«جولدمان ساكس» يتوقع أن يخفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال 2025

توقع بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجاري، مستنداً في تحليله إلى تأثيرات محدودة للرسوم الجمركية وضعف متزايد في سوق العمل.
ووفقً مذكرة بحثية لبنك الاستثمار العالمي، فإن هذا التغيير في التوقعات يأتي بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى بدء دورة التيسير النقدي في ديسمبر فقط، ما يعكس تغييرًا في رؤية البنك لمسار السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
وترتبط هذه التوقعات بسياق اقتصادي يشهد حالة من عدم اليقين بسبب السياسات التجارية الأمريكية، خاصة فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من دول رئيسية مثل الصين.
وقد أثارت هذه الرسوم مخاوف من ارتفاع التضخم، إلا أن بيانات حديثة أظهرت أن التأثير التضخمي للرسوم كان أقل من المتوقع، حيث اعتبره محللو جولدمان ساكس تأثيرًا لمرة واحدة على مستوى الأسعار وليس ضغطًًا تضخميًا مستمرًا.
وأشار البنك في المذكرة إلى أن عدة عوامل دفعتهم لتقديم موعد تخفيض الفائدة، من أبرزها أن تأثير الرسوم الجمركية جاء أقل من التوقعات، ما قلل من الضغوط التضخمية على الاقتصاد الأمريكي، غلى جانب استمرار الاتجاهات الانكماشية مثل تباطؤ نمو الأجور وتراجع التضخم في إيجارات المنازل وضعف الطلي على السفر، وهو ما يعزز مناخ التباطؤ التضخمي في الولايات المتحدة.
كما أشار البنك إلى بوادر ضعف في سوق العمل، سواء بسبب تراجع فعلي أو تقلبات كبيرة في بيانات التوظيف الشهرية، ما يشير إلى إمكانية حدوث تباطؤ اقتصادي أوسع.
وبناءً على هذه المعطيات، يرى جولدمان ساكس أن هناك عدة سيناريوهات قد تدفع الفيدرالي لبدء التخفيض في سبتمبر، منها استمرار ضعف تأثير الرسوم الجمركية على التضخم، وتسارع وتيرة الانخفاض في معدلات التضخم، وظهور ضعف حقيقي أو متوقع في سوق العمل الأمريكي.
ونتيجة لذلك، خفض البنك توقعاته لمعدل الفائدة النهائي إلى نطاق يتراوح بين 3% و3.25%، مقارنة بتوقعاته السابقة التي كانت بين 3.5% و3.75%، ما يعكس قناعة بأن السياسة النقدية قد لا تحتاج إلى التشديد كما كان متوقعًا سابقًا.
وفي ظل هذه التغيرات، رفع جولدمان ساكس تقديراته لاحتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود خلال 2025 إلى 45%، مقابل 35% في تقديراته السابقة، ويرجع ذلك إلى تصاعد المخاوف من تشديد الأوضاع المالية وتراجع الإنفاق الاستثماري بسبب حالة عدم اليقين السياسي والتجاري، إضافة إلى مخاطر مقاطعة المستهلكين الأجانب للسلع الأمريكية.
ويرى البنك أن الفيدرالي قد يفضل اتخاذ سلسلة من التخفيضات المتتالية إذا ظهرت مؤشرات واضحة على ضعف سوق العمل أو استمرار تراجع التضخم، على غرار ما حدث في 2019، إلا أنه لا يتوقع تخفيضًا في يوليو المقبل إلا إذا صدرت بيانات توظيف ضعيفة بشكل استثنائي.
من ناحية أخرى، هناك مخاوف من أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية قد يدفع الشركات إلى تقليص استثماراتها أو تأجيل خطط التوسع، وهو ما قد ينعكس سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية أدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض للأسر والشركات، ما ساهم في تباطؤ سوق العقارات وتراجع مبيعات السيارات وغيرها من القطاعات الحساسة للفائدة.
وفي اجتماعه الأخير تثبت الفيدرالي الأمريكي، أسعار الفائدة من دون تغيير موافقا توقعات الأسواق.. وأبقت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المُحددة لأسعار الفائدة، سعر الفائدة الرئيسي المُستهدف في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%، وهو المستوى المُستقر عليه منذ ديسمبر الماضي.