رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«ذا دبلومات»: الهند مؤهلة لاحتلال مكانة عالمية في صناعة أشباه الموصلات

نشر
علم الهند
علم الهند

اعتبرت دورية "ذا دبلومات" الأمريكية المتخصصة في الشأن الآسيوي أن الهند مؤهلة لتصير لاعبا رئيسيا في صناعة أشباه الموصلات إذا ما أوفت الولايات المتحدة بوعدها في توسيع شراكتها في بناء أشباه الموصلات معها.

وذكر تقرير دورية "ذا دبلومات" أن الولايات المتحدة ترغب، في إطار سعيها لعزل سلاسل التوريد التكنولوجية المهمة عن الصين، في توسيع شراكتها مع دول أخرى، كما تعهدت واشنطن بمساعدة الهند في بناء هذا القطاع، لذا تتوقع الهند أن تجلب استثمارات إجمالية تبلغ حوالي 25 مليار دولار نتيجة لخطة الحوافز الخاصة بها، التي تهدف إلى تعزيز التصنيع المحلي لأشباه الموصلات، وجعلها لاعبًا رئيسيًا في سلسلة التوريد العالمية.

وأشار التقرير إلى أن حكومة الهند لديها خطة طموحة لتصبح البلاد رائدة في مجال التكنولوجيا المتطورة، مع استخدام أشباه الموصلات باعتبارها "لبنة البناء الأساسية"، ففي العام الماضي، أقرت الحكومة برنامجًا لإنفاق 10 مليارات دولار لتطوير صناعة أشباه الموصلات في سياق شراكة أمريكية، وعلى خلفية عدم ارتياح الهند والولايات المتحدة تجاه نفوذ الصين المتزايد في قطاع أشباه الموصلات، تبدو الشراكة خطوة طبيعية.

وفي غضون ذلك، قال نائب رئيس رابطة الهند للإلكترونيات وأشباه الموصلات، سونيل جيأتشاريا، إن معظم شركات أشباه الموصلات الأمريكية تتمتع بالفعل بحضور جيد في الهند، وتشارك الهند في هذه الصناعة في مجال تصميم أشباه الموصلات والتحقق من صحتها وخدمات الدعم الأخرى، كما أن هناك العديد من اللاعبين المحليين الذين يقدمون خدمات التصميم للشركات العالمية عبر قطاعات الصناعة.

ورجح جأتشاريا تطلع شركات أشباه الموصلات الأمريكية إلى توسيع أو إنشاء تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، بعد إقرار الإدارة الأمريكية لقانون خاص مؤخرًا لدعمها، كما أن هناك احتمالا كبيرا بأن تفكر في توسيع نطاق تصميمها، والبحث والتطوير، وخدمات الدعم في الهند.

وأكد أن العديد من الشركات العالمية العملاقة في صناعة أشباه الموصلات تتبنى سياسة لتقليل اعتمادها على الصين في التصنيع، لذا أصبحت الهند أحد المستفيدين الرئيسيين من هذه السياسة، لا سيما في صناعة أشباه الموصلات والصناعات المرتبطة بها، كما تلقت صناعة أشباه الموصلات الهندية تعهدات باستثمارات بملايين الدولارات من التكتلات المحلية، وزادت المعاهد الأكاديمية ذات المستوى العالمي في الهند من تركيزها على البحث في مجال تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة.

وأشار إلى نمو صناعة أشباه الموصلات لتبلغ 27.2 مليار دولار العام الماضي، متوقعًا أن تنمو إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2026، ما يعد معدل نمو سنوي بنسبة 19%، لكن الملاحظ انه لم يتم تصنيع أي من هذه الرقائق من البداية إلى النهاية في الهند حتى الآن، على الرغم من أن الشركات الأمريكية أبدت الكثير من الأمل في الهند، إلا أنه لا يزال هناك تباين بين الوعود والتنفيذ.

واعتبر أن الحوافز لتصنيع أشباه الموصلات التي قدمتها حكومة الهند تمثل فرصة للشركات الأمريكية لتوسيع قدراتها في الهند، والاستفادة من القوى العاملة الماهرة في الهند لبناء القدرات والاستثمار في تحفيز البحث والتطوير في أشباه الموصلات والصناعات ذات الصلة، إذ "وضعت كل من حكومة الهند والحكومات في الولايات [الهندية] سياسات للمساعدة في تسهيل ممارسة الأعمال التجارية للشركات الأمريكية"، متوقعا أن تكون الهند مركزا للابتكار في صناعة أشباه الموصلات؛ مما يساعد في تطوير التقنيات في العديد من المجالات المختلفة، بما في ذلك البناء واللوجستيات.

