رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

سلاح المشاة.. أسود التهمت العدو على أرض سيناء في حرب الكرامة

نشر
سلاح المشاة
سلاح المشاة

تصدى سلاح المشاة في حرب أكتوبر 1973، إلى الهجمة المُضادة لسلاح المركبات الإسرائيلية، بعد ساعة تقريبًا من عبور جنودنا للضفة الشرقية بسيناء، بعدما تحركت مجموعة من الدبابات الإسرائيلية التى كانت مُتمركزة على بُعد بضعة أميال من الضفة، لصد الهجوم المصرى الكاسح، وردع الدبابات المصرية التى عبرت من خلال الجسور التى تمت إقامتها على ضفتى قناة السويس.

سلاح المشاة 

استطاع رجال المشاة من قواتنا المسلحة، أن يواجهوا تلك الهجمات بكل بسالة ليسيطروا على الضفة، ويساعدوا فى رفع أعلام الوطن على أراضينا منتصرين.

سلاح المشاة والتجهيز لحرب أكتوبر 

وعقب هزيمة 1967، اعتقد الساسة الإسرائيليون، أن مصر باتت جثة هامدة، وأن الحرب قد انتهت، كانت قوات المشاة، كغيرها من قوات الجيش، تقوم بالتدريب الشاق على جبهة القناة، وفى عمق الدولة، وعلى أرض مشابهة لمسرح الحرب المقبلة، وقد أجرت العديد من المشروعات التدريبية على جميع المستويات، وحتى مستوى الفرقة المشاة، والتجارب المكثفة، على اقتحام الموانع المائية، والساتر الترابى، وتدمير النقاط القوية والحصينة، بالإضافة إلى الرماية الليلية والنهارية المستمرة، بالذخيرة الحية، بكفاءة عالية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه ديان، أمام أعضاء الكنيست والحكومة، فى شهر يوليو من عام 1973، إن القوات المصرية لكى تعبر قناة السويس وتقتحم خط بارليف، يلزمها سلاحى المهندسين الروسى والأمريكى معًا، كان الجيش المصرى يجرى التجارب العديدة للقوات، من أجل عبور قناة السويس، واقتحام خط بارليف، ثم كان ابتكار أحد الضباط المصريين، بتنفيذ الفتحات الشاطئية فى خط بارليف بواسطة مدافع المياه، وتم التدريب الشاق عليها على أرض مشابهة لمسرح العمليات فى العمق.

سلاح المشاة 

وفى اجتماع الأول من أكتوبر 1973، قال ديان: "بعد عيد الغفران، سوف أقوم بتأديب المصريين والسوريين، وسيكون الدرس الذى سأعطيه لهم قاسيًا"، بينما قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلية، جولدا مائير لديان، فى صباح يوم الخامس من أكتوبر: "لقد آن الأوان كى نؤدب العرب"، ولم يكن أحدهما يدرى أن قوات الجيش المصرى فى هذه اللحظة، كانت قد وصلت إلى أعلى درجات الكفاءة والاستعداد، تنتظر إشارة الأخذ بالثأر لشهدائها، وتحرير الأرض المحتلة.

حرب أكتوبر وساعة الصفر 

وعندما حانت لحظة الصفر، بدأ الطيران فى ضرب أهداف العدو فى عمق سيناء، ثم بدأ 1500 مدفع، فى عمل تمهيد نيرانى متتالٍ على خط بارليف، وحان دور أسود المعارك، من جنود قوات المشاة، الذين حملوا 750 قاربًا مطاطيًا، ونزلوا إلى قناة السويس، قبل أن تفرغ المدفعية من ضرباتها، وقبل ذلك بيوم استطاع أفراد من قوات الصاعقة عبور قناة السويس سباحة، والوصول إلى مخازن النابالم وتعطيلها.

وبدأ هجوم قوات المشاة المصرية، حينما عبروا القناة، واقتحموا خط بارليف، ورفعوا العلم المصرى عليه، بعد أن كانت إسرائيل تقول عنه إنه لا يقهر، ثم بدأت الهجمات المصرية على العدو الإسرائيلى، الذى كان جنوده يفرون وينسحبون من المعركة الضارية، فكانت الغلبة لجنود المشاة المصريين، الذين أقاموا رؤوس جسور على الضفة الشرقية من القناة، بعد أن أفقدوا العدو توازنه فى 6 ساعات.

وتصدى جنود المشاة لغارات الطيران الإسرائيلى المنخفضة، التى كانت تظن أنها تستطيع إرهابهم، لكنهم ردوا على تلك الغارات بشجاعة فريدة، فأسقطوا 4 طائرات بالأسلحة الخفيفة، واحتلوا أكبر مساحة من الأرض داخل سيناء، كما واصلوا فتح ثغرات، تقدموا من خلالها إلى عمق سيناء.

وقاد سلاح المشاة، اللواء أركان حرب محمد عبدالمنعم الوكيل أثناء حرب أكتوبر 1973 وهو أحد القادة الذين أشرفوا على عملية العبور، وكان قائدًا لمنطقة الجوف فى حرب اليمن 1962، ووالده هو المستشار كامل باشا الوكيل رئيس مجلس الشيوخ سابقًا.

