلى قطاع غزة، كما أكد ضرورة إحالة ملف جرائم التجويع والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كما أكد المجلس ضرورة اتخاذ الدول على الفور إجراءات قانونية عملية لإنهاء حصار الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى المحتاجين من الشعب الفلسطيني، وبالتعاون الكامل مع الآليات الأممية المتسقة مع القانون الدولي، وأدان استخدام المنظمات التي تُستخدم كأدوات لخدمة الاحتلال، بما في ذلك عمل ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" لتقييد أو التلاعب بالمساعدات الإنسانية، باعتبارها مصائد للموت، وجزءًا من الهندسة الإجرامية الإسرائيلية للمجاعة والإبادة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واعتبار هذه المؤسسة والقائمين عليها متواطئين في جريمة الإبادة الجماعية.
وأدان القرار ويرفض بأشد العبارات التصريحات غير المسؤولة والمتغطرسة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بشأن ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، باعتبارها امتدادًا لخطاب التطرف والتحريض والعدوان على سيادة الدول وانتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الإقليمي والدولي، وتأتي في إطار محاولة إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– التهرب من التزاماتها الدولية، واستمرار إنكار وانتهاك الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وضم الأرض الفلسطينية، وحذر من تداعيات ذلك على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
كما أدان المجلس بشدة مخططات الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي الرامية لتغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي في الأرض الفلسطينية المحتلة لتقويض حل الدولتين، التي كان آخرها المصادقة على بناء 3400 وحدة استيطانية غير قانونية في منطقة ما تسمى (E1) بمدينة القدس المحتلة، وأكد ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير القانوني بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية ذات الصلة.
وأعرب المجلس عن إدانته بشدة جريمة اغتيال الصحفيين والإعلاميين الأخيرة في قطاع غزة، وأكد أن ذلك يشكل جريمة حرب، واعتداء على حرية الصحافة ضمن سلسلة انتهاكات إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– الممنهجة ضد وسائل الإعلام والعاملين فيها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، والتي أدت إلى استشهاد 238 صحفيًا، واستمرار إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– في منع دخول وكالات الإعلام الدولية ومراسليهم إلى قطاع غزة في إطار محاولاتها الرامية إلى طمس الحقيقة والتغطية على جرائمها اليومية ومنع إيصالها إلى الرأي العام العالمي.
وحذّر المجلس من خطورة تصاعد وتيرة إرهاب المستوطنين المتطرفين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، وأكد ضرورة اتخاذ ما يلزم من خطوات لمحاسبة المستوطنين على جرائمهم، بما في ذلك فرض العقوبات عليهم، وإدراجهم على قوائم الإرهاب، وملاحقتهم قضائيًّا.
وأكد المجلس –في هذا الصدد– ضرورة تولي حكومة دولة فلسطين مسؤولياتها الكاملة في الحكم، والأمن في جميع الأرض الفلسطينية المحتلة؛ وشدد على تقديم الدعم الكامل لذلك من دول المنظمة، ومن المجتمع الدولي؛ كما أكد ضرورة توفير جميع أشكال الدعم لحكومة دولة فلسطين بما في ذلك تفعيل شبكة الأمان المالية الإسلامية وفق آليات شفافة يتفق عليها، وطالب المجتمع الدولي بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج فورًا وبشكل كامل عن أموال عائدات الضرائب الفلسطينية المحتجزة بشكل غير قانوني.
وأعرب قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عن دعمه وتأكيده ضرورة تنفيذ مخرجات المؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين الذي انعقد في نيويورك برئاسة المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا في الفترة من 28 إلى 30 يوليو 2025، وما تضمنته الوثيقة الختامية من إجراءات تنفيذية عاجلة ضمن جدول زمني لإنهاء الحرب في غزة، ودعا الدول إلى اعتماد إعلان نيويورك حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين وملحقاته المقدمة من رئيسي المؤتمر ورؤساء مجموعات العمل.
