وداعًا سامح عبدالعزيز.. مخرج الواقع الشعبي في السينما المصرية

ودع الوسط الفني المصري والعربي صباح اليوم "الخميس" المخرج السينمائي والتلفزيوني سامح عبدالعزيز، بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة دخل على إثرها المستشفى منذ أيام قليلة ، ليرحل عن عمر ناهز 49 عاما، مخلفا وراءه رصيدا من الأعمال المؤثرة التي وثقت تحولات المجتمع المصري بعين سينمائية صادقة.
ولد سامح عبدالعزيز في 18 سبتمبر 1976 بالقاهرة ، وتخرج في المعهد العالي للسينما -قسم مونتاج - عام 1996 ، بدأ مسيرته المهنية في اخراج البرامج على شاشة التليفزيون المصري، ومنها انطلق إلى قناة دريم مع الاعلامية هالة سرحان ، حيث أخرج برامج شهيرة مثل (جانا الهوا) ، و(الهوا هوانا) ،ثم انتقل لاحقا إلى اخراج الفيديو كليب وهو ما شكل بوابة عابره إلى عالم السينما .
وفي عام 2005، أخرج أول أفلامه ( درس خصوصي) ، لتتوالى بعدها أعماله التي رسخت اسمه كمخرج صاحب رؤية مختلفة، تمزج بين الواقعية والكوميديا، حيث يعد من القلائل الذين قدموا السينما الشعبية بلغة سينمائية واعية، دون السقوط في التكرار أو التسطيح ، كان مخرجا يقرأ الشارع المصري بعين المبدع، ويعيد تقديمه بلغة سينمائية مبسطة تصل للجمهور بوضوح وصدق، مما جعله قريبا منهم ملامسا لحياتهم اليومية.
أخرج عبدالعزيز عددا من أبرز أفلام السينما المصرية الحديثة، منها أسد واربع قطط عام (2007)، حسن طيارة ( 2008 ) ، الفرح ( 2009 ) ، تيته رهيبه ( 2012 )، الليلة الكبيرة (2015 ) ، سوق الجمعه ( 2018 )، تماسيح الليل ( 2022 ) ، وأخر أعماله قبل رحيله الدشاش عام (2024 ).
لم يقتصر تأثير سامح عبدالعزيز على السينما فقط ، بل ترك بصمته كذلك في عدد من المسلسلات الناجحة، منها : الحارة عام ( 2010 )، رمضان أبو العلمين ( 2011 )، بين السرايات ( 2015 )، أرض النفاق ( 2018 ) ، حرب أهلية (2021 ) ، رمضان كريم (جزءان) و شهادة معاملة أطفال (2025) والذي عرض في موسم رمضان الأخير .
في مجال البرامج ، أخرج " دربكة" عام 1998 ، و "وش السعد " عام 2016 ، حيث كان يعرف بمرونته في التنقل بين أنماط فنية متنوعة.
نال عبدالعزيز عدة تكريمات ، أبرزها جائزة أفضل مخرج دراما عن مسلسل "خيانة عهد" من مهرجان همسة للأدب والفنون 2020 ، وتكريم من المجلس القومي للمرأة عن مسلسل "جميلة"في يونيو 2023 ، كما اختاره الناقد الفني محمود قاسم كأفضل مخرج لعام 2017، لما حققه مسلسل "رمضان كريم " من نجاح فني وتقني .
نعى عدد كبير من الفنانين المخرج الراحل سامح عبدالعزيز، وفي مقدمتهم نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، الذي وصفه بـ"الخسارة الكبيرة لصناعة الفن المصري".
كما نشر الفنان عصام السقا نعيًا مؤثرًا عبّر فيه عمّا كان يمثله عبدالعزيز كزميل وإنسان، قبل أن يكون مخرجًا مبدعًا، إلى جانب الفنان إيهاب فهمي، الذي كان من أوائل من أعلنوا نبأ الوفاة .
وشارك في نعيه عدد من الفنانين الذين تعاونوا معه خلال مسيرته، من بينهم يسرا، ومحمد سعد، وريهام عبدالغفور، وآيتن عامر، وغيرهم.
تُشيّع جنازة الراحل عصر اليوم من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، على أن يُوارى جثمانه الثرى في مدافن الأسرة بمحافظة السويس.
برحيله، يُغلق سامح عبدالعزيز فصلًا مضيئًا في مسيرة الإخراج المصري؛ فقد جسّد من خلال عدسته حكايات الناس بهمومهم وأفراحهم، ورحل وهو في قمة عطائه الفني.
لكن إرثه سيبقى حيًا، يحمل توقيع مبدع أحب السينما بصدق، وعاشها كحياة لا كمهنة.