«مخارج مغلقة للألفاظ».. أول ديوان شعري للفنانة نسمة نور
ديوان جديد يرى النور في وقت لم نعد نراهن فيه كثيرا على الذاكرة الفنانة نسمة نور أدركت المعادلة فعزمت على ان تخلط الأسماء والأشياء وتعيد تركيب عالم وفق ما تراه هي.
فجاء "مخارج مغلقة للألفاظ" وهو الاسم الذي اختارته الفنانة الشاعرة عنوانا لديوانها الأول والذي صدر خلال الأيام القليلة الماضية، وهي اليوم تنادينا أن نعانق معها الحلم والالم والحب بعد أن تخطى عبء الحمل والمخاض وآلام الولادة.
وباعتباره الديوان الأول لها، وباعتباره ديوان لفنانة شابة حصدت جوائز فى التمثيل والتأليف فنحن أمام شعر مختلف، أول ديوان شعرى يصدر للفنانة نسمة نور ويحتوى على 25 قصيدة هذا الديوان يحمل مجموعة شعرية هي ثمرة جهد طويل وواسع في تنظيم وصقل الصور والمشاعر والأفكار.
وقد يلمس القارئ في قراءة هذا الديوان الكم الهائل والزاخر من الصور الشعرية الرائعة المشوبة بالإيحاءات الرومانسية تارة والرمزية السوريالية تارة أخرى مما يدل على مهارة شاعرتنا في القدرة على جمع شوارد الأفكار من خلال خيال واسع بأسلوب أدبي شفاف سلس وواضح يحمل في أعماقه اسمى المعاني، مليئًا بالتعبيرات المجازية الاستعارية.
مما يؤكد نضوج شعري ملفت حاملا في طياته رؤى بعيدة وتفكيرا عميقا يتناول هذا الديوان عدة مواضيع وتتماهى كثيرا شاعرتنا في معظم قصائدها مع روحها وسحرها وجمالها فتدهش القارئ بالصور الشعرية الجميلة بعبارات وتشبيهات معبرة تتسم بالصدق والشفافية المطلقة.
ويعتبر هذا النوع من الشعر شعرا حداثيا بعيدا عن المألوف لأن الشاعرة خرجت هنا في شعرها الى ما هو حديث وليس شعرا كلاسيكيا، فقصائدها تحمل الكثير من فلسفة الحب والحياة وتتسم بالرومانسية وبالعاطفية الإنسانية الرقراقة التي تنبض بالحياة وفيها تجديد للمضمون من جميع النواحي التي تساهم في بناء قصيدة متوازنة منضبطة في تركيبتها من حيث الفكر والجمال والعاطفة التي تخدم المعنى والمضمون.
مخارج مغلقة للألفاظ، ديوان شعر لنسمة نور الدين، يضم 25 قصيدة، تدور حول الحب والحزن والأمومة وما تستتبعه من مشاعر مضطربة وعقد ذنب، بالإضافة إلى الفقد والخيانة ورغبة الحبيب في الاستحواذ، ورغبة وشغف المرأة إلى الحرية، وخوفها الدائم من مشاعرها، ذلك الخوف الذي يسبق خوفها من الآخر، فقد تعودت على عدم الإفصاح عن مشاعرها مما أدى إلى أن صوتها لا يخرج بالألفاظ التي ترغبها لتصبح مخارج الفم مغلقة ولا يخرج لها أي صوت.
القصائد (لا أشبه أحدا - التحكم في الوقت - الضباع تنتظرني - الكلمات - رماد - منتصر - أفكار نهاية الخدمة - صفقة - رحيل - قلبي المفتوح - فيلم قصير - اللحظات الطويلة - نفاد - اليأس - مواجهة - بحر وبرتقال - بائعة الأحلام الورقية - حجر ورق مقص - انفصال - وصول - انعكاسات النوم - رجلان في الصورة - طيف - محطة النهاية - نسمة الشفاه التي لا تعرف المستحيل تعرفني، وتشبهني ولا أشبهها، لا أشبه أحدا، حتى تلك القابعة في المرآة، تحدق بغيظ حبيس مثلها.
حبيبة سابقة عشقها حبيب سابق، في كل مرة يبتسم داخل ثغرها يتذكرني، أرى صورتهما وأقول حقا كما هي تشبهني، ولا أشبهها، لا أشبه أحدا.
نوبات الصرع الداخلي، تعتصر الروح كغسالة أوشك عمرها الافتراضي على الرحيل، ملابس حزينة شديدة البياض تخرج من قلبها يؤلمها الفراق، ويؤلمني رغم التجاوز لأكتشف، أن التجاوز أكثر مرارة، وأن الخلل الذي أصابني تعجز الصيانة عن إصلاحه.
جسدك الجاثم فوقي يمنعني من التنفس، في آخر مرة لنا معا، تذكرت فرشاة الأسنان، ومهام البيت في اليوم التالي، وتذكرت الكلب الطيب الذي تابعني بعينه وأطمأن أني وصلت إلى مدخل البناية، بينما أنت لم تبعث لي برسالة منذ أيام، ولا تتذكرني ألا لابتلاع رمال خيباتك لتزداد ملوحتي أضعافًا.
لمبة الحمام الفلوروسنت ذات التسعة عشر وات تهتز محدثة زنة محببة داخل عقلي كذبابة احتضنت الأذن، أسألني كيف يبدو العالم بلا ضجيج، إنه أمر مزعج أن تعيش كهاتف نُزعت عنه حنجرته فاختنقت إشعاراته.
الحزن يعيش على حياتي كطفيلي، والحب لا يملك رصيدا في حسابي، والكراهية تنمو داخلك بمحبة، كغبار رضيع بذرته داخلي وحين وضعته ابتسر حلمي.
من يملك الحقيقة غيري؟! العملة التي أحفظها، الصورة على وجهيها لملكة مصرية قديمة من عصر الأسرة الرابعة، أكسب الرهانات دوما وأخسرك.
لا أشبه أحدا، حتى امرأة المرآة الساعية للخروج. تحفظني الحياة في ثلاجة فضية مكسورة الأرفف، تبدو الثمار طازجة، العفن متوغل كجذور أشجار في غابة استوائية.
الحياة لا تدفع للتسامح، والرقم واحد لا يعني بالضرورة أنك الأول، وحبات المطر المندفعة من السماء بقسوة منتقم في فيلم تجاري رخيص، لا تصل إلى الأرض.
أثب، أطراف الأصابع تتحدى جاذبية نيوتن لثوان، أتصالح مع التفاحة، يصيح الشبح: وجدتها، يشير إلى هناك فأجد ظلا يتأرج، مجرد ظل خائب، تائه، فقد شريكه عامدا، وعندما حانت ساعته علق مشنقته واستسلم.
من يدفع ثمن الحب؟ من يحتفل بالعيد؟ من ينتصر؟ من يمكنه الإمساك بضوء الشمس؟ أصرخ...
أدفع الجسد الجاثم فوقي، الوصول خدعة، والكلمات وهم لا يعني شيئا، فأنا بخير لا تعني أنني بخير، والأشياء على ما يرام لا تعني أن الأشياء على ما يرام.
الوباء جراد يجتاح العالم، والعالم لا يعني العالم، التشكك سمة الحب، والمحبة بلا دليل رغبة غير واضحة المعالم.
المعلوم أكثر قسوة، والآمال الكبيرة أهراما شُيدت على أنقاض العامة، أما المجهول فسفينة أثقبها بلا سبب واضح لك.
القطط كائني غير المفضل، والعيون الزجاجية اللامعة جن، والتهويمات طريق ممهد لأحلام يقظة الساعة السابعة التي أتناولها مع شاي الفانيليا.
الطائرة الورقية التي صنعها ابني الفائت، طارت مفردها واشتبكت بفرع شجرة خريفي، أما بكرة الخيط التي رتقت بها الخيبات فتركت المعركة وهربت معلنة الانسحاب.
تواجهني امرأة المرآة بأسلحة قديمة تناسب حدود معرفتها، وسحر أسود جارف منذ آلاف السنين، استعين بأنوبيس، اللون الأسود يسحق العالم.
قلبي المفتوح
أكد الجراح أن المشرط بكى حين احتضن جلدي
لم أستحق ذلك
التجربة
صوت قطع الجلد
المخدر الذي زاد عن الحد فاضطرب طبيب التخدير الاحتياطي ولعن حظه لأنه لم يغب كزميله الذي ذهب إلى السينما لمشاهدة باربي مع حبيبته المراهقة التي أصرت على التقاط صور تذكارية بزيها البينك
سألها بخبث عن لون سرها الصغير فارتفعت ضحكاتها عاليا لأنها تعرف جيدا عمي الألوان الذي لديه
أغلب الألوان في نظره سواء
الزهري، الأرجواني، الوردي
لم تتشبع عينه بالألوان
فطمته أمه على لون غامق أثر على رؤيته
زارني في الحلم
اعتذر عن المجئ إلى العملية
أكد حضور زميل كفء
يلعنه الآن ويلعن حظه العاثر الذي أوقعه في مريضة نحيلة تعاني من حساسية البنج والضعف والخيانات
لكنها رغم ذلك تملك قلبا يتسع للعالم
نسمة
ألا أستحق عنوانا؟!
أحاول التوازن
فتاة السيرك الجميلة التي اعتزلت
لم تتحول إلى سحابة أو غيمة أو قطرة مطر أو ضوء شمس أو حتى جناح طائر.
تسألني المدرسة عن الوظيفة التي أرغبها عندما أكبر
بلياتشو يُضحك الآخرين بالسخرية من أحزانه،
بهلوان، من الممكن أن أقبل بوظيفة مدربة
أسود أو حارسة بيت الثعابين.
تضحك المدرسة وتلقبني بفتاة السيرك
اسمي نسمة
سأسمي القصيدة باسمي حتى ولو كان الاسم
المناسب لها فتاة السيرك
أملك عنادا طفوليا ودراجة أقودها في
مشاويري الطويلة مصطحبة ابنتي المتذمرة أمامي.
لكل قصيدة لون واسم
اللون للقارئ والعنوان للشاعر
ألا تراني أستحق عنوانا؟
النفي يعني مسح العنوان،
فهل أمسحه وأضع مكانه نقاطا ليكتب كل قارئ ما يريد؟
قلم رصاص وممحاة
أكتب وأمسح حتى تهترئ الورقة والأفكار
لا قيمة للعناوين
الدليل داخل النص
القائد يسير
المعنى ملتبس
وعمود النور مظلم لتخفيف أحمال القلب
الرؤية مشوشة
وصديق الأمس
لم يصبح عدوا
ولم يصبح صديقا
القصيدة التي كتبتها
لم تكن سوى أنا
نسمة نور الدين شاعرة وممثلة وكاتبة سيناريو ومنتجة مصرية، مثلت فيلم "روح أليفة - 2020م".
كما شاركت في كتابته وإنتاجه وتمثيله، حصل الفيلم على أكثر من خمس عشرة جائزة في مهرجانات سينمائية دولية تدرس الآن بمركز الإبداع الفني تحت إشراف د. خالد جلال يعد "مخارج مغلقة للألفاظ" ديوانها الشعري الأول.