ورفض المجلس أي دعوات أو خطط أو سياسات تهدف إلى أي شكل من أشكال التهجير للشعب الفلسطيني داخل أو خارج فلسطين بما في ذلك قطاع غزة أو تغيير التركيبة الديمغرافية فيها، كما حذر جميع الدول من التعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع مخططات التهجير الإسرائيلية لما يشكله أي تعاون محتمل في هذا السياق من انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي الإنساني، ودعا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والمساءلة الفورية عن جميع الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– في انتهاك فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأدان المجلس بشدة الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة ضد الأماكن المقدسة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ومحاولات الاحتلال التدخل في إدارتها وتغيير معالمها، ومحاولات التضييق على المؤسسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها الدينية منها، في انتهاك صارخ للمواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بحماية أماكن العبادة وحرية الوصول إليها؛ وأكد ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في هذه الأماكن المقدسة.
وأكد المجلس الجهود التي تبذلها المملكة الأردنية الهاشمية ودور الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، في الدفاع وحماية وصون مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم صمود سكانها الفلسطينيين على أرضهم في مواجهة الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية، التي تهدف إلى تغيير الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمدينة، وجدد رفضه للمحاولات الإسرائيلية التي تمس الرعاية والوصاية الهاشمية، وأكد دور إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية باعتبارها الجهة القانونية الحصرية الوحيدة المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، كما أكد دور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، وثمَّن الجهود التي تبذلها وكالة بيت مال القدس الشريف التابعة لها.
ورحب المجلس بالنتائج التي خلص إليها المؤتمر الدولي المعني بمسألة القدس، الذي انعقد في داكار في 9 يوليو، ولا سيما حشد الدول والمجتمع المدني الدولي والأوساط الأكاديمية من أجل تعزيز المناصرة والعمل على الحفاظ على الأبعاد الثقافية والدينية والديموغرافية للمدينة المقدسة، بجميع الوسائل القانونية والسياسية الممكنة.
ودعا المجلس جميع الدول إلى تقديم المزيد من الدعم والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني لتخفيف معاناته وتعزيز صموده على أرضه ومواصلة العمل على إنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة؛ وثمَّن الدور المهم الذي تضطلع فيه المنظمات الدولية الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة وكالة "الأونروا"، ودعا إلى توفير الدعم اللازم لها.
وأعرب قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عن دعمه للجهود الملموسة والمقدرة التي تقوم بها الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون في إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الأممي وفترة رئاستها له، في دعم القضايا الإسلامية بوجه عام والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، كما أعرب عن دعمه للجهود الملموسة التي تقوم بها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية باكستان وجمهورية الصومال الفيدرالية وجمهورية سيراليون وجمهورية غويانا، في إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن في دعم القضايا الإسلامية بوجه عام والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
ودعا المجلس الدول الأعضاء في المنظمة التي تتمتع بعضوية مجلس الأمن الدولي إلى التعبئة العاجلة داخل المجلس لإجباره على تحمل مسؤولياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وذلك باتخاذ تدابير فورية وملموسة من أجل وقف الخطط غير القانونية لإسرائيل –قوة الاحتلال– لفرض احتلالها على كامل قطاع غزة عسكريًّا ووضع حد للإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة وضمان الوصول الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، خاصة في ضوء المجاعة المعلنة رسميًّا والكارثة الإنسانية المتفاقمة.
ورحّب المجلس بجهود جمهورية باكستان الإسلامية بصفتها عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي من أجل حشد الدعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتحقيق العدالة والأمن وتعزيز وحدة الأمة الإسلامية.
ودعا قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مجلس الأمن الدولي، وتحت الفصل السابع، إلى تحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لوقف العدوان الغاشم الذي يقترفه الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته التي تهدف إلى تقويض فرص تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة والقضاء على فرص تنفيذ حل الدولتين، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، والمحاسبة الفورية على جميع الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– في مخالفة واضحة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
كما دعا المجلس جميع الدول إلى اتخاذ جميع الوسائل القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال– من مواصلة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك من خلال دعم الجهود الرامية إلى إنهاء حالة إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن انتهاكاتها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني وفرض عقوبات عليها، ووقف تزويد أو نقل أو عبور الأسلحة والذخائر والمواد العسكرية إليها، بما فيها المواد ذات الاستخدام المزدوج، وإجراء مراجعة للعلاقات الدبلوماسية، والاقتصادية معها، وملاحقتها قانونيًّا.
