رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في الذكرى التاسعة لرحيله.. العالم أحمد زويل أيقونة العلم الذي خلد اسمه في ذاكرة الإنسانية

نشر
العالم أحمد زويل
العالم أحمد زويل

تحل اليوم الذكرى التاسعة لرحيل العالم المصري الكبير الدكتور أحمد زويل، رائد علم "كيمياء الفيمتو"، الذي شكّل علامة فارقة في تاريخ البحث العلمي عالميًا، وسطر اسمه بأحرف من نور في سجلّ العلماء الذين ألهموا البشرية، ورفع سقف طموحات الشباب المصري والعربي إلى آفاق غير مسبوقة، حتى صار رمزًا من رموز العلم في مصر والعالم.

محطات في حياة العالم أحمد زويل

ولد الدكتور أحمد حسن زويل في 26 فبراير 1946 بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، ثم انتقل في سن مبكرة مع أسرته إلى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، والتحق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية، وحصل على درجة بكالوريوس العلوم في الكيمياء عام 1967 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ليُعيّن معيدًا بالكلية، ثم نال درجة الماجستير عن بحث في علم الضوء.

وفي إطار سعيه العلمي المستمر، سافر زويل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة دراسية، وحصل على درجة الدكتوراه في علوم الليزر من جامعة بنسلفانيا. كما عمل باحثًا في جامعة كاليفورنيا بين عامي 1974 و1976، ثم التحق بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك)، حيث تدرج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذًا رئيسيًا للكيمياء.

بلغ زويل ذروة تألقه العلمي في عام 1999، حين وقف في ستوكهولم أمام ملك السويد لتسلم جائزة نوبل في الكيمياء عن أبحاثه الرائدة في مجال "كيمياء الفيمتو"، وهي تقنية متقدمة لتصوير التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات باستخدام أشعة الليزر بسرعة الفيمتوثانية (جزء من مليون مليار جزء من الثانية)، ليصبح أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في هذا المجال. وفي العام نفسه، كرّمه الرئيس الأسبق حسني مبارك بمنحه قلادة النيل، أرفع وسام مصري.

لم تكن نوبل نهاية لمسيرة زويل، بل كانت، كما وصفها بنفسه، "نقطة في بحر العلم"، فواصل أبحاثه واختراعاته، وكان من أبرز إنجازاته اختراع "الميكروسكوب رباعي الأبعاد"، وهو جهاز فريد من نوعه لا يوجد منه سوى نسختين فقط، إحداهما في الولايات المتحدة والأخرى في "مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا" التي أسسها بمصر.

وقد ورد اسمه في قائمة الشرف الأمريكية التي تضم أبرز الشخصيات التي ساهمت في النهضة العلمية بالولايات المتحدة، حيث احتل المركز التاسع ضمن 29 شخصية مؤثرة، باعتباره من أبرز علماء الليزر الأمريكيين، وفي أبريل 2009، أعلن البيت الأبيض تعيينه ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا، والذي ضم 20 عالمًا مرموقًا في تخصصات مختلفة، كما عُيّن في نوفمبر من العام نفسه أول مبعوث علمي أمريكي إلى دول الشرق الأوسط.

ولم ينس زويل وطنه الأم، فكان دائم الدعوة إلى إنشاء قاعدة علمية متكاملة في مصر تنهض بالبحث العلمي والتعليم، وأطلق مشروع "مدينة زويل" كمبادرة وطنية طموحة تهدف لتخريج أجيال من العلماء القادرين على المنافسة عالميًا.

 رحلة عبر الزمن: الطريق إلى نوبل

نشر الدكتور زويل أكثر من 350 بحثًا علميًا في المجلات العلمية العالمية المحكمة، كما ألّف 16 كتابًا، من أبرزها: رحلة عبر الزمن: الطريق إلى نوبل، وعصر العلم (2005)، وحوار الحضارات (2007)، وكلها تُرجمت إلى عدة لغات.

وفي السنوات الأخيرة من حياته، أُصيب بورم سرطاني في النخاع الشوكي، وظل صابرًا مكافحًا حتى وافته المنية في الثاني من أغسطس عام 2016 عن عمر ناهز السبعين عامًا، وكان قد أوصى بنقل جثمانه إلى مصر ليدفن في ترابها، حيث أُقيمت له جنازة عسكرية مهيبة، وتقدَّم الرئيس عبد الفتاح السيسي المشيعين في ساحة مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة.

رحل أحمد زويل بجسده، لكنه ترك إرثًا علميًا وإنسانيًا خالدًا، لا يزال يلهم الأجيال الجديدة ويؤكد أن العلم طريق الشعوب نحو المستقبل.