رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

من «الملكية» إلى «الجمهورية».. قصة اليمين الدستورية للرؤساء في تاريخ مصر

نشر
مستقبل وطن نيوز

يؤدي الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثالثة، صباح غدا الثلاثاء، أمام مجلس النواب، حيث تعد هذه المرة الثانية منذ عام 2011، بحلف رئيس الجمهورية اليمين أمام مجلس النواب الاولي كان في 2018 والثانية غدا.

وتشترط المادة 144 من دستور 2014 "أن يؤدى رئيس الجمهورية، قبل أن يتولى مهام منصبه، أمام مجلس النواب اليمين الآتية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه".

اليمين الدستورية في التاريخ المصري المعاصر

وفي التاريخ المعاصر عرفت مصر أداء الحاكم اليمين الدستورية، سواء كان ملكا أو رئيسا. وتباين أداء هذا القسم وما صاحبه من مظاهر احتفالية، بحسب الظروف السياسية في البلاد.

الملك فؤاد
ولم يؤد الملك فؤاد الذى يعد أول ملك للبلاد والذى خلف والده السلطان حسين كامل، اليمين الدستورية أمام الجمعية التشريعية التى كانت تمثل البرلمان آنذاك، لأنها كانت معطلة منذ قيام الحرب العالمية الأولى فى عام 1914، و لكن تم الاحتفال بتنصيبه يوم 11 أكتوبر سنة 1917، حيث انتقل موكبه من قصر البستان بوسط القاهرة إلى سراى عابدين لاستقبال المهنئين.

خلف الملك فؤاد الذي توفي فى 28 أبريل 1936، ابنه الملك فاروق، وكان الملك فؤاد ينادى باسم سيد النوبة وكردفان ودارفور، وفى عهده اندلعت ثورة ١٩١٩ ورفعت بريطانيا الحماية عن مصر واعترفت بها مملكة مستقلة ذات سيادة، فأعلن فؤاد الاستقلال فى ١٢ مارس ١٩٢٢، وفى عهده صدر دستور سنة ١٩٢٣.

فاروق ملكا

وفي 29 يوليو 1937 جرى تنصيب الملك فاروق، وانطلقت احتفالات بتوليه المنصب قبل وصوله إلى مصر عائدا من الدراسة بالخارج.

وقف الملك فاروق وأقسم اليمين الدستورية، وكان نصها: «أحلف بالله العظيم أنى أحترم الدستور وقوانين الأمة المصرية، وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه»وانتهت الجلسة، وعاد الملك إلى قصر عابدين.

وتولى رئيس مجلس الشيوخ رئاسة الاجتماع.

أول رئيس

عقب قيام ثورة يوليو 1952، وإعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953 وإلغاء الملكية، اختار الضباط الأحرار محمد نجيب رئيسا للجمهورية، وقام نجيب بالقسم على الولاء للجمهورية في الفناء الداخلي للقصر الجمهوري بعابدين فى 23 يونيو 1953. وكان ذلك أمام الوزراء ومجلس قيادة الثورة، وخرج نجيب إلى شرفة قصر عابدين، ليشهد الاحتفال الذى أقيم بهذه المناسبة.

وفى هذا الاحتفال أمسك عبد الناصر بالميكروفون، وطلب من الجماهير التى احتشدت أمام القصر أن تردد وراءه يمين الولاء والمبايعة لنجيب، ثم ردد القسم والجماهير تردد وراءه: «اللهم إنا نشهدك وأنت السميع العليم أننا قد بايعنا اللواء أركان حرب محمد نجيب قائدا للثورة، ورئيسا لجمهورية مصر، كما أننا نقسم أن نحمى الجمهورية، بكل ما نملك من قوة وعزم، وأن نحرر الوطن بأرواحنا وأموالنا، وأن يكون شعارنا دائما، الاتحاد والنظام والعمل والله على ما نقول شهيد والله أكبر وتحيا الجمهورية والله أكبر والعزة لمصر". ثم توجه الرئيس نجيب بعد ذلك إلى الإذاعة و ألقى خطابا على الشعب.
عبد الناصر يحلف لمصر 

وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية، وقرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً، وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر. 

وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية. عبر استفتاء شعبي وفقاً لدستور 1956. وحصل عبد الناصر على 99.784% من أصوات المشاركين فى الاستفتاء. 

وخطب عبدالناصر يوم 25 يونيو فى حفل تكريمه بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية بنادى الضباط، وقال: "فى هذا اليوم الذى أعلن فيه شعب مصر للعالمين أنه قد آلى على نفسه أن يسير قدما فى زحفه المقدس فى سبيل حريته وفى سبيل حياته.. فى هذا اليوم الذى تقابله مصر لأول مرة فى تاريخها، فلأول مرة يجرى الاستفتاء على الدستور فى مصر، ولأول مرة يجرى الاستفتاء فى مصر على الرئاسة لأحد أبناء مصر".

وبعد انعقاد أول مجلس نيابي بعد ثورة يوليو، فى سنة 1957، وهو مجلس الأمة برئاسة الرئيس السادات،  حلف عبد الناصر اليمين الدستورية أمام هذا المجلس يوم 23 يوليو فى الذكرى الخامسة للثورة، ثم ألقى بيانا قال فيه إنه كان يتطلع لأن يلتقى بنواب الشعب مع قيام الثورة، وأضاف أن التجربة أثبتت أن الأمر لم يكن بسيطا، وأن الطريق كان مليئا بالصعاب.

وأعيد اختيار عبد الناصر رئيسا، ولكن هذه المرة كرئيس للجمهورية العربية المتحدة بعد وحدة مصر وسوريا ، وذلك عبر استفتاء شعبى بمصر وسوريا، فى فبراير 1958. وبلغت نسبة الموافقين على رئاسة عبد الناصر 99.994%، حيث لم يصوت ضده سوى 452 شخصًا.

وفى مارس 1965، اختير ناصر لمرة ثالثة كرئيس للجمهورية، فى استفتاء جديد صوت فيه بالموافقة 99.999% من المشاركين، ليحلف ناصر اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.

السادات

وبعد وفاة ناصر فى 28 سبتمبر عام 1970، عين أنور السادات، نائب الرئيس كرئيس مؤقت للبلاد، وفى 7 أكتوبر عام 1970 وافق مجلس الأمة على ترشيحه رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الراحل عبدالناصر، وأجرى استفتاء شعبى على ترشيح السادات يوم 15 أكتوبر من نفس العام، ووافق الشعب على انتخاب السادات لرئاسة الجمهورية بنسبة 90%.

وفى 17 أكتوبر أدى الرئيس أنور السادات أمام ممثلى الشعب فى مجلس الأمة فى تمام السادسة والنصف مساء اليمين الدستورية التى ينص عليها الدستور، و كان نصه: " أقسم بالله العظيم، أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه".

و فى أكتوبر 1976 تم اختيار السادات لرئاسة الجمهورية للمرة الثانية والأخيرة بعد حصوله على نسبة 99.9% و حلف اليمين أمام مجلس الشعب بعد أن تغير اسمه فى دستور 1971.

مبارك وحلف اليمين

لم يتولى السادات فترة رئاسية جديدة، بعد أن تم تعديل الدستور عام 1980 الذى أطلق مدد الرئاسة بعد أن كانت مقيدة بمدتين، وذلك بعد أن اغتالته يد الغدر فى 6 أكتوبر 1981 يوم ذكرى نصر أكتوبر المجيد، وتولى الدكتور صوفى أبوطالب، رئيس مجلس الشعب رئاسة الجمهورية لحين انتخاب الرئيس الجديد، كما ينص الدستور، ورشح مجلس الشعب نائب الرئيس محمد حسنى مبارك لرئاسة الجمهورية، وتم إجراء استفتاء شعبى على مبارك رئيسا للجمهورية يوم 13 أكتوبر 1981، وحصل فيه على 98.46%.

وفى يوم 14 أكتوبر، حلف مبارك اليمين الدستورية فى مجلس الشعب بحضور الرئيس السودانى الأسبق جعفر نميرى، وكانت البلاد فى هذه الفترة تعيش حالة من القلق والترقب بعد الرحيل المفاجئ والدرامى للرئيس أنور السادات.

توالت فترات مبارك التى وصلت إلى خمس فترات استمرت قرابة ثلاثين عاما، ليحلف اليمين أمام مجلس الشعب فى 5 أكتوبر 1987، ثم 12 أكتوبر 1993 و26 سبتمبر 1999، في أعقاب استفتاءات شعبية.

وكان آخر قسم دستوري أداه مبارك، فى 28 سبتمبر 2005 بعد أول انتخابات رئاسية تنافسية أجريت، إثر تعديل المادة 76 من الدستور.

محمد مرسى
قامت مظاهرات يناير 2011، و تمت الإطاحة بمبارك، و تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد فى 11 فبراير بعد 18 يوما من قيام الثورة، إلى أن جاءت الانتخابات الرئاسية لعام 2012، وفاز بها محمد مرسى رئيس حزب «الحرية و العدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان.

وأدى مرسي القسم ثلاث مرات، فقبل أن يقسم أمام المحكمة الدستورية العليا فى 30 يونيو 2012، أقسم أمام جماعته بميدان التحرير قبلها بيوم واحد، كما كرر القسم مرة ثالثة في جامعة القاهرة فى احتفالية تنصيبه بقاعة الاحتفالات الكبري بالجامعة.

الرئيس عدلي منصور

مر عام واحد من حكم مرسى، فثار الشعب عليه، ليتمسك بالسلطة كما جاء فى خطابه بميدان التحرير، إلى أن انحاز الجيش إلى ثورة 30 يونيو 2013، معلنا خريطة الطريق فى 3 يوليو، والتى عزلت مرسى عن رئاسة الجمهورية.

في 4 يوليو 2013، أدى الرئيس المؤقت المنتهية فترة ولايته المستشار عدلى منصور اليمين الدستورية أمام أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، وقام المستشار عدلى منصور بتلاوة القسم ثم ألقى كلمة أكد فيها أن الشعب هو مصدر السلطات، وأنه هو الذي كلفه برئاسة مصر في الفترة الانتقالية، لأنه مصدر السلطات. وكان قد أدى يمينا آخرى قبلها بدقائق لرئاسة المحكمة الدستورية العليا، حيث كان قد صدر له قرار برئاستها فى آخر أيام الرئيس المعزول.

الرئيس السيسى

وفي 2014 وصل الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى سدة الحكم، بنسبة فوز ساحقة في الانتخابات الرئاسية بلغت 96.9%، وأدى الرئيس السيسي وقتها اليمين الدستورية أمام الدستورية العليا نظرا لعدم وجود مجلس نواب حينها.

كما أدى الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان للفترة الرئاسية الثانية صباح يوم السبت 2 يونيو عام 2018.

ويؤدي الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة، أمام مجلس النواب في مقر المجلس بالعاصمة الإدارية، غدا الثلاثاء، وهي المرة الثانية التي يؤدي فيها الرئيس اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، والثالثة في تاريخ حكمه للبلاد، إذ أدي اليمين الأولي له أمام المحكمة الدستورية العليا، في العام 2014.