الأمينَ العام لمستقبل وطن: نمتلك القدرة على خوض الانتخابات على جميع المقاعد لكن نصر على المشاركة لا المغالبة

تحدث النائب أحمد عبد الجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام، في حوار صحفي أجرها مع الكاتب الصحفي محمود المملوك رئيس تحرير موقع «القاهرة 24»، عن ملفاتٍ متشابكةٍ حول الحزب بشكلٍ خاص، والمشهد السياسي بشكلٍ أعم، وأجاب على عددٍ من التساؤلات الهامة التي يرى كثيرون أن الحزب بحاجةٍ إلى تفسيرها للمصريين، وأن يطرح ما لديه من مبرراتٍ حول مواقفَ اتخذها – كقانون الإيجار القديم مثلًا – وكذلك ما الذي يمكن أن يقدمه مستقبل وطن في المرحلة المقبلة.
وفي حديثه، كشف النائب أحمد عبد الجواد كواليسَ تشكيلِ القائمة الوطنية من أجل مصر، والمعايير التي تم على أساسها توزيعُ الـ100 مقعد للقائمة على الأحزاب السياسية المشاركة فيها، ولماذا حصل مستقبل وطن على النصيب الأكبر، ولماذا ترك محافظاتٍ كاملة دون أن يخوض الانتخاباتِ فيها على المقاعد الفردية، وكيف اختار الحزبُ مرشحيه، وهل بالفعل رجّح الحزبُ كفّةَ رجال الأعمال في اختياراته.. وملفاتٌ أخرى.
محمود المملوك: نبدأ من الأحدث انتخابات مجلس الشيوخ.. كيف استعد لها الحزب؟
استعداد حزب مستقبل وطن لانتخابات مجلس الشيوخ لم يكن مرتبطًا فترة الانتخابات فقط، ولكن ضمن خطة موضوعة في إطار عدد من المحاور؛ الأول هو الجانب الخدمي والمجتمعي، وهو محور نحاول من خلاله التواصل مع المواطنين من مختلف الفئات، وفي جميع محافظات الجمهورية، وهذا هو الجزء الذي نقدم فيه المساعدات الخدمية والمجتمعية للمواطنين، وأيضًا نستمع لمطالبهم.
المحور الثاني هو تنظيمي، نتابع فيه جميع تشكيلاتنا، واستكمال هياكلها التنظيمية، وتأهيل كوادرنا من خلال أمانة التدريب والتثقيف، وبرامج متعددة لتأهيلهم ككوادر قادرة على تمثيل المواطن داخل البرلمان، وأيضًا يتم تقييم هذه الكوادر من خلال أمانتي المتابعة والتنظيم لمدى التزامهم الحزبي، ومدى قدرتهم على التواصل مع المواطنين.
والمحور الأخير هو المحور السياسي، من خلال وضعنا لرؤية سياسية تشمل آلية عملنا داخل قبة البرلمان، ووضع رؤية كاملة لكيفية مشاركتنا في الانتخابات البرلمانية، والخطة التي ستُطرح على المواطن في الشارع.
وهذه المحاور الثلاثة يعمل فيها الحزب بناءً على دراسة موضوعية، وعلى مدار السنوات الماضية، وخلال فترة الانتخابات يتم فرز ما حُقّق في الثلاثة محاور، ونحاول أن نظهر للمواطن أفضل ما لدينا من كوادر يمكن ترشيحها كممثلة عن حزب مستقبل وطن.
وفي مستقبل وطن كان لدينا معايير ثابتة داخل الحزب حتى قبل التوافق مع باقي الأحزاب والقوى السياسية في القائمة الوطنية، على رأسها النزاهة والشفافية، وقدرة ممثل الحزب على التواصل مع المواطنين، وامتلاكه لثقل شعبي وجماهيري في الشارع، وامتلاك أدوات تمكّنه من ممارسة دوره داخل قبة البرلمان بما فيه من أدوات رقابية وتشريعية.