ومن جانبه، قال الأكاديمي الهندي أستاذ العمليات وعلوم البيانات، أبيناف كومار شارما، إنه لا يزال هناك الكثير من الأشياء المجهولة للتنبؤ بنطاق ومستقبل الهند والولايات المتحدة بشأن شراكة أشباه الموصلات، لافتا إلى أن الهند لا تزال دولة ناشئة في صناعة أشباه الموصلات، بينما تركز الحكومة على توفير قوة دفع لقطاع التصنيع من خلال مخطط الحوافز المرتبطة بالإنتاج.

وأضاف: "تاريخيًا، عانى قطاع التصنيع الإلكتروني في الهند بسبب الافتقار إلى البنية التحتية الملائمة، وسلسلة التوريد المحلية واللوجستيات، وارتفاع تكلفة التمويل، والتركيز المحدود على البحث والتطوير من قبل الشركات"، مؤكدا أنه من خلال مخطط الحوافز المرتبطة بالإنتاج والسياسة الوطنية بشأن صناعة الإلكترونيات، تشجع الحكومة الصناعات على تطوير المكونات الأساسية والمنافسة عالميًا، وتشجيع التصنيع المحلي وجعل الهند أكثر اعتمادية على قدراتها، لتصبح واحدة من أكثر الوجهات جاذبية في آسيا للإلكترونيات وأشباه الموصلات.

وتابع أن التكلفة اللوجستية الحالية مقابل الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حوالي 16% في الهند، التي ستنخفض بشكل كبير مع التحسينات المتوقعة بسبب التوسع في هذا المجال، كما يمكن للولايات المتحدة أن تكون شريكًا مهمًا للهند في ضمان سلاسل توريد أكثر سلاسة.

وأشار إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى نقص حاد في الغاز الخامل، وهو أمر بالغ الأهمية لتصنيع رقاقة أشباه الموصلات، وأردف أن التعاون واسع النطاق بين الهند والولايات المتحدة يسهم في التخفيف من تفاقم المشاكل الناشئة عن مثل هذه الظروف العالمية المتقلبة.

وفي المقابل، نوه المؤتمر الوطني الهندي (الحزب المعارض) إلى أن البلاد لم تكن قادرة على تخصيص رأس المال اللازم لتطوير مثل هذه الصناعة المعقدة كثيفة رأس المال، ففي عام 2019، بلغت واردات الهند من أشباه الموصلات 21 مليار دولار، ونما هذا الرقم بمعدل 15% كل عام، معربا عن رأيه أن مذكرة التفاهم الموقعة بين ممثلي الصناعة في الولايات المتحدة والهند تبدو وكأنها خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تقدم أي شيء جوهري.

فيما يرى المتحدث باسم المؤتمر الوطني الهندي، باوان خيرا، حسبما نقلت عنه "ذا دبلومات"، أن اتفاقية التعاون تبدو وكأنها لعبة جيوسياسية أكثر منها صفقة تجارية، وأن الولايات المتحدة تريد فقط تقويض الهيمنة الصينية في تصنيع أشباه الموصلات وتغري الهند للعب دور الوكيل الإقليمي في هذه اللعبة، داعيًا بلاده لتعزيز صناعتها الخاصة لتظهر كمورد عالمي لأشباه الموصلات.

وتابع أن الولايات المتحدة ركزت دائمًا على تطوير صناعتها الخاصة، وشدد على أن الهند يجب ألا تفقد التركيز أثناء التعامل مع اللاعبين الكبار، عبر بناء صناعة مستقلة خاصة بها بدلاً من أن تكون شريكا صغيرا في مذكرات التفاهم غير الجوهرية والصفقات أحادية الجانب.

وحذر أنه في حال سمحت الهند لهذه الصفقة بالمضي قدمًا، فسوف يتسبب ذلك في حدوث انهيار كبير في صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها؛ مما سيكون له تداعيات كبيرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد في هذا القطاع، مشددا على نهج التوازن الصحيح بين قبول الشراكة الأمريكية مع عدم السماح لواشنطن بإملاء الشروط.
 

عاجل