رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

60 عاماً من الفن والإبداع.. الزعيم عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده الـ 85

نشر
مستقبل وطن نيوز

يحتفل الزعيم عادل إمام، اليوم السبت، بعيد ميلاده الـ 85 ومسيرة فنية تمتد لأكثر من 60 عامًا من الفن والإبداع، ومكانة لا ينافسه فيها أحد على الساحة العربية، استحق عنها بجدارة لقب "الزعيم".

فنان تجاوز حدود التمثيل، ليصبح ظاهرة ثقافية وإنسانية، وجزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية للعرب، في السينما والمسرح والتلفزيون.

ورغم الغياب عن الأضواء منذ سنوات، يظل عادل إمام حاضرًا في كل بيت، وعلى كل شاشة، وفي وجدان كل من عاش وتربّى على أعماله التي جمعت بين الفن والرسالة.

وُلد عادل إمام في 17 مايو عام 1940 في قرية شها بمحافظة الدقهلية، وانتقل في شبابه إلى حي السيدة زينب بالقاهرة، حيث بدأت تتشكّل ملامح شخصيته. التحق بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وهناك كانت نقطة التحول؛ إذ جذبته أضواء المسرح الجامعي، ليبدأ رحلة طويلة مع التمثيل، امتدت لعشرات السنين.

ظهر في البداية بأدوار ثانوية في المسرح والتلفزيون، لكنه سرعان ما فرض نفسه نجمًا صاعدًا بفضل موهبته الفريدة وذكائه الفني، إلى أن انفجر حضوره في السبعينيات والثمانينيات، عندما تصدر شباك التذاكر لسنوات متتالية، وظل كذلك حتى التسعينيات.

لكن الزعامة لم تأتِ من فراغ. فعادل إمام لم يكن مجرد نجم شباك، بل فنانًا ذا وعي عميق، اختار أدواره بعناية، وقدم عشرات الأعمال التي ناقشت القضايا السياسية والاجتماعية الشائكة، من خلال الكوميديا الراقية والدراما المؤثرة.

ومن الصعب حصر أعمال الزعيم، لكنها كلها كانت تعبيرًا عن قضايا عصره. ففي "الإرهاب والكباب"، قدّم صورة المواطن المقهور في مواجهة البيروقراطية. وفي "طيور الظلام"، ناقش بذكاء الصراع بين السلطة والتيارات الدينية. أما في "النوم في العسل"، فدخل عوالم مظلمة من الكبت والاغتراب، وفي "اللعب مع الكبار" و"المشبوه" و"الحريف"، مزج بين البطولة الشعبية والهمّ السياسي.

وعلى خشبة المسرح، ظل اسم عادل إمام مقرونًا بعروض شكلت وجدان أجيال، أبرزها "مدرسة المشاغبين"، و"الواد سيد الشغال"، و"شاهد ما شافش حاجة"، و"الزعيم"، حيث تجلّى حضوره وقدرته على قيادة الخشبة بإحساس ساخر وعميق في آن واحد.

وفي التليفزيون، عاد في العقدين الأخيرين بقوة عبر مسلسلات مثل "فرقة ناجي عطالله" و"العراف"، و"صاحب السعادة"، و"مأمون وشركاه"، ليؤكد أنه فنان قادر على التأقلم مع تغيرات الذوق العام، دون أن يفقد هويته أو هيبته الفنية.

وفي لفتة تقديرية، أعلنت "الشركة المتحدة" في مصر عن إنتاج فيلم وثائقي بعنوان "الزعيم.. رحلة عادل إمام"، يوثق أبرز محطات حياته ومسيرته الفنية، ويُعرض على قناة "الوثائقية" هذا الشهر، ضمن احتفالات عيد ميلاده.

الوثائقي يتضمن شهادات من كبار الفنانين والنقاد، ويُعدّ أول عمل توثيقي شامل عن حياته، كما يعد آخر ظهور لبشير الديك يتحدث فيه عن الزعيم.

ورغم ابتعاده عن التمثيل في السنوات الأخيرة، إلا أن جمهور عادل إمام لا يزال وفيًا له، ويتداولون يوميًا مشاهد من أفلامه ومسرحياته وجمله التي تحوّلت إلى تعبيرات دارجة في الشارع المصري والعربي.

نجح في تقديم الفن بوصفه جزءًا من الحياة، لا مجرد تسلية. رفع قضايا الحرية، والتطرف، والفساد، وطرح أسئلة المجتمع الحقيقية دون أن يتخلى عن خفة دمه أو صدقه في الأداء.

وما ميّز مسيرة عادل إمام أيضًا هو قدرته على التطور، والانفتاح على الأجيال الجديدة من الفنانين، دون أن يفقد هويته الخاصة أو يتنازل عن قيمه الفنية.

كانت الكاميرا تعشقه، وكان هو بدوره يفهم نبض الشارع، ويتكلم بلسانه، ويضحك كما يضحك، ويبكي كما يبكي.

فعادل إمام لم ينل لقب "الزعيم" من فراغ. بل صنعه بنفسه، بموهبته وموقفه، ووعيه بدور الفن في التغيير. هو ابن الشعب، وابن الطبقة الوسطى، وصوت البسطاء في زمن تعقدت فيه الأصوات.

عاجل