ترامب يخطف الأضواء من إنفيديا في معرض «كمبيوتكس» 2025

يتصدر جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا"، فعاليات مؤتمر "كمبيوتكس" لعام 2025، وهو أكبر حدث تقني في آسيا، لطالما كان منصة مهيبة لعرض أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي التي تطورها شركته، والتي تتهافت عليها الشركات العالمية. لكن هذا العام، قد يتغير المشهد؛ إذ تُسلّط الأضواء على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تثير سياساته التجارية اهتماماً واسعاً في أوساط الصناعة.
يُقام المعرض يوم الإثنين في العاصمة التايوانية تايبيه، ويجمع نخبة من قادة التكنولوجيا حول العالم، من ضمنهم هوانغ، وكريستيانو آمون، رئيس شركة "كوالكوم"، ويونغ ليو، رئيس شركة "فوكسكون"، التي تُعد المُجمّع الأكبر لهواتف آيفون وخوادم "إنفيديا". بينما كان معرض العام الماضي احتفالاً بطفرة الذكاء الاصطناعي بعد إطلاق "تشات جي بي تي"، يتعين هذا العام على القادة مواجهة حالة من الغموض والتخوف بشأن إعادة ترامب رسم خريطة التجارة العالمية، مما قد يهدد نماذج التصنيع التي ترسخت على مدار عقود.
منتجات الذكاء الاصطناعي في الواجهة... وسط تحديات جمركية
يقدم معرض "كمبيوتكس" هذا العام باقة متكاملة من الأجهزة المتقدمة اللازمة لثورة الذكاء الاصطناعي، تشمل شرائح "إنفيديا"، ورفوف الخوادم التي تجمعها "فوكسكون"، ومكونات الطاقة من شركة "دلتا إلكترونيكس"، وأنظمة التبريد من شركة "آسيا فايتال كومبوننتس". وبينما تتباهى الشركات بابتكاراتها على المسرح، تبرز تساؤلات حادة حول مستقبل الضرائب الجمركية الأمريكية الجديدة وتأثيرها على سلسلة الإمداد العالمية.
التحولات الجغرافية في تصنيع الرقائق
إحدى القضايا المحورية هذا العام هي سعي ترامب لإعادة تصنيع الرقائق إلى الولايات المتحدة. وقد نجح البيت الأبيض في جذب استثمارات ضخمة، أبرزها من شركة "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" (TSMC)، التي ضخت 100 مليار دولار إضافية لتوسيع إنتاجها في ولاية أريزونا، مع انضمام عدد من شركات سلسلة التوريد الأميركية إلى هذا التوسع، مدفوعة بالرسوم الجمركية الجديدة.
في المقابل، بدأت شركات التكنولوجيا الآسيوية تتطلع إلى آفاق جديدة في الشرق الأوسط. فقبل أيام من انطلاق المعرض، زار وفد أميركي المملكة العربية السعودية بقيادة ترامب، وضم هوانغ، إيلون ماسك، وسام ألتمان. هذه الزيارة حملت وعوداً بتعزيز الشراكات وتخفيف قواعد تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، مما يُعزّز من مكانة الشرق الأوسط كمركز واعد في هذا المجال. ويرى المحلل دان نيستدت أن "التركيز الجديد على قواعد التصدير المتعلقة بالصين وهواوي يعني فرصاً جديدة لتايوان".
أين عوائد الذكاء الاصطناعي المنتظرة؟
رغم التوقعات العالية، فإن الزخم المحيط بالذكاء الاصطناعي التوليدي لم يتحول بعد إلى أرباح واضحة. ففي حين ارتفعت شحنات الهواتف الذكية بنسبة 2.4% فقط، زادت أجهزة الكمبيوتر بنسبة 1.8% خلال الربع الأخير من العام الماضي، حسب بيانات "آي دي سي". لم تفِ شركات مثل "سامسونغ" بوعودها بشأن التأثير العملي للذكاء الاصطناعي على حياة الناس، ولم تُطلق "أبل" بعد حزمة الذكاء الاصطناعي الكاملة لهواتفها، ما يُثير تساؤلات حول موعد تحقق هذه الفوائد الموعودة.
ترافق هذه الشكوك مخاوف من "فقاعة الذكاء الاصطناعي"، خاصة مع استمرار ضخ الاستثمارات الضخمة، وتراجع "مايكروسوفت" عن بعض خططها التوسعية، وتحذيرات الرئيس التنفيذي لـ"علي بابا"، جو تساي، من بناء مراكز بيانات بلا أهداف واضحة.
إنتل تتراجع... لكن رئيسها الجديد يتحرك
رغم غيابه الرسمي عن "كمبيوتكس"، سيحظى ليب بو تان، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة "إنتل"، بأكثر الاجتماعات تأثيراً في الكواليس. لا تُلقي "إنتل" خطاباً رئيسياً هذا العام، لكن تان يستثمر وقته في لقاءات مكثفة مع شركاء الصناعة. فبعد فترة من انخفاض الأسهم بسبب خطة إعادة هيكلة مكلفة أطلقها سلفه بات جيلسنغر، يسعى تان إلى إعادة ضبط استراتيجية الشركة، مع التركيز على التنفيذ العملي وتحسين الكفاءة.
تان، الذي تولى قيادة "كادنس ديزاين سيستمز" لعقود، يتمتع بخبرة استثمارية واسعة، ويسعى إلى إقناع عملاء "TSMC" بأن مصانع "إنتل" تمثل بديلاً موثوقاً. ويقول برايان ما، المحلل لدى "آي دي سي": "غياب إنتل ملحوظ، خصوصاً بعد ما كانت تتحدث بحماسة العام الماضي عن الكمبيوترات الذكية".
فوكسكون تبحث عن أدوار جديدة
لأول مرة، يعتلي رئيس مجلس إدارة "فوكسكون"، يونغ ليو، المسرح لإلقاء كلمة رئيسية في المعرض، في مؤشر على تصاعد دور الشركة في تجميع خوادم الذكاء الاصطناعي. وقد كانت الشركة تمثل في السابق عبر شركاتها التابعة فقط، مثل "إنغراسيس تكنولوجي".
تحاول "فوكسكون" تنويع مصادر دخلها بعيداً عن الأجهزة الاستهلاكية، مع التوسع في قطاع السيارات الكهربائية وتطوير الروبوتات. وقد حققت خطوة هامة هذا الشهر، بعد حصولها على طلبية من "ميتسوبيشي موتورز" لإنتاج سيارة كهربائية في تايوان موجهة لأسواق أستراليا ونيوزيلندا. ويقول ليو: "الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى الروبوتات هو تركيزنا الأساسي في المعرض".
إنفيديا... خطط توسع وشراكات جديدة
لا يزال جينسن هوانغ نجم الحشود في تايبيه، حيث يتابع المستثمرون تحركاته عن كثب. وقد أشار إلى استمرار الشركة في تحديث رقائقها سنوياً، بالإضافة إلى تركيزه على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الروبوتات. ومع انعقاد مؤتمر "مايكروسوفت بيلد" في نفس الأسبوع، تتكثف التوقعات حول تعاون محتمل بين "إنفيديا" و"كوالكوم" لتطوير رقائق تعتمد على تكنولوجيا "ARM" المخصصة لأجهزة الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
قال برايان ما من "آي دي سي": "أُبقي عينايّ وأذنايّ مفتوحتين لأي إعلان من إنفيديا وميديا تك عن الشراكة المنتظرة في مشروع ويندوز أون آرم، الذي قد يمثل تهديداً حقيقياً لهيمنة إنتل".
وفي ختام جولته، شارك هوانغ في زيارة شرق أوسطية ضمن وفد أميركي، مشيداً بانفتاح التجارة وتوجهات السعودية والإمارات لتوسيع قدراتهما في الذكاء الاصطناعي، مستفيدين من تخفيف القيود المفروضة على تصدير رقائق "إنفيديا".