إجراءات نقدية جديدة في تركيا.. المركزي يستهدف القروض الخارجية بالليرة

أعلن البنك المركزي التركي، في الساعات الأولى من صباح السبت، عن رفع نسب متطلبات الاحتياطي الإلزامي المفروضة على التزامات البنوك قصيرة الأجل في الخارج، في خطوة تهدف إلى الحد من توجه المصارف المحلية نحو الحصول على الليرة بأسعار منخفضة من الأسواق الخارجية. ووفق البيان الصادر، ارتفعت نسبة الاحتياطي الإلزامي إلى 18% على الالتزامات المقومة بالليرة والتي تصل آجالها إلى شهر واحد، وتشمل هذه الالتزامات كلاً من القروض الخارجية ومعاملات إعادة الشراء المعروفة بـ"الريبو". كما شمل القرار رفع النسبة إلى 14% للاستحقاقات التي تصل آجالها إلى ثلاثة أشهر، علمًا أن النسبة السابقة كانت 12% على الالتزامات التي تصل آجالها إلى عام كامل لنفس النوع من المعاملات.
البنوك تبحث عن تمويل أقل تكلفة
تسعى البنوك التركية إلى الاستفادة من القروض ومعاملات الريبو في الخارج للحصول على تمويل بالليرة بتكلفة أقل مقارنة بالأسواق المحلية، وهو ما يشكل تحديًا للسياسة النقدية المتشددة التي يتبعها البنك المركزي في ظل معدلات فائدة مرتفعة محليًا. يأتي هذا التعديل الأخير كجزء من سياسة البنك الرامية إلى تضييق الخناق على القنوات غير التقليدية للحصول على السيولة الرخيصة.
ضغوط على سيولة الليرة في الأسواق الخارجية
أثار محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، موجة من الترقب في الأسواق، بعد أن تبنى نبرة متشددة خلال عرضه الفصلي بشأن التضخم يوم الخميس الماضي. وتسببت تصريحاته في تراجع حاد بالعائد الضمني لعقود الليرة التركية المستقبلية لليوم التالي، في إشارة واضحة إلى وجود وفرة في السيولة المقومة بالليرة خارج البلاد. يبلغ سعر الفائدة الأساسي الذي حدده البنك المركزي 46%، بينما استخدمت نافذة الإقراض لليلة واحدة بنسبة 49% بشكل متكرر خلال شهر مايو، ما يعكس استمرار تشديد السياسات النقدية.
وفي هذا السياق، علّق ألب سيربيتلي، عضو مجلس الإدارة في شركة "آي سي بي سي تركيا ياتريم" (ICBC Turkey Yatirim)، بأن البنك المركزي لا يرغب في أن تنخفض أسعار الفائدة من خلال آليات بديلة، مثل لجوء البنوك إلى الاقتراض الرخيص من الخارج، مشيرًا إلى أن البنك مستمر في اتخاذ خطوات تؤكد موقفه الحازم في كل فرصة تسنح له.
مناورات نقدية لإعادة ضبط السيولة
من المألوف أن تلجأ السلطات النقدية إلى تعديل مستوى السيولة لضمان تطبيق أسعار الفائدة المحددة بسلاسة في كافة أنحاء النظام المصرفي. وفي هذا الإطار، قام البنك المركزي التركي، يوم الجمعة، بتنظيم مزاد على الودائع بالليرة بقيمة 50 مليار ليرة (ما يعادل نحو 1.28 مليار دولار)، وذلك في مسعى لإعادة توازن السيولة داخل الأسواق المحلية وتقييد مصادر التمويل الرخيصة من الخارج.
توقعات التضخم والمخاوف المستقبلية
ثبت البنك المركزي التركي، يوم الخميس، توقعاته لمعدل التضخم عند 24% مع نهاية العام الجاري، إلا أن المحافظ كاراهان شدد على أن البنك مستعد لـ"فعل كل ما يلزم" لكبح جماح الأسعار. وأضاف: "مخاطر التضخم لا تزال تميل إلى الاتجاه الصعودي"، ما يعكس تمسك المؤسسة النقدية بنهج التشديد المالي.
وقد توقّف التباطؤ النسبي في التضخم الذي شهدته البلاد خلال العام الماضي، حيث أظهرت البيانات الأخيرة لشهر أبريل ارتفاعًا سنويًا في الأسعار بنسبة 37.9%، مما يعزز منطق استمرار التشدد النقدي من قبل البنك المركزي في الأشهر المقبلة.