رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

شركات اختبارات كورونا في الصين تعاني لتحصيل مستحقات بالمليارات

نشر
مستقبل وطن نيوز

يعد اختبار كورونا جزءًا أساسيًا من استراتيجية الصين لاحتواء الوباء، لكن الشركات التي تقدم مثل هذه الخدمات تجد صعوبة في تحصيل أموالها في الموعد المحدد.

تقول شركات التشخيص إن الاختبارات تستنزف مواردها المالية، إذ يستغرق العملاء وقتاً أطول لدفع مستحقاتهم، وحذرت شركة "ديان دياجنوستيكس غروب" (Dian Diagnostics Group)، ومقرها هانغتشو، وهي واحدة من أكبر مزودي اختبارات كوفيد في الصين، من أن هناك خطراً متزايداً من شطب بعض الفواتير التي لم تُسدد بعد واعتبارها ديوناً معدومة.

تنمو هذه الفواتير سريعاً؛ حيث أبلغت ثمانية من كبرى شركات اختبار الفيروسات المدرجة بالسوق عن زيادة مجمعة قدرها 14.1 مليار يوان (2 مليار دولار) في الحسابات مستحقة الدفع اعتبارًا من 30 يونيو، أو زيادة نسبتها 73% عن العام السابق، بحسب حسابات "بلومبرج"، تأتي "شنغهاي لابواي كلينيكال لابوراتوري" ضمن هذه الشركات، حيث شهدت قفزة كبيرة نسبتها 189% في الديون المستحقة التي لم تسدد في حينها.

يؤكد تأخير سداد المدفوعات التكلفة المتزايدة، مالياً واقتصادياً واجتماعياً، لنهج الرئيس الصيني شي جين بينج الصارم للتصدي لانتشار المتحورات الفرعية من أوميكرون، وتستخدم الصين بشكل متزايد مجموعة من الاختبارات الجماعية وتفرض عمليات إغلاق على مستوى المدينة عند ظهور حالات إصابة في كل مقاطعة.

في مدن مثل بكين وشنغهاي، التي لم يتم إغلاقهما، يحتاج السكان إلى إجراء اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) كل ثلاثة أيام من أجل استخدام المنشآت العامة أو الذهاب إلى العمل.

الحكومات المحلية، المسؤولة عن تغطية تكلفة الاختبار الشامل، تواجه ضغوطاً، إذ تتضرر الإيرادات المالية من تراجع الأنشطة التجارية، بينما يتزايد الإنفاق المرتبط بكوفيد، علاوة على الاختبارات، تشمل هذه النفقات بناء مراكز حجر صحي وتقديم إعانات لقطاعات الأعمال المتضررة بشدة، كذلك، تستهدف الحكومات عقاقير جديدة للحد من الأمراض الخطيرة.

تعتقد ميا هي، محللة الرعاية الصحية لدى "بلومبرج إنتليجنس"، أن أحد الأسباب الكامنة خلف تلك الضغوط يتمثل في ميزانية الاختبارات في بداية العام والتي ربما لم تُقدر جيداً، بالنظر لعمليات الإغلاق غير المتوقعة التي أعقبت ذلك، وقد يؤدي هذا إلى تأخير الدفع لمصنّعي الاختبارات.

صنفت شركات الاختبار مقدار المدفوعات المستحقة المتزايد ضمن أهم المخاوف في تقاريرها المالية الأخيرة.

تمتلك "ديان دياجنوستيكس" ديوناً مستحقة بقيمة 10.7 مليار يوان، ارتفاعاً من 5.4 مليار يوان قبل عام، وفقاً لتقرير أرباح النصف الأول، الذي قال إن الزيادة "تسلط الضوء على مخاطر الديون المعدومة"، وحذرت شركة "غوانغتشو كينجمد دياجنوستيكس غروب"  في تقريرها المالي من أن تسوية بعض رسوم الاختبار قد تتأخر، مضيفة أن كوفيد قد يفاقم سوء إدارة بعض المؤسسات والعيادات الطبية الخاصة، بالتالي زيادة احتمالية ظهور ديون معدومة.

من جهتها، أدرجت شركة "شنغهاي روندا ميديكال تكنولوجي" (Shanghai Runda Medical Technology) الحسابات المطالب بها المتزايدة باعتبارها أحد المخاطر الرئيسية لديها، وقالت في تقرير أرباحها إنها تشهد "فترات أطول لتلقي مدفوعات من العملاء وتواجه ضغوطاً متزايدة بسبب هذا الأمر".

لاحظ المستثمرون هذا الأمر، إذ يتم تداول أسهم "شنغهاي لابواي" بالقرب من أدنى مستوياتها منذ مارس، وعزت الشركة سبب صافي التدفق النقدي السلبي في الأنشطة التشغيلية إلى التكاليف الخاصة بفترة السداد الطويلة لاختبارات كوفيد المعملية، وفقاً لبيانها المالي.

كما انخفضت أسهم "ديان دياجنوستيكس" بنسبة 15% منذ أعلى مستوياتها في مايو، فيما أغلقت أسهم شركة "كينجمد دياجنوستيكس" الأسبوع الماضي عند أدنى مستوياتها في أكثر من عامين.

ضغوط متصاعدة

لا شك أن هذه الضغوط ستتصاعد على الأرجح وسط اتخاذ الصين نهجاً أكثر شدة للحد من تفشي الفيروس، وأغلقت البلاد نحو 33 مدينة بشكل كلي أو جزئي في ظل التفشي الحالي، وفقاً لتقرير صادر عن وسائل الإعلام المحلية "كايكسين" (Caixin)، وأوضحت وسائل الإعلام أن أكثر من 65 مليون مواطن علقوا وسط تفشي الوباء.

وسجلت الصين 1334 حالة إصابة محلية جديدة بكوفيد يوم الأربعاء الماضي، لتتجاوز بذلك 1000 إصابة في اليوم، ومددت مدينة تشنغدو الضخمة عملية الإغلاق التي استمرت لمدة أسبوع في معظم مناطق وسط المدينة بعد ارتفاع عدد الإصابات، وقالت السلطات إن الاختبارات الجماعية ستستمر وتعهدت بالتصدي لتفشي الفيروس في المجتمع في غضون أسبوع.

في مواجهة الميزانيات المحدودة، يحاول مسؤولو الصحة أيضاً زيادة مواردهم المالية، وربما يعطون الأولوية للتمويل المقدم لمجال تطوير وتصنيع عقاقير كوفيد على اختبارات (PCR) هذا العام، إذ تعد العقاقير المضادة للفيروسات خط الدفاع الأخير ضد العدوى الشديدة، بحسب هي، من "بلومبرج إنتليجنس".

تراجعت الإيرادات العامة الوطنية بنسبة 10.2% في النصف الأول من العام عن العام السابق، بينما ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5.9%، وزاد الإنفاق على الرعاية الصحية بنسبة 7.7%، وزادت بكين إنفاقها بنسبة 24% لدعم تدابير الوقاية من كوفيد، وتبنت شنغهاي "الدفع المعجل" للمشاريع الرئيسية مثل الوقاية من كوفيد.

مع ذلك، وبالنظر إلى أهمية الاختبار الشامل لسياسة "صفر كوفيد" الصينية، وقدرة بكين على دعم الحكومات المحلية حسب الحاجة، لا يُرجّح أن تفشل شركات التشخيص في تلقي مدفوعات مقابل خدماتها، حتى لو تزايدت حالات التأخير في السداد.

يعتقد جيالين تشانغ، المحلل في "نومورا هولدينغز"، أن الحكومات المحلية ستتعرض لضغوط لدفع أجور شركات الاختبار في الوقت المناسب وذلك بحسب مواردها المالية.

يرى تشانج أن التنبؤ بموعد انخفاض مخاطر الديون المعدومة صعب لأنها تعتمد على حالات الإصابة بكوفيد وموقف السلطات وتوافر التكنولوجيا الأخرى وعقاقير كوفيد.