رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أسعار البطاريات تستأنف تراجعها بعد ارتفاع غير مسبوق

نشر
مستقبل وطن نيوز

تسعى صناعة السيارات جاهدة لصنع سيارات كهربائية ميسورة التكلفة. وقد تصبح المهمة أسهل من خلال مقياس رئيسي واحد، وهو البطاريات، إذ تستأنف الأسعار تراجعها طويل المدى، بعد ارتفاع غير مسبوق خلال العام الماضي.

يشير المسح السنوي الذي تجريه "بلومبرغ إن إي إف" لأسعار بطاريات "الليثيوم آيون" إلى انخفاض متوسط أسعار الحزمة إلى 139 دولاراً لكل كيلوواط في الساعة هذا العام، متراجعة بنسبة 14% عن 161 دولاراً لكل كيلوواط في الساعة خلال 2022.

هذا هو أكبر انخفاض يُلاحظ في الاستطلاع منذ 2018. مع ذلك، يعزي انخفاض الأسعار إلى أسباب مختلفة قليلاً عن الأعوام الماضية.

كان الابتكار التكنولوجي مساهماً رئيسياً في انخفاض أسعار البطاريات على مر التاريخ، لكن هذا لم يكن الحال في 2023، إذ يعود انخفاض هذا العام بشكل رئيسي إلى تراجع تكاليف المواد الخام.

انخفضت أسعار معادن البطاريات الرئيسية، خاصة الليثيوم، بشكل كبير منذ يناير، بسبب النمو الكبير في الطاقة الإنتاجية عبر جميع أجزاء سلسلة القيمة، بدءاً من المواد الخام والمكونات وحتى خلايا البطاريات وحزمها.

لعبت توقعات الطلب أيضاً دوراً في تراجع الأسعار. إذ واصل الطلب على البطاريات ارتفاعه على أساس سنوي، لكن النصف الثاني من العام شهد تباطؤاً في معدل النمو في بعض أسواق السيارات الكهربائية، نظراً لارتفاع تكاليف الاقتراض، وانعدام اليقين الاقتصادي.

تجاوز إنتاج البطاريات في الصين وحدها الطلب العالمي، وهو ما يشير إلى زيادة المعروض العالمي. وكانت مصانع خلايا البطاريات التابعة للشركات المصنعة الكبرى تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية أيضاً هذا العام مقارنة بما كانت عليه في 2022، وهو ما يتماشى مع اتجاه بعض شركات صناعة السيارات لتقليص أهداف الإنتاج.

يأتي متوسط سعر حزمة البطاريات نتيجة لأكثر من 300 نقطة بيانات استقصائية جمعتها "بلومبرغ إن إي إف" من مشترين وبائعين لبطاريات "ليثيوم آيون" المستخدمة في سيارات الركاب الكهربائية والمركبات التجارية والحافلات والدراجات النارية ثنائية وثلاثية العجلات وأنظمة التخزين الثابتة.

وتختلف الأسعار حسب القطاع، إذ تمتاز بطاريات الحافلات الكهربائية والمركبات التجارية في الصين بأقل الأسعار عند 100 دولار لكل كيلوواط في الساعة. كما بلغ متوسط أسعار حزم البطاريات لسيارات الركاب الكهربائية بالكامل 128 دولاراً للكيلوواط في الساعة.

تباين أسعار البطاريات
أصبحت أسعار البطاريات عبر القطاعات متقاربة خلال الأعوام الأخيرة، مما يشير إلى تشبع الصناعة ونموها.

يمكن أن تعزى اختلافات الأسعار عبر القطاعات إلى الاختلافات في التشبع وأحجام الطلب، فضلاً عن متطلبات تصميم الخلايا والحزم. وفي حين أن الأنظمة المختلفة ستواصل طلب مواصفات مختلفة، تتوقع "بلومبرج إن إي إف" أن تتبع اتجاهاً مماثلاً في المستقبل.

يبقى سؤال أساسي، كما هو الحال دائماً، وهو: ماذا يحدث بعد ذلك؟

يتوقع فريق تخزين الطاقة لدى "بلومبرج إن إي إف" أن تتبع الأسعار مسار أسعار المواد الخام بشكل كبير. ويتوقع تراجع تكاليف الحزم إلى 133 دولاراً للكيلوواط في الساعة العام المقبل، وفقاً للقيمة الحقيقية لعام 2023. واستناداً إلى نفس معدل التعلم للعام السابق، يُتوقع أن تنخفض أسعار حزم البطاريات، على المدى الطويل، إلى ما دون 100 دولار لكل كيلوواط في الساعة خلال 2027.

غالباً ما يتم الاستشهاد برقم 100 دولار للكيلوواط في ساعة كمعيار لتكافؤ الأسعار بين السيارات الكهربائية والسيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي. وبالرغم من أنه مرجع مفيد، إلا أن الواقع حول تكافؤ الأسعار أكثر تعقيداً، ومن الأفضل التفكير في نقاط تكافؤ السعر كنطاق يتغير حسب المنطقة وفئة السيارة.

يمكن القول إن بعض القطاعات قد وصلت بالفعل إلى مستوى تكافؤ الأسعار، فيما سيتطلب البعض الآخر أسعاراً أقل بكثير. فعلى سبيل المثال، تجاوزت سيارات المدينة في الصين هذا الحد بالفعل، بينما أثبتت شاحنات البيك أب في الولايات المتحدة، أن الوضع أكثر صعوبة نظراً لاعتمادها على البطاريات الكبيرة.

جدير بالذكر أيضاً أن 100 دولار لكل كيلوواط في الساعة هو رقم افتراضي استُخدم لأكثر من عقد. خلال تلك الفترة، ارتفعت تكلفة صُنع السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي بشكل كبير.

ومن المنتظر أن تلعب ديناميكيات أسعار البطاريات الإقليمية دوراً مهماً في الأعوام المقبلة، حيث تتطلع الدول إلى توطين سلسلة توريد البطاريات. تعد حزم البطاريات أرخص في الصين، إذ يبلغ سعرها 126 دولاراً للكيلوواط في الساعة، فيما تكلف 11% و20% أكثر في الولايات المتحدة وأوروبا، على التوالي.

ويعكس ارتفاع الأسعار التشبع النسبي لهذه الأسواق، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض أحجام الإنتاج، وتنوع التطبيقات وواردات البطاريات.

توطين الصناعة
قد يؤدي توطين تصنيع البطاريات في مناطق مثل الولايات المتحدة وأوروبا إلى رفع أسعار البطاريات المنتجة محلياً على المدى القريب. ولكن هذه التكاليف يمكن أن تنخفض في النهاية في ظل تشبع الصناعة.

وترتفع الأسعار بسبب تكاليف الطاقة والمعدات والأراضي والعمالة في هذه المناطق مقارنة بآسيا، حيث تُنتج معظم البطاريات حالياً. ويمكن للسياسات المحلية، مثل الإعفاءات الضريبية على إنتاج الخلايا، والحزم بقيمة 45 دولاراً لكل كيلووات في الساعة بموجب قانون الحد من التضخم الأميركي، أن تعوض جزءاً من التكلفة، لكن تأثير ذلك على التسعير ليس واضحاً بعد.

أظهرت الأعوام القليلة الماضية أن أسعار البطاريات لا تتبع دائماً مساراً هبوطياً بسيطاً. ربما تواجه الصناعة اضطرابات نتيجة تكاليف المدخلات أو ديناميكيات العرض والطلب. في النهاية، لا يزال هناك طريق طويل لقطعه في إطار جعل البطاريات والسيارات الكهربائية ميسورة التكلفة، وسيتطلب هذا الأمر استمرار الاستثمار، وتعزيز القدرات والبحوث والتطوير، وتحسين عمليات التصنيع.

عاجل