وكلّف المجلس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضمن أطرها القانونية المحلية لدعم تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 21 نوفمبر 2024 بحق مرتكبي الجرائم ضد الشعب الفلسطيني؛ كما دعا الدول الأعضاء لبذل الجهود الدبلوماسية والسياسية والقانونية لضمان امتثال إسرائيل –بصفتها قوة احتلال– للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 26 يناير 2024، في قضية تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها في قطاع غزة.
ودعا المجلس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى متابعة دراسة مدى توافق عضوية إسرائيل مع ميثاق الأمم المتحدة، بالنظر إلى مخالفتها الواضحة لشروط العضوية وانتهاكاتها المتكررة لقرارات الأمم المتحدة، وتنسيق العمل من أجل تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وندد المجلس بجرائم الإخفاء القسري والإعدام والتنكيل والتعذيب وجميع الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها اقتحام الوزير المتطرف بن غفير زنزانة القائد الوطني الفلسطيني مروان البرغوثي وتهديده، ودعا المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن الدولي وهيئة الصليب الأحمر الدولية والمحكمة الجنائية الدولية للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للكشف عن مصير المختطفين الفلسطينيين لديها، والعمل على إطلاق سراحهم فورًا وضمان توفير الحماية لهم، كما طالب بتحقيق مستقل وشفاف حول جميع الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين، وضمان ملاحقة المجرمين الإسرائيليين ومساءلتهم.
وجدّد المجلس الدعوة إلى ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال والعدوان والتهجير بجميع أشكاله والتدمير الممنهج التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، امتثالًا للقانون الدولي ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة، والوقوف في وجه المحاولات الرامية إلى تصفية قضيته العادلة.
وأشاد المجلس بدعم العمل المستقل والحيادي للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكد أن ولايتها أمر بالغ الأهمية لحماية مبادئ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وأعرب المجلس عن استيائه الشديد من إلغاء عقد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة الذي كان مقررًا عقده يوم 6 مارس 2025 في جنيف، بناءً على تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار A/RES/ES-10/24.
ورحّب المجلس بالمواقف الدولية التي أعلنت عن رفضها للقرار الإسرائيلي لفرض الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة، كما رحب بقرارات الدول التي اتخذت قرارات وقوانين وخطوات عقابية ضد المستوطنين والمستوطنات الإسرائيلية.
وثمّن المجلس عاليًا مواقف وقرارات الدول التي اعترفت أو أعلنت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025، كتأكيدٍ ودعم جوهريٍّ للحق الطبيعي، والتاريخي، والقانوني للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة، وحثّ سائر الدول التي لم تعترف بعد على الوفاء بواجبها بالاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، باعتبار ذلك ركنًا أساسيًا لتنفيذ وحماية حل الدولتين وتحقيق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
كما ثمَّن المجلس جهود اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بهدف استنهاض مسؤولية المجتمع الدولي تجاه وضع حد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والضغط من أجل إنهاء الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي لدولة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، وتحقيق السلام الدائم والشامل وفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ودعا إلى مواصلة الجهود في هذا الصدد.
وكلّف المجلس مجموعة منظمة التعاون الإسلامي القائمة في الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية بمواصلة الجهود لتنفيذ ما هو موكل لها وفقًا لقرارات القمة الإسلامية ومجلس وزراء الخارجية المعنية بقضية فلسطين، مع الأخذ في الاعتبار القرار رقم: 51/9-ق ت، بشأن إنشاء مجموعة منظمة التعاون الإسلامي في الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية الإقليمية.
وأكد قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أن السلام العادل والدائم والشامل لا يمكن تحقيقه إلا عبر تنفيذ حل الدولتين القائم على إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، بما يضمن تجسيد دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية.
وكلّف المجلس الأمين العام بمتابعة تنفيذ هذا القرار، ورفع تقرير بشأنه إلى الدورة القادمة لمجلس وزراء الخارجية.