تخرج الوكيل فى الكلية الحربية عام 1946 شارك فى حرب فلسطين سنة 1948، وحرب السويس سنة 1956 وكان قائدًا لمنطقة الجوف فى حرب اليمن وكان واحدًا من الجنرالات السبعة الذين فاخرت إسرائيل بأسرهم سنة 1967، ثم بعد تبادل الأسرى عاد إلى الخدمة وشارك فى أقوى وأشرس الحروب ضد العدو وهى حرب الاستنزاف، ثم تولى بعد ذلك إدارة سلاح المشاة فى حرب أكتوبر وتم تجديد مدة خدمته مرتين بعد بلوغه سن المعاش.

 أبطال سلاح المشاة

ويعد العميد صابر كاسح العشيبى، أحد قادة حرب أكتوبر المجيدة وقاد كتيبته فى سلاح المشاة إلى 18كيلو فى عمق سيناء تحت قذف وهجوم عنيف لطيران العدو الصهيونى، وقد أسس هذا السلاح الفريق سعد الدين الشاذلى لتنفيذ عمليات حربية فقط.

لذلك فقد تعرضت كتائب هذا اللواء لهجوم عنيف من القوات الإسرائيلية، وتم تدمير كتيبتين بالكامل منه كتيبة المقاتل صابر كاسح والذى تمكن رغم ذلك بالخروج بجميع أفراد السرية التى يقودها سالمين ليستكملوا عملياتهم العسكرية مع قوات الجيش الثالث غرب قناة السويس عقب وقوع ثغرة الدفرسوار.

وقد  تخرج العتيبي، فى الكلية الحربية فى شهر سبتمبر 1972 وتم توزيعه على اللواء مشاة أسطول بالإسكندرية، وتوفى منذ أيام قليلة بعد صراع مع المرض، وتم دفنه  فى مدينة مرسى مطروح، عن عمر يناهز 69 عاما بعد صراع مع المرض.

سلاح المشاة 

ومن العميد صابر كاسح العشيبى إلى اللواء نجيب عوض روفائيل، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، وأحد مقاتلى سلاح المشاة  الذى أكد أن «أبطال سلاح المشاة دائمًا ما يجسدون روح الشجاعة والإقدام، فهم باكورة الموجات التى تنطلق فى الحروب، لمواجهة العدو وجهًا لوجه».

 وأضاف روفائيل، أنه «خلال الحرب كان فى نطاق الجيش الثالث الميدانى، وتحديدًا فى منطقة جنوب البحيرات التى كانت من النقاط القوية على الجبهة»، مشيرا إلى أن «الاستعداد القتالى الفعلى بدأ بعد حرب الاستنزاف؛ حيث مررنا بعدة مراحل للتجهيز منها مرحلة الصمود لإعداد القوات والتجهيز الهندسى للشاطئ الغربى للقناة ثم مرحلة الردع ثم مرحلة الحسم».

وأضاف، أن مهمتى كانت التقدم إلى أماكن تمركز قوات أو وحدات الجيش الإسرائيلى فى منطقة تمركز كتيبتى، وأهم ما كنا نسعى له هو التقدم إلى الناحية الشرقية بقدر المستطاع ورفع العلم المصرى على كل نقطة نتقدم إليها، لتحقيق تراجع لقوات وجيش العدو، وكنا نحارب بغضب نحمله بداخلنا خلال 6 سنوات من مرارة الهزيمة، وبشجاعة وبسالة، لذلك نال العديد من زملائى الشهادة وكان يجب على البقية الثأر لمن رحلوا بشرف دفاعًا عن تراب هذا الوطن».

وواصل: كُلفت بمعاونة باقى أفراد جيشنا العظيم لتطوير الهجوم باتجاه الجنوب، ناحية رأس سدر والطور وشرم الشيخ للوصول لأكبر نقطة حصينة وهى عيون موسى، وقمت أنا وزملائى بالتقدم نحوها، مرحلة بعد أخرى، حتى وصلنا إلى المنطقة المستهدفة فى عيون موسى؛ حيث تقدمنا نحوها بحذر، وفى هذا التوقيت خرجنا من منظومة الدفاع الجوى الذى تحول إلى دفاع أرضى فكانت الغارات شبه يومية».

وأفاد روفائيل، بأنه عندما أصيب لم يكن يشعر أنه مصاب، واستمر يقاتل لساعات، قائلا: «أثناء الحرب وفى أيام الصمود وتحديدًا يوم 14 أكتوبر 1973 قامت قوات العدو الإسرائيلى بقصف المنطقة التى استردتها قواتنا المسلحة، وأطلق العدو صاروخًا لاستهدافى أنا وزملائى فى الموقع».

وأضاف: «كنت أرى الصاروخ يتجه نحونا بعينى فعلمت أنها لحظة رد الجميل والاستشهاد، ولكنه نزل على مقربة منا بمسافة 20 مترًا تقريبًا، ولم أصدّق للحظات، وانتبهت سريعًا وقمت باستكمال مهمتى ولكننى فقدت أحد أعز أصدقائى؛ حيث كان أكثرهم قربًا من موقع نزول الصاروخ فأصيب البطل واستُشهد على الفور، وما كان منّى إلا أن انطلقت لاستكمال المهمة والانضمام إلى باقى الصفوف وفقًا للخطة المعدة، وعقب رجوعى للكتيبة بَعدها بساعات اكتشفت إصابتى بالعديد من الشظايا المتفرقة فى أنحاء جسدى».

عاجل