رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الدولار يواصل تراجعه لأطول سلسلة خسائر شهرية منذ 5 أعوام

نشر
الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

لم تكن المكاسب المؤقتة التي حققها الدولار الأمريكي خلال بعض جلسات هذا الأسبوع كافية لتغيير اتجاهه النزولي العام، حيث تتزايد الضغوط على العملة الأمريكية بفعل عوامل سياسية واقتصادية متعددة، وعلى رأسها حالة عدم اليقين المحيطة بالسياسات التجارية، ومخاوف المستثمرين من التشريعات الأمريكية المرتقبة التي قد تعرقل تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.

خسائر متتالية للدولار ومؤشرات على تراجع الثقة

سجل مؤشر قوة الدولار تراجعًا بنحو 0.6% خلال شهر مايو، ليكون بذلك في أطول سلسلة خسائر شهرية له خلال خمس سنوات. ويتزايد تشاؤم المستثمرين تجاه العملة الأمريكية، لا سيما في ظل النقاشات الجارية حول مشروع قانون أمريكي يستهدف شركات تنتمي إلى دول توصف سياساتها الضريبية بأنها "تمييزية".

وفي مذكرة تحليلية، كتب إلياس حداد، الخبير الاستراتيجي لدى شركة "براون براذرز هاريمان آند كو"، أن تنفيذ هذا المشروع بصيغته الحالية قد يثني المستثمرين الأجانب عن ضخ رؤوس أموالهم في السوق الأمريكية، في وقت تتزايد فيه حاجة الولايات المتحدة للتمويل الخارجي بسبب ارتفاع مستويات الدين العام. وأضاف حداد: "من الواضح أن هذا لا يصب في مصلحة الدولار".

تصاعد الرهانات على هبوط الدولار

أشارت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) الصادرة يوم الجمعة، إلى أن صناديق التحوط ومديري الأصول وغيرهم من المتداولين المضاربين رفعوا رهاناتهم على تراجع الدولار الأمريكي إلى 13.3 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 27 مايو، مقارنة بـ12.4 مليار دولار في الأسبوع الذي سبقه.

ويُعزى هذا التراجع إلى استمرار القلق من تقلب السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي يخشى المستثمرون من أن تؤثر سلبًا على أداء الاقتصاد الأمريكي، وتُضعف الدولار كملاذ آمن تقليدي. وتدور حالياً معركة قضائية حول مدى قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضتها إدارة ترمب، رغم استمرارها في الدفاع عنها.

بيانات متباينة وتفاعل الأسواق

أنهى مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري تعاملات يوم الجمعة على ارتفاع طفيف بنسبة 0.1%، وذلك عقب صدور تقارير أظهرت تباطؤ إنفاق المستهلكين الأمريكيين خلال أبريل، وانخفاض واردات السلع إلى أدنى مستوياتها، في ظل مساعي الشركات للتكيف مع الرسوم الجمركية المرتفعة. في المقابل، أظهرت بيانات جامعة ميشيغان تحسنًا في ثقة المستهلكين بنهاية مايو.

وأوضح يوسوكي ميايري، استراتيجي العملات الأجنبية لدى "نومورا"، أن هذه البيانات لا تزال غير كافية لتحفيز مجلس الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة. وأشار إلى أن تقلبات الدولار ستظل قائمة مع ترقب الأسواق للتطورات المتعلقة بالسياسات الجمركية.

توتر العلاقات مع الصين يعمّق التحديات

في خضم هذه التوترات، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه الصين، متهمًا إياها بانتهاك اتفاق مبرم لتخفيف الرسوم الجمركية، مما زاد من حدة التوترات بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين، الأمر الذي انعكس سلبًا على ثقة الأسواق بالدولار.

ضغوط على عملات الأسواق الناشئة

من جهة أخرى، تتجه عملات الأسواق الناشئة لتسجيل أول خسارة أسبوعية منذ منتصف أبريل، مع تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين. وقد تراجع الراند الجنوب أفريقي بنسبة 1% أمام الدولار يوم الجمعة، رغم مكاسب سابقة تجاوزت 4% منذ إعلان واشنطن قائمة رسوم جمركية جديدة.

ويبدو أن المتداولين بدؤوا في جني الأرباح مع عودة التوترات التجارية للواجهة، ما أدى إلى تراجع عملات مثل الراند والبيزو المكسيكي بعد فترة من الانتعاش.

الأسواق تترقب.. والدولار في حالة ترقب

صرّح أليخاندرو كوادرادو، رئيس قسم استراتيجيات العملات الأجنبية في بنك "بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا"، أن المستثمرين بدأوا في العودة إلى الدولار الأمريكي مع اقتراب المواعيد النهائية الجديدة للرسوم الجمركية، مما قد يرفع مستويات التقلبات، خاصة في أسواق أمريكا اللاتينية.

من جانبه، أشار بول ماكيل، الرئيس العالمي لأبحاث العملات لدى "إتش إس بي سي"، إلى أن المسألة الحاسمة الآن هي ما إذا كان الدولار سيستعيد زخمه مجددًا، مضيفًا: "التحركات المستقبلية ستكون مرتبطة أساسًا بما يحدث داخل الاقتصاد الأمريكي".