محمود المملوك: هل شعرت في لحظة ما أن هناك اختيارات جانبها الصواب.. أو لم تكن المعايير منطبقة عليها 100%؟
لا يوجد عمل بشري مرضٍ بنسبة 100%، كل ما نفعله في حزب مستقبل وطن أننا نجتهد، لا ندّعي المثالية ولسنا مثاليين، ولكن مجتهدون، نقدّم أفضل ما لدينا للشعب المصري داخل حزب مستقبل وطن، ونسعى لإرضاء المواطن مع تحقيق رؤية الحزب في دعم الدولة ومؤسسات الدولة المصرية.
تسألني: راضٍ بنسبة 100%؟ أعتقد أن لدينا كوادر سواء شعبية أو تنظيمية بالفعل تستحق ومؤهلة لخوض الانتخابات المقبلة، ولكن كما أقول: لا يوجد عمل بشري يصل إلى 100%، لا أعتقد ذلك.
محمود المملوك: لماذا لم يقرر الحزب خوض الانتخابات على جميع المقاعد في المحافظات.. خاصة أنكم لديكم تصريح بأن الحزب قادر على ذلك.. ولكن فضل المشاركة لا المغالبة.. وما هي فلسفة الحزب في ذلك؟
أرغب أيضًا في توضيح جزئية "المشاركة لا المغالبة" نحن في حزب مستقبل وطن قلنا إن لدينا رؤية واضحة وأيديولوجية ثابتة ونعلنها صراحة، وهي دعم الدولة المصرية ومؤسساتها، ودعم القيادة السياسية ولتنفيذ ذلك، أولى المعايير التي لا بد أن أتوافق عليها داخل الحزب هو تحقيق استقرار المشهد السياسي داخل الدولة المصرية، وهو ما يتطلب "المشاركة لا المغالبة".
الكوادر التنظيمية لا بد أن تدرك أنني، حتى لو أمتلك القدرة على خوض الانتخابات، لكني مصرّ على "المشاركة لا المغالبة"، مصرّ على توسيع مساحة التوافق بين القوى السياسية لتقديم نموذج مثل القائمة الوطنية يضم أحزابًا من مختلف التوجهات، في القائمة الوطنية هناك تعددية حزبية ومجتمعية.
محمود المملوك: كيف وصلت إلى توافق حول شكل القائمة الوطنية الحالي.. وكيف تعاملت مع هذا الأمر خاصة أنه في ذات الوقت لديك أيضًا رؤية تخص مستقبل وطن؟
بلا مزايدة أو مجاملة، هناك مشهد سياسي في الجمهورية الجديدة، ولا بد أن نستغله جميعًا قبل التحضير للقائمة الوطنية، مستقبل وطن كان لديه تجربة مماثلة من خلال دعوة جميع الأحزاب السياسية قبيل الانتخابات الرئاسية والتقينا معهم، واتفقنا على قواعد ومعايير من خلال نقاش هادئ ورصين، والجميع كان متوافقًا على تغليب المصلحة العامة.. وطبيعة المرحلة التي تمر بها الدولة المصرية تتطلب منا ذلك، أن نغلب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية.
وحدث توافق على معايير ثابتة لمرشحي القائمة سواء من مستقبل وطن أو باقي الأحزاب الأخرى، بالإضافة إلى أننا، في الاجتماع التحضيري الأول، اتفقنا أن تمثل الأحزاب في القائمة بقدر وزنها النسبي في الشارع، ومجهودها في العمل التنظيمي والسياسي والمجتمعي، والجميع أبدى توافقًا على هذه المعايير، وخرجت القائمة الوطنية بالشكل الحالي.
محمود المملوك: هذا بالنسبة للأحزاب.. وبالنسبة لمستقبل وطن ألم تكن هناك أصوات تطالب بالحصول على مقاعد أكثر؟
لا أريد أن أقول إننا مثاليون، فالكل لديه طموحه الشخصي ولكن في مختلف الاجتماعات كنت أقول: إن الطموح الشخصي موجود، ولا بد أن تتمسك به، ولكن لا يجب أن يتغلب على المصلحة العامة.
وفي العامين الأخيرين إجرينا جولات التقينا فيها أصغر قواعدنا التنظيمية في مختلف المحافظات، واستقبلنا قيادات المحافظات في مقر الأمانة المركزية، أكدنا ضرورة ألا يكون شغلنا الشاغل داخل مستقبل وطن هو تحقيق منصب برلماني أو حزبي.. لذلك، أنا في اجتماع القائمة الوطنية الأخير وجهت الشكر لكل أعضاء وقيادات مستقبل وطن على جهودهم المبذولة خلال الفترة الماضية.. أنا أعلم أن الحزب يمتلك كوادر قادرة على التمثيل البرلماني، ولكن تغليب المصلحة العامة يقودنا إلى تحقيق المشهد الحالي.. كل الشكر والتقدير لهم مرة أخرى.
محمود المملوك: إذًا نسب الأحزاب في القائمة الوطنية هي بنسب وجودها في الشارع.. هل نسبة المعارضة مناسبة؟ وخصوصا بعدما شاهدنا تصريحًا لرئيس حزب الوفد يتحدث فيه عن شعوره بالمرارة؟
حتى لا نظلم الأحزاب السياسية في مصر، هم يمتلكون كوادر فاعلة جدًا، الموالاة وأحزاب الموالاة لها دور مهم، والمعارضة الوطنية، وليس الهجوم.. والشعب المصري قادر على فرز الصالح المعارضة الوطنية لها دور مهم بالنسبة لتمثيل الأحزاب في القائمة وزنها في الشارع، نحن في عمل بشري لن يصل للمثالية، ولكن أن نقترب ونصل لمساحات توافق، هذا هو المطلوب.
النسبة التي حصلت عليها الأحزاب في القائمة الوطنية هي نسب تمّت بالتوافق مع كل ممثلي القوى السياسية والأحزاب وأعتقد أنها أقرب ما تكون للواقع الموجود داخل الساحة السياسية المصرية.
محمود المملوك: هل الحزب يتحمل الجانب الأكبر من الدعاية الانتخابية الخاصة بالقائمة الوطنية.. وهل فرضتم ضوابط على مرشحي الحزب تتعلق بالدعاية؟
لا يوجد ما يثير خلاف حول هذا الأمر.. الهيئة الوطنية للانتخابات وضعت ضوابط لهذا الأمر، وحاكمة لحجم الدعاية.. أنا ملتزم بها، وهذا ما أكدنا عليه لكل قواعدنا التنظيمية في المحافظات ومرشحي الحزب حتى قبل التوافق داخل القائمة الوطنية.
وكذلك في اجتماعات القائمة الوطنية كان من ضمن المخرجات "ميثاق شرف" بين الأحزاب السياسية للالتزام بجميع الضوابط التي حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات فيما يخص الدعاية.
أما نسبة مشاركتنا في حجم الإنفاق، فهي نسب متوافقة مع نسب تمثيل كل حزب داخل القائمة الوطنية.
محمود المملوك: مؤخرًا كان يتردّد أن الحزب يُغلّب كفّةَ رجال الأعمال في اختيار المرشحين على التكنوقراط والكفاءات المهنية.. كيف توضّح هذا الأمر؟
مستقبل وطن قدّم كوادر يخوض بها الانتخابات سواء في القائمة الوطنية أو المقاعد الفردية، بها تنوع.. لا تظلمني بجزئية رجال الأعمال.. قدّمنا تنوعًا مجتمعيًا في الفئات العمرية، قدّمنا شبابًا ونساء، فأنا لدي تنوع في المترشحين الذين قدمتهم لخوض انتخابات مجلس الشيوخ.
فيما يخص جزئية رجال الأعمال: رجل الأعمال، أليس لديه خلفية أخرى بخلاف كونه رجل أعمال؟ المحامي، الطبيب، المحاسب، الاقتصادي، من لا يعمل في القطاع التنفيذي للدولة أو الحكومي، وتم تأهيله من خلال تعليمه السابق وخبراته التي اكتسبها، هو رجل أعمال لدينا تكنوقراط في المترشحين لو هناك وقت لتفنيد المائة وأربعة مرشح عن حزب مستقبل وطن، هم متنوعون ما بين تكنوقراط وامرأة وشباب.. التنوع هذه المرة مختلف حتى عن أي مرة سابقة وهذا يأخذني لنقطة أخرى وهي التصريحات التي خرجت تتحدث عن تغيير 70%.. غير حقيقي.
هناك تغيير حدث.. وهناك كوادر اثبتت قدرتها على التواصل مع المواطنين هذه الكوادر نحن نحافظ عليها ومحتفظين بها في الانتخابات.. وهناك بعض الكوادر حدث إخفاق في تحقيق دورها دول تم استبدالها من داخل حزب مستقبل وطن.. لا يوجد براشوت.
محمود المملوك: هل قررت أن تخوض انتخابات مجلس النواب.. وهل نشاهد النائب أحمد عبد الجواد زعيمًا للأغلبية في مجلس النواب؟
حزب مستقبل وطن حزب مؤسسي يمتلك لوائح تنظم عمله ولدي رغبة وطموح.. طبعا أبقى سعيد جدا لو الحزب اختارني أن أمثله كمرشح داخل الانتخابات البرلمانية المقبلة في مجلس النواب ولكن هذا أمر يعود للمكتب السياسي للحزب وأعضاء وقيادات الأمانة المركزية وفي المجمل نحن نركز في انتخابات مجلس الشيوخ في الفترة الحاليات وما سيتم بعد مجلس الشيوخ له حديث آخر.
محمود المملوك: المشهد الانتخابي هذه المرة يجري بشكل هادئ.. هل ربما لأنكم في مستقبل وطن لم تمنحوا وعودًا لأحد؟
كنا نتحدث مع قواعدنا التنظيمية على محورين، أولُهما: هل أنت مؤمنٌ بفكر حزب مستقبل وطن وأيديولوجيته ورؤيته، وأن الحزب قناةٌ مشروعةٌ لخدمة توجهاتنا، والتي هي الدفاع عن مؤسسات الدولة المصرية، ومساندة القيادة السياسية في ظل التحديات التي تواجه الدولة المصرية.
المحور الثاني: أنه لا مكان داخل مستقبل وطن لمن يُغلّب طموحه الشخصي على المصلحة العامة، أو إذا كان يرغب من وجوده الحصول على منصبٍ برلماني أو حزبي.
هذه السياسة أنتجت ثمارها، وكلُّ كوادرِنا مؤمنةٌ برسالة الحزب، وإن كان هناك بعضُ المطالبِ المشروعة، ونحن وصلنا إلى مرحلةِ الهدوءِ النسبي داخل الحزب، بارتضاء الكوادرِ اختياراتِ الحزب.
محمود المملوك: ننتقل إلى مجلس النواب كيف يستعد الحزب لانتخابات المجلس؟
نتعامل بنفس سياسة انتخابات الشيوخ مع مجلس النواب عملنا غير مرتبط بفترة الانتخابات ولا بموسم الانتخابات “زي ما الناس بتقول المسمى ده في الشارع” نفس المحاور الثلاثة الخدمية والتنظيمية والسياسية ضمن خطة عمل موضوعه لحزب مستقبل وطن.. ما يشغلنا هو أنه على قدر قدراتنا وإمكانياتنا أن نقدم كوادر تصلح لتمثيل المواطن المصري داخل قبة البرلمان.
محمود المملوك: هل من الممكن أن نشهد انضمام أحزاب للقائمة الوطنية من أجل مصر في انتخابات مجلس النواب؟
ياريت.. نسعى لتوسيع دائرة التوافق ما بين جميع القوى والأحزاب السياسية وهذا الأمر عليه توافق من باقي الأحزاب من الموالاة والمعارضة.. وهناك توافق غير عادي على المبادئ الأساسية لدعم الدولة المصرية خاصة في المرحلة الراهنة وهل هذا الأمر طبيعي لأي حزب أن يسعى لتوافق؟.. لا ليس طبيعيا.. ولكن طبيعي للمرحلة الحالية في ظل التهديدات الإقليمية داخليا وخارجيا.
محمود المملوك: قانون الانتخابات البرلمانية كان هناك توافق بشأنه كيف تعامل مستقبل وطن مع الأمر خاصة أنه لم يقدم القانون بشكل منفرد؟
هذا حقيقي، حزب مستقبل وطن لم ينفرد في تقديم القانون الخاص بالانتخابات، ولكن كان بمشاركة جميعِ القوى والأحزاب السياسية، وشمله حوارٌ مجتمعي وآلياتُ حوارٍ داخل الحوار الوطني. وعندما تقدمنا بالمشروع، لم نكن بمفردنا، كان معنا حزبُ الشعب الجمهوري، وحماة وطن، وكيانُ تنسيقيةِ شباب الأحزاب والسياسيين، فقانونُ الانتخابات تم تقديمه بتوافقِ أغلبِ القوى والأحزاب السياسية.
محمود المملوك: كيف نجح مستقبل وطن في أن يستمر في صدارة المشهد السياسي 10 سنوات؟
10 سنوات هي مجهودُ قياداتٍ وكوادرِ حزب مستقبل وطن، ورؤيةٌ وعملٌ منظمٌ ومدروس، واستراتيجيةٌ موضوعة داخل مستقبل وطن.. الحزب يتحرك بآلياتٍ واضحة، سواء على هيكلٍ تنظيميٍّ كامل، أو على رؤيةٍ سياسيةٍ كاملة، أو على تأهيل الكوادر لخوض الانتخابات، وتأهيل كوادرَ قادرةٍ على تمثيل الشعب المصري. وهذا يعود إلى مشهدٍ سياسيٍّ ننعم به داخل الجمهورية الجديدة، وجهدٍ متواصلٍ من قيادات وكوادر حزب مستقبل وطن بين المواطنين في الشارع، ولتحقيق المصلحة العامة للدولة المصرية.
أعتقد أن حزب مستقبل وطن، لو نال الشهادة التي تتحدث عنها، فهذا نتاجُ الشعبية والجماهيرية لحزب مستقبل وطن وقياداته في الشارع المصري.. هناك مواطنون كثيرون جدًا مؤيدون لتوجهات حزب مستقبل وطن، وهذا ما يمنحه حجمَ الصدارة، وحجمَ الفعاليات الجماهيرية التي ينظمها الحزب.
ولكن أشعرُ بضيقٍ مع الأخذ في الاعتبار الاختلاف بين الهجوم والنقد، فهناك حالةُ هجومٍ بدون أساليب أو رؤية وبلا ضوابط موضوعية.. أما النقد فنرحب به في ظل هذا المشهد التوافقي.
محمود المملوك: على ذكر حجم الجماهيرية للحزب.. في 2025 إلى أي مدى وصل عدد أعضاء مستقبل وطن؟
نمتلك في القواعد التنظيمية 750 ألف قيادة تنظيمية داخل حزب مستقبل وطن، خلاف العضويات العادية.
محمود المملوك: هل هناك مراجعة مستمرة لأداء القيادات والكوادر في الحزب؟
بالطبع، ضمن الهيكل التنظيمي لحزب مستقبل وطن، وفي تشكيل الأمانات، توجد أمانةُ التدريب والتثقيف، وأمانةُ المتابعة، وأمانةُ التنظيم. وتتحمل هذه الأمانات الثلاث مسؤولية ما تحدّثتَ عنه، من تدريبٍ وتأهيلٍ وتثقيف، بالإضافة إلى تقييم الكوادر في مواقعهم التنظيمية.
هذا هو الواقع، ولدينا بالفعل قراراتٌ تؤكد ذلك.. وإذا راجعت قرارات الحزب، ستجد العديد من التعديلات، سواء من خلال تصعيدِ كوادرَ تنظيمية، أو نقلِ كوادرَ إلى مواقعَ أخرى تكون أكثر قدرة على تنفيذ المهام بطريقةٍ مختلفة. هناك أيضًا عددٌ كبيرٌ من القرارات التنظيمية التي يصدرها الحزب بشكلٍ مستمر.
محمود المملوك: كان هناك جدل خلال الفترة الأخيرة حول قانون الإيجار القديم.. الكثير من المواطنين كانوا يعوّلون على تدخل الحزب في هذا الملف.. ما توضيحك لذلك؟
قانون الإيجار القديم يحتاج لتوضيح القصة من بدايتها، حتى يفهم المواطن ما حدث.. في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمةُ الدستوريةُ العليا حكمًا بعدم دستورية بعض أحكام الإيجار الثابت المنصوص عليها في قانون الإيجار القديم، وأكدت المحكمة أن على المُشرِّع، أي مجلس النواب، أن يصدر قانونًا جديدًا يتضمن أحكامًا وضوابطَ تنظم العلاقة الإيجارية، بما في ذلك تحديدُ القيمة الإيجارية.
وبناءً على ذلك، قدّمت الحكومة نسخةً أولى من مشروع قانون الإيجار، وتم تنظيم حوارٍ مجتمعي داخل لجنة الإسكان في مجلس النواب، حرصنا خلاله على الاستماع إلى أكبر عددٍ ممكن من أطراف العلاقة الإيجارية، بما في ذلك ممثلون عن النقابات، وذلك حتى نعكس وجهات نظرٍ متعددة.. وقد أظهر الحوارُ المجتمعي أن هناك حالةً من عدم الرضا عن الصيغة التي وصلت بها النسخةُ الأولى من القانون إلى البرلمان.
النسخةُ الثانية التي قدّمتها الحكومة إلى المجلس تضمنت تعديلاتٍ مهمة، مثل مدّ فترة الإيجار من خمس إلى سبع سنوات، وتحديد شرائحٍ للقيمة الإيجارية. وأصررنا، خلال مناقشاتنا في مجلس النواب، وبمشاركة باقي الأحزاب والقوى السياسية، على ضرورة أن توفّر الحكومةُ بدائلَ مناسبةً للمستأجر قبل أن يُطلب منه إخلاء الوحدة المؤجرة.
كل ذلك جرى بالتوازي مع النقاشات داخل لجنة الإسكان، وهي اللجنةُ الفنيةُ المختصة، وخلال ثلاث جلسات عامة في البرلمان، تم الوصول إلى الصيغة النهائية للقانون، والتي حاولت تحقيق توازنٍ بين مصلحة الدولة من جهة، ومصلحة المواطن من جهة أخرى.
مثلُ هذه القوانين المعقدة التي تنظم علاقةً بين طرفين، من الصعب أن تحقق رضا الجميع، وهذا أمرٌ طبيعي.
لكن في النهاية، أعتقد أن حزب مستقبل وطن قد أدّى دوره كما يجب، وسعى جاهدًا للوصول إلى صيغةٍ ترضي الناس وتراعي الواقع، مع التأكيد على أهمية توضيح كل ما جرى، بعيدًا عن أي مزايدة.
محمود المملوك: كيف ترى الأجندة التشريعية خلال الفترة المقبلة.. وما أولويات حزب مستقبل وطن في هذا الإطار؟
بالطبع، هناك أولويةٌ ورؤيةٌ واضحةٌ لدى حزب مستقبل وطن، ونعمل من خلالها على إعداد برنامجٍ انتخابيٍّ متكامل، سواء للحزب ككل أو للمرشحين.. ولن نخوض الآن في جميع تفاصيل البرنامج لأنه يتضمن محاورَ متعددة، لكن يمكن الإشارة إلى أبرز هذه المحاور: المحورُ الاقتصادي، وهو في مقدمة أولوياتنا، ويعتمد على رؤيةٍ واضحة وآلياتٍ مدروسة تم إعدادها من قِبل متخصصين داخل الحزب. المحورُ الخدمي والمجتمعي نولي له أهميةً كبيرة، وملتزمون باستكمال ما بدأناه فيه، وتقديم خدماتٍ حقيقية تُلبّي احتياجاتِ المواطن المصري. المحورُ السياسي نمتلك فيه رؤيةً سياسية تهدف إلى تحقيق حالةٍ من التوافق والاستقرار خلال المرحلة المقبلة، بما يخدم الصالحَ العامَّ للدولة.. المحورُ التنظيمي، وهو خاصٌّ بالبنية الداخلية للحزب، ويستهدف تعزيزَ التواصل والتلاحم بين الحزب والمواطن في مختلف أنحاء الجمهورية.
محمود المملوك: ربما لدى البعض ملاحظاتٌ على أداء الحكومة.. وهذا أمرٌ ليس سرًا.. بل يحدث في كل دول العالم.. في النهاية الشارع دائمًا لديه طموحات.. بينما يرتبط الأداء بإمكانات الدولة ومواردها.. هل ترى أن الحكومة ربما أخفقت في بعض الملفات أو المعالجات؟
الوصولُ إلى حالة رضا كاملة عن الأداء الحكومي أمرٌ صعب، خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار حجمَ التحديات التي نواجهها.. نحن نتحدث عن دولةٍ تم استلامها في عام 2013 وهي في حالةٍ أقرب إلى شبه دولة، ومنذ ذلك الحين تم إطلاقُ مسيرةِ تنميةٍ غير مسبوقة في مختلف القطاعات.
صحيحٌ أن لهذه التنمية تبعاتٍ اقتصادية يشعر بها المواطن، ولا أحد ينكر ذلك، بل نحن جميعًا نشعر بها.. ولكن إذا وضعنا الأمور في نصابها الصحيح، وقارنّا بين حجم التحديات الداخلية والظروف الإقليمية والدولية من جهة، وبين حجم الموارد المتاحة وإعادة بناء دولةٍ لم تشهد تنميةً حقيقية لعقود من جهة أخرى، فسنجد أن ما تحقق حتى الآن يُعدُّ مرضيًا إلى حدٍّ كبير.
هذا لا يعني غيابَ الاختلاف أو النقد، وقد عبّرنا عن ذلك داخل البرلمان. حزبُ مستقبل وطن لم يتردد في إعلان موقفه، وعبّر بوضوح عن اختلافه مع الحكومة في بعض القضايا تحت قبة البرلمان.
محمود المملوك: بما أنك تحدّثت عن التحديات.. لا يمكن إغفال التحدي الإقليمي الأبرز حاليًا.. وهو ما يجري على حدودنا الشرقية في قطاع غزة.. كيف ترى الموقف؟
نحن في حزب مستقبل وطن نؤمن بشكلٍ كامل برؤية القيادة السياسية والدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، وقد عبّرنا عن هذا الموقف في أكثر من مناسبة.. الرئيس عبد الفتاح السيسي أكّد منذ البداية على رفض مصر القاطع لسياسة التهجير، وعلى تمسّك الدولة المصرية بثوابت القضية الفلسطينية، وعلى رأسها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض أي محاولاتٍ لتصفيتها.. الدولة المصرية اتبعت مساراتٍ واضحة وثابتة في التعامل مع هذا الملف، كان أبرزها التحركُ الدبلوماسي المكثف.. وكانت مصر وما زالت أكثر دولة قدّمت مساعداتٍ إنسانية حقيقية إلى الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه، حرصت على بناء موقفٍ دوليٍّ يرفض المساس بالقضية.
ونحن داخل حزب مستقبل وطن، نُعبّر عن دعمنا الكامل للقيادة السياسية، ونؤمن إيمانًا راسخًا برؤية الدولة المصرية، وقد أعلَنّا تفويضَنا الكامل لما تراه القيادة مناسبًا.
والقضيةُ الفلسطينية بالنسبة لنا ليست مجرد ملفٍّ سياسي، بل قضيةٌ لها أبعادٌ وطنية ودينية وقومية وعربية، وستظل دائمًا في قلب الأولويات.
محمود المملوك: في ظل مختلف التحديات المحيطة بمصر.. ما هي رؤية الحزب لزيادة تماسك الجبهة الداخلية؟
الركيزةُ الأساسية لاستمرار الأمن والاستقرار الذي ننعم به داخل الدولة المصرية هي وعيُ المواطن.. فحالة الوعي المجتمعي أصبحت علامةً فارقةً في مواجهة التحديات.. ونحن نؤمن بأن للأحزاب السياسية دورًا كبيرًا في تعزيز هذا الوعي وتغذيته بالمعلومات والرؤى السليمة.. والمواطن المصري يتمتع بقدرٍ عالٍ من الإدراك والانتماء.. قد نختلف في بعض التفاصيل أو نواجه ضغوطًا اقتصادية، لكن عندما تتعرض الدولة لأي تهديد، نجد الشعب المصري يُقدّم أروعَ صورِ الاصطفاف الوطني في مشهدٍ يُبهر العالم.
محمود المملوك: ما هي رسالتك للمواطن المصري قبيل الانتخابات البرلمانية؟
الرسالةُ التي أحرص دائمًا على توجيهها في المؤتمر الأخير: انزل وشارك، وأدلِ بصوتك، ومارِس حقك الدستوري حتى لا تسأل لماذا جاء هذا؟.. أمامك قائمةٌ وطنية تُعبّر عن مختلف التوجهات السياسية والمجتمعية في مصر، قائمةٌ تُمثّل التعددية الحقيقية داخل المجتمع المصري، من قوى موالاة ومعارضة.
لدينا أيضًا 100 مقعد فردي يُنافس عليها 424 مرشحًا، من بينهم ممثلون عن مختلف الأحزاب السياسية، إلى جانب 183 مرشحًا مستقلًا.
إذا رأيت أن مرشحي حزب مستقبل وطن يستحقون تمثيلك، فنحن نرحب بذلك وندعمه بكل فخر.. ولكن، من مبدأ تغليب المصلحة العامة، إذا قررتَ اختيار أحدٍ من خارج حزب مستقبل وطن، وترى أنه قادرٌ على تمثيلك أفضل من الكوادر التي يطرحها الحزب، فذلك شيء يسعدنا.
محمود المملوك: ما هي رسالتك في ختام الحوار؟
أدعو أن تظلَّ مصر دائمًا محفوظة، وهي بالفعل محفوظةٌ بإذن الله، بفضل ما تملكه من مؤسساتٍ وطنيةٍ قوية، على رأسها القوات المسلحة والشرطة، وبفضل قيادةٍ سياسيةٍ واعية يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي.. بذلنا في حزب مستقبل وطن، خلال السنوات الماضية، كلَّ ما نستطيع من جهدٍ على المستويات الخدمية والمجتمعية والسياسية والتنظيمية.. ندرك أننا ربما لم نصل إلى رضا الجميع، وربما أخفقنا في بعض الجوانب.. لكننا اجتهدنا بصدق، وسنجتهد أكثر خلال المرحلة المقبلة لإرضاء المواطن المصري، وخدمة الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية.