77 عامًا على النكبة.. الوجع مستمر والصمود الفلسطيني يتجدد

في مثل هذا اليوم من عام 1948، لم يكن الخامس عشر من مايو مجرد تاريخٍ عابر في الذاكرة الفلسطينية، بل لحظة مفصلية في مسار نكبة إنسانية لا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم، فقد اجتُثَّ مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم قسرًا، في واحدة من أكبر عمليات التهجير القسري في القرن العشرين، لتبدأ مأساة اللجوء التي لم تنتهِ فصولها بعد.
النكبة ليست حدثًا مضى، بل جرحًا مفتوحًا في ذاكرة شعب، ووصمة في جبين العدالة الدولية، لم تكن مجرد لحظة احتلال، بل خطة ممنهجة لمحو الهوية الفلسطينية واقتلاع الإنسان من جذوره، في ظل صمتٍ دولي وتواطؤ لا يقلان وطأة عن جرائم الاحتلال.
ومنذ ذلك الحين، تتوارث الأجيال الفلسطينية مفاتيح البيوت وذكريات القرى والمدن المهجّرة، كوصايا حيّة تؤكد أن النسيان مستحيل، فإن التهجير الذي جرى عام 1948 كان مدفوعًا بهجمات من عصابات صهيونية استهدفت قرى وبلدات فلسطينية بالكامل، في محاولة لإبادة السكان أو دفعهم إلى الهروب، وهو ما وضع الأساس لنكبةٍ أصبحت عنوانًا للظلم والاقتلاع والشتات.
ورغم مرور 77 عامًا، لا يزال أكثر من 5 ملايين فلسطيني يعيشون في المنافي ومخيمات اللجوء، يحملون في قلوبهم حلم العودة، ويواجهون واقعًا يزداد قسوة بفعل سياسات الاحتلال المستمرة، من تهويد القدس، إلى خنق غزة، وتصعيد الاستيطان في الضفة الغربية.
لكن، ورغم كل هذا، لم ينكسر الشعب الفلسطيني، بل ظل صامدًا، يورّث نضاله من جيل إلى جيل، رافعًا شعار "لن نرحل"، مؤكدًا أن فلسطين ليست ذكرى، بل قضية حية، وحق العودة ليس أمنية بل التزام لا يسقط بالتقادم.
ويُذكر أن الرئيس الراحل ياسر عرفات قد أعلن رسميًا في عام 1998 عن إحياء ذكرى النكبة يوم 15 مايو، لتصبح ذكرى سنوية رسمية، بعدما كانت تُحيى شعبيًا منذ عام 1949.
وفي هذا العام، تحل الذكرى الـ77 في توقيت استثنائي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 580 يومًا، وسط مشاهد دموية ومآسٍ إنسانية تعيد إلى الأذهان صور المجازر التي ارتُكبت في القرى الفلسطينية عام 1948، في تأكيد مؤلم على أن النكبة لم تنتهِ، وأنها ما زالت تتجدد كل يوم.