رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

إعادة فتح اقتصاد الصين تُربك حسابات الأسواق الناشئة

نشر
مستقبل وطن نيوز

أصبحت قصة إعادة الفتح السريع لاقتصاد الصين أهم موضوع متداول في الأسواق الناشئة، وبالتالي فإن معرفة تأثيرها المحتمل عبر فئات الأصول يعد مسألة حيوية بالنسبة للمستثمرين حول العالم.

على صعيد أسواق الأسهم، تُمثل عملية إعادة الفتح دفعة إيجابية، حيث تبشر بارتفاع طلب المستهلكين، وتعزيز التدفقات النقدية لدى الشركات، وتنعش أحجام التداول. ومع ذلك فإن الأمر بالنسبة لأسواق العملات قد يمثل عبئاً مع تراجع العوائد الحقيقية نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، والضغوط على ميزان على الحساب الجاري الصيني، وتأجيل عملية التحول في السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بينما يتباين التأثير في أسواق السندات.

حققت الأسهم الصينية المتداولة ببورصة هونج كونج أفضل بداية سنة منذ 2006 مع عملية تخفيف البلاد لسياسة صفر كوفيد والتحفيز المالي لإنعاش النمو الاقتصادي، والتي دفعت اليوان لأعلى مستوى خلال 6 شهور وصعدت بسنداتها للشهر الثالث، كما أسفرت عن تسجيل مكاسب في أنحاء الأسواق الناشئة، بداية من عملة البات التايلاندية وصولاً إلى عملة الراند الجنوب إفريقية وأسواق الأسهم بالبرازيل. وتُظهر تقديرات أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم ربما ينمو 4.8% خلال 2023، مقارنة مع 0.4% بالولايات المتحدة الأميركية و0.1% للاتحاد الأوروبي.

قال جالفين شيا، وهو محلل عملات بشركة "ناتويست ماركيتس" (NatWest Markets) بسنغافورة: "ستصبح قصة إعادة فتح الاقتصادي الصيني بمثابة الدافع الأساسي لثقة الأسواق الناشئة، حيث ينجم عنها تداعيات إيجابية غير مباشرة، خاصة لدى الاقتصادات الإقليمية وموردي السلع الأساسية حول العالم، وتتحرك الصين على مسارها الصعودي في حين تتجه الولايات المتحدة ومنطقة اليورو نحو التراجع، ما يعد قطعاً مصدراً للتفاؤل، إذ يعوض جزئياً تباطؤ الطلب".

سجلت أسواق الأسهم والعملات بالدول النامية أقوى بداية لسنة منذ فترة التسعينيات من القرن الماضي، وشهدت السندات أفضل مستوى من المكاسب منذ ما يفوق عقد، إذ بدأت عودة المستثمرين الذين ظلوا بعيدين خلال مكافحة الصين لوباء فيروس كورونا، وتتفاءل شركة "جيه أيه إم أيه أسيت مانجمنت" (GAMA Asset Management) بحدوث صعود للأسواق الناشئة الشهر الماضي، كما تزيد شركة "فيديلتي إنترناشيونال" (Fidelity International)، التي كانت ترجح حدوث هبوط في أغلب فترات العام الماضي، من استثماراتها حاليا في الأصول، وتعطي الأفضلية للصين وأميركا اللاتينية.

قال راجيف دي ميلو، مدير محفظة الاقتصاد الكلي العالمي لدى "جيه أيه أم أيه": "شكلت سياسات الصين الداعمة للنمو آخر محرك كنت أنتظره وستصبح تايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا أكبر المستفيدين من ارتفاع الطلب الصيني على السلع الأساسية، بينما سيزداد انكشاف تشيلي والبرازيل وإندونيسيا وجنوب إفريقيا على الصين من خلال صادراتها من السلع الأساسية، سيحقق فتح السفر الدولي الفائدة أولاً لأقرب الوجهات السياحية للصينيين على غرار تايلاند".

بالإضافة إلى ذلك، أعطى تراجع وتيرة انكماش نشاط التصنيع في الصين لمحة حول بدء عودة قوة النشاط الاقتصادي، بينما لا يزال الصعود المحدود لتضخم أسعار المستهلكين يتيح مجالاً للبنك المركزي لتعزيز برامج التحفيز المالي. ويتوقع بنك "مورجان ستانلي" تواصل زيادات سعر صرف اليوان، ويشير خبراء استراتيجيون للاقتصاد الكمي إلى أن صناديق التحوط ومديري الثروة الذين ينتهجون خططاً طويلة الأجل فقط بدأوا في البحث عن أفكار خاصة بالأسهم في سوق البر الرئيسي الصيني، وزاد مصرف "بي إن بي بارايبا" من مستهدفاته لمؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة، قائلاً إن دعم السياسات سيكفل تجاوز معدل النمو الصيني 5% العام الجاري.

بدأ ظهور معارضين لحالة التفاؤل المنتشرة، وفي ظل عودة الحياة بقوة للمصانع الصينية، يناقش المستثمرون وجود مخاطر نتيجة تنامي ضغوطات التضخم لمدة طويلة قبل ترسيخ محفزات النمو.

يشير بنك "يو بي إس غروب" إلى أن سعر صرف اليوان المرتفع، وإعادة فتح الاقتصاد الصيني يظهر بصورة أفضل من خلال الأسهم ومعدلات العوائد، وكتب خبراء استراتيجيون على رأسهم مانيك نارين، أنه عند تحليل الموقف عبر منظور ميزان المدفوعات، فإن العملة الصينية ستخسر الكثير نتيجة إعادة فتح الاقتصاد.

يتجه بعض من المحللين إلى ما وراء ذلك، ويثيرون مخاوف حدوث ركود تضخمي، وهي الفترة التي تتسم بوجود معدل تضخم مرتفع بالتزامن مع نمو اقتصادي محدود، تؤثر الهواجس من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتذرع بالضغوط التضخمية التي تتسبب فيها الصين للاستمرار في سياساته النقدية المتشددة أيضاً، سلباً على التوقعات المستقبلية.

